هذا المقال هو بحثٌ علميٌ يُفسر تطور الأديان من النّاحيةِ العلميةِ كنتيجةٍ حتميةٍ لتطور الإنسان، المقال لا يتطرق إلى دينٍ معينٍ وإنّما ظاهرة الإيمان والطّقوس الدّينية بشكلٍ مجردٍ؛ سأقدم لكم مجموعةً من الغرائز البقائية التي تطورت لدى الإنسان وتجسدت نتائجها بالصّيغة الدّينية؛ ربما كوب من الشّاي أو القهوة سيكون مفيدًا، لأنّ المقالة طويلةٌ بعض الشّيء.
هيكلية المقال هي كالتّالي:
- أولًا: الغرائز والخصائص المؤثرة بالتّدين بشكلٍ عامٍ.
- ثانيًا: بناء الفرضية استنادًا على الدّلائلِ المعروضة.
- ثالثّا: تلخيص الفكرة ووصف الحالة الدّينية بشكلٍ شاملٍ.
لنذهب 4 مليون سنةٍ إلى الوراء ولنتخيل الإنسان القديم وهو يطوف في الأدغال باحثًا عن الطّعام، يقظًا ألّا يقع عرضة الافتراس. في حال سماع هذا الإنسان لصوتٍ مجهول المصدر من بين الأعشاب يرتعب ويهرب لأنّ من مصلحتهِ البقائيةُ افتراض السّيناريو الأسوأ واعتبار أنّ حيوانًا مفترسًا يُضمر له شرًّا؛ إذ أخطأ الإنسان بافتراضه فهي ليست بمشكلةٍ لأنّ التّكلفة بسيطةٌ (القليل من الأدرنلين) ويكمل طريقه دون أذًى؛ أمّا على افتراض أنّه كان يوجد حيوانٌ مفترسٌ متربصٌ بالإنسان وبعد سماع الصّوت افترض الإنسان أنّ الصّوت مجرد صوت الرّيح فإنّ النّتيجة محسومةٌ؛ أصبح ذاك الإنسان عشاءً.
إذًا الإنسان لا يستطيع أن يخطئ ولا مرةً واحدةً في عدم افتراض الخطر؛أنت تفترض وجود لصٍ في منزلك في حال إن سمعت صوتًا غريبًا لأنّ هذا الاحتمال هو الأفضل لحماية نفسك؛ تفترض أنّ شبحًا (كائنٌ غير مرئيٌ) حرّك الباب لأنّه جوابٌ سريعٌ ومريحٌ و يفي بالغرض (حماية نفسك) مقابل أن تُضيع وقتك وأنت تُفكر وتُحلل العوامل الفيزيائية التي تسببت في حركة الباب؛ فأنت تفترض أكثر الاحتمالات خطرًا عليك لأنّ هذا الافتراض هو الأكثر ربحًا لك في طريقة التّعامل مع الخطر. من هذه النّقطة نستطيع أن نستنتج أنّ جميع البشر الموجودين اليوم هم من سلالة الإنسان الذّي لديه غريزة افتراض الخطر أولًا ثمّ التّحقق؛ تطور هذه الغريزة يعتمد بشكلٍ أساسيٍ على افتراض وجود عوامل مؤثرةٍ غير مرئيةٍ، هذا يعني أنّه لا يوجد مشكلةٌ منطقيةٌ لديك بافتراض عوامل وظواهر غير مرئيةٍ مؤثرةٍ في بيئتك؛ تخيل لو أنَّنا تطورنا بطريقةٍ يكون افتراض وجود عنصرٍ غير مرئيٍ مؤثرٍ افتراضٌ غير منطقيٍ وكأنّنا نفترض السّقوط من الأسفل إلى الأعلى، كيف كانت ستكون حياتنا اليوم؟.
مجلة الملحدين العرب: العدد الرابع والعشرون / لشهر نوفمبر / 2014
منشورات ذات شعبية