في هَذه الأيام الخوالي، اعتكفت أنا وحاسوبي على مشاهدة مسلسل ساهم في تغيير مجرى ونظرتي للحياة. ربما الكثير منكم ليسَ على اطلاع به ولا بقصته المستسقاة من أحداث واقعيّة. إنه مسلسل Spartacus في جزئه الأول blood and sand. أبهرني حقا. لقد أخذني في تلك الثلاثة عشر ساعات إلى العصر الروماني القديم، ليغير كل المفاهيم بشكل جذري عما معنى الحياة، الاعتقاد، الحياة الجنسية وما هي “الحدود” و”الضوابط” و”الطابوهات”. بقدر ما حاز هذا العمل الأمريكي من إبداع شركة STARZ، بقدر ما تملكني حزن شديد على موت الممثل الأسترالي الأسطوري Andy Whitefield، لقد أدمنته ذلك الشخص، نظرته وصوته وبراعته في التمثيل كارثيّة، لقد تقمص دور المجالد العبد الثائر Spartacus بإحكام لا مثيل له، قبل أن يلتهمه سرطان لمفاوي ويتوفى قبل إنهاء الجزء الثاني سنة 2011 و يترك زوجته و طفليه و ملايين العشاق له و لطريقة تمثيله و لكيفية مواجهته لحتف حياته. هذا السرطان الأرعن الأعمى الذي ترك “عبد الله” وذهب إلى “تحفة الله”. ثم تأتي و يُقال لك، القدر و المكتوب! زاد إيماني بعبثيّة الحياة أكثر فأكثر، عبثيّة أسطورة سيزيف الفتى الإغريقي الأسطوري للكاتب الجزائري الفرنسي ألبير كامو الذي قدر عليه أن يصعد بصخرة إلى قمة جبل، ولكنها ما تلبث أن تسقط متدحرجة إلى السفح, فيضطر إلى إصعادها من جديد, وهكذا للأبد، ليرى فيه الإنسان الذي قدر عليه الشقاء بلا جدوى، وقدرت عليه الحياة بلا طائل.

نعود للمسلسل الذي أثر فيَّ كثيراً ، كيف يحمل أبعادًا ليسَت فقط جماليّة و صوريّة و غرافيك منمق بل رسائل دفينة راعاها المُنتج لتصوير تلك الحقبة الزمنيّة “قبيل ميلاد يسوع سبايدرمان بقليل” بالضبط سره في إظهار الأبعاد الاجتماعية، ومعنى الصداقة الحقيقيّة تحت وقع الظلم و الفقر و الإجحاف ، و نظرة الإنسان لمواضيع كانت تُعتبر عادية في تلك الحقبة بينما تعتبر الآن من الطابوهات كالعبوديّة و الإباحيّة و العُنف و العُري و كذا، حتى أنه أثار بذلك الكثير من النقد من المحتوى الجنسي والعنيف.

مجلة الملحدين العرب: العدد الثاني / شهر يناير / 2013