من نحن؟

نحن مجموعة من الإعلاميين والكتّاب والصحفيين من مختلف الجنسيات والأعراق. أخذنا على عاتقنا حملة ذات أهداف طويلة الأمد تقوم على تثقيف المتصفح الناطق باللغة العربية من خلال برامج توعوية ومقالات وكتب صوتية ومجلات مقروءة ومسموعة على أمل النهوض بالإنسان في الشرق الأوسط وتجنيبه شرور وويلات الجهل وما يولده من حروب وأهوال لم تسلم منها المنطقة منذ قرون.

كان الهدف من إنشاء هذه القناة هو المطالبة بحق من حقوق الإنسان والذي يشمل الأقليات الموجودة في الشرق الأوسط ومنها تلك المجموعة التي تركت أديان آبائها وأجدادها واختارت أن تعيش حياتها خارج الأديان قاطبة. من حق كل إنسان أن يؤمن أو لا يؤمن بما يشاء وليس من حق الدولة أو أي أحد أن يتدخل في قرارات الإنسان الشخصية هذه.

مغزى تسمية الموقع

لماذا تم اختيار تسمية «قناة الملحدين بالعربي»؟ جاء تصنيف المشروع كقناة لأنه كان في البداية محاولة لخلق كيان يقدم محتوى مصور من البرامج التي ينتجها القائمون عليه، ويختص كما تشير التسمية، بشؤون الملحدين بالعربية. انبثقت القناة عن «إذاعة الملحدين العرب» والتي انطلقت عام 2011 بصورة برنامج حواري اشتمل عددًا من الناشطين. كانت الفكرة رائدة، فالدول والمجموعات البشرية التي تصل حجمًا وتنظيمًا كبيرًا بما يكفي تمتلك اليوم مَرافق ومنشآت، من أبرزها قناة أو إذاعة. بل إن بث قناة هو من أدوات إثبات الوجود العلني القليلة المتاحة لمجموعة لا تستطيع التواجد بشكل علني على أرض الواقع كالملحدين. ولكن لماذا «الملحدين» ولماذا «العرب»؟ كثيرون ينفرون من هذه الأوصاف لأسباب عدة، منهم من يقول أن لفظة الملحدين فظة تنفّر بدل أن تجتذب الناس، منهم من يقول أنها لا تمثل توجهه الفكري؛ لم لا تقولون اللادينيين أو العلمانيين أو العقلانيين، ثم ماذا عن اللاأدريين والربوبيين، هل تستثنونهم؟ ولكن الوصف الأكثر إشكالًا هنا هو «العرب»، فإن كان الخروج من الإسلام هو ما يجمعنا (رغم وجود العديدين بيننا ممن ليسوا من خلفية مسلمة)، أليس الأحرى نبذ الثقافة التي جاء بها الغزاة العرب الذين حملوا راية الإسلام؟ ماذا عن كل الثقافات والحضارات العريقة التي محاها هؤلاء الغزاة واستعبدوا أهلها وخيراتها؟ لماذا لا تقولون «الملحدين الناطقين بالعربية» أو «ملحدي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» أو غيرها من الأوصاف التي تعبر عن هوية من تصفون؟ 

حتى نجيب باختصار عن هذه الاعتراضات لنتخيل أننا غيرنا اسمنا إلى شيء مثل: «قناة اللادينيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، هذا قد يؤدي الغرض، ولربما لو أننا قررنا إنشاء هذا المشروع الآن، لعلنا حاولنا اختيار اسم على هذا النمط، ولكن كل النقطة هنا هي أن مشروعنا لم ينشأ الآن وإنما يعود تاريخه إلى السنوات الأولى من الألفية، إلى مشروع سبق «إذاعة الملحدين العرب» هو منتدى «شبكة الملحدين العرب»، والذي نسميه تحببًا «المنتدى الأم» (يمكنكم تصفح أرشيڤ شبكة الملحدين العرب هنا). ولكن حتى في حينها، لم يكن هو المنتدى الوحيد، فتكنولوجيا إنشاء المدونات والمنتديات واستضافتها وإدارتها بشكل مستقل عن الدول والمجتمعات الإسلامية، جعلتها منصات ومنابر للحديث الناقد الحر وللحوارات الفكرية، ولنتذكر أن تسمية ملحد، قبل أن صارت تعني من لا يؤمن بإله، أتت في أصلها من القرآن لتعني الحيود أو الانحراف عن طريق الحق، فتبني هذا الوصف كان حينها فعل تمرد وتحد، فإن كان الحيود عن طريق الإسلام يجمعنا، فكلنا ملحدين، ولنتذكر أن «ملّة الكفر واحدة» بالنسبة للمتدين. كذلك في حينها لم تكن كلمة عرب قد خضعت للنقد الذي تعرضت له على مدى العقدين اللذين انقضيا منذ حينها، فهي لم تكن تعني انتماء لأمة عربية أو تعبيرًا عن مشاعر عروبية قومية، ولم تدّعي بأن الجميع يتحدث العربية أو يقدسها فوق غيرها، أو غير ذلك من مزاعم الحصرية التي لا تمت بصلة لتوجهات المشروع أو أهدافه. ورغم أن تسمية القناة تحولت لاحقًا إلى «قناة الملحدين بالعربي» لمعالجة هذه النقطة، فإن جوهر التسمية بقي كإرث استمر هذا المشروع في حمله على مدى عدة أجيال، وهو بلا شك لا يخلو من الإشكال، لكننا نتبناه بكل فخر ونشعر بثقل مسؤولية الاستمرارية في إدامته وصيانته، فهو كالزهرة الغضة التي نبتت في وسط صحراء مقفرة ونحن نرحب فيه باللادينيين بأطيافهم، نرحب فيه بكل الانتماءات القومية والعرقية، ولا فضل فيه لعربي على أعجمي لا بالتقوى ولا بغيرها. فمشروعنا بدأ وسيستمر تحت مظلة «الملحدين العرب».

ماضي وحاضر ومستقبل المشروع

رغم أن بذرة الموقع بدأت على شكل استضافة لـ«إذاعة الملحدين العرب» والمشاركين فيها، إلا أنه سرعان ما تحول إلى تجمع لعدد من المشاريع الأخرى المشتركة في الأهداف والرؤى، واشتملت على «شبكة ومنتدى الملحدين العرب» والذي كان قد تحول إلى مجموعة على الفيسبوك بعد أن تم تهكير المنتدى الأصلي ثم تم تحويله لفترة إلى موقع دعوي إسلامي (عادت منتدى الشبكة لاحقًا بصورة موقع تحت اسم «شبكة الإلحاد العربي»)، كذلك انضمت مجلة الملحدين العرب وبرنامج «البط الأسود» من تقديم إسماعيل محمد، راديو إلحاد 101 من تقديم جورداني أجنوستو. مع الوقت توقفت «إذاعة الملحدين بالعربي» عن إنتاج حلقاتها وتوقف إسماعيل محمد عن إنتاج «البط الأسود» واقتصر إنتاج راديو إلحاد 101 على عدد محدود من الحلقات، وقد أبقينا في أرشيڤ المحذوفات روابط للمحتوى القديم رغم اختفاء غالبيته. كذلك احتوى الموقع على عدد كبير من المقالات، بعضها نُشر مباشرة على الموقع سواء بمساهمات ممن كتبوا خصيصًا للموقع أو من مدونات لناشطين.

في أغسطس آب 2015 حصل الموقع على إعادة تصميم شبه تامة لتنسيق عمل كل تلك المشاريع ولتحديث مظهره العام. احتوى الموقع على أقسام مخصصة بالوثائقيات المترجمة ومكتبة تحتوي عددًا من الكتب المختارة بصيغة PDF. منذ ذلك الحين استمر الموقع بإضافة المحتوى بالتدريج، وتحديدًا في أقسام الوثائقيات والكتب، والأهم أنه ظل الموقع الرسمي للمجلة التي كانت ولا تزال تديرها هيئة تحرير مكونة من إداريي شبكة ومنتدى الملحدين العرب، إضافة إلى عدد من الكوادر الداعمة.

على مدى السنوات تعرض الموقع للكثير من الهجمات إضافة إلى الحجب في بعض الدول الناطقة بالعربية (وهو لا زال إلى اليوم محجوب في بعضها). تكللت محاولات المخربين بالنجاح في سپتمبر أيلول 2023 حيث تمكنت جهة ما من الاستيلاء على الموقع وتحويل محتواه إلى تصريح توبة مزعوم لمن أسموه «صاحب الموقع». تسبب ذلك بضرر كبير، لكن لحسن حظنا كان التحكم بالنطاق لا زال معنا، فأزلنا محتواهم، ولكنهم ليس قبل أن قاموا بحذف الموقع. وضعنا بعد ذلك واجهة مؤقتة وانخرطنا في استعادة الموقع من نسخة محفوظة جزئية، وقررنا إعادة هيكلة الموقع بشكل يتلاءم مع مرحلة جديدة، شملت تحويل المحتوى الذي أزيل مع الوقت إلى الأرشيڤ، ونقل المحتوى الأصلي إلى ثيم جديد. كما وأضفنا محتوى مصور حديث. وقد كانت فلسفتنا في هذا التحديث التأكيد على الدور التوثيقي للموقع، إضافة طبعًا إلى دوره في توفير محتوى أصيل ولعب دور منصة للخطاب الحر الناقد للدين والبحث الفكري غير المقيد.

والمقصود من التوثيق هنا أن الموقع يخدم دورًا أرشيڤيًا لخطاب وروح  هذه المرحلة المفصلية التي نمر بها، وقد وضعنا هذا الدور نصب أعيننا حين قمنا بتجهيز النسخة الحالية من الموقع. أما الدور الآخر فهو الترويج لعينات مختارة من المحتوى اللاديني المتداول في اللحظة الراهنة وتوفير منصة لتقديم هذا المحتوى، وإن كانت هذه النقطة أقل إلحاحًا مما كانت عليه في سنوات الموقع الأولى، حين كان الرواد الأوائل يبحثون عن منبر مخصص لتقديم المحتوى اللاديني بمنأى عن الرقابة، وحين كانوا فرادى يحتاجون دعمًا من بعضهم البعض لتكوين صوت أعلى وحضور أقوى، ومن المفرح حقًا رؤية أن أعدادنا كبرت لدرجة صار معها من الممكن لكل ناشط أو ناشطة أو مجموعة من الناشطين أن يقدموا محتواهم ويتفاعلون بشكل أكثر حرية بكثير من ذي قبل. هذا لا يعني في حال من الأحوال أننا وصلنا مرحلة تطبيع وجود اللادينيين والملحدين، فنحن لا نزال في المراحل الأولى رغم الأشواط التي قطعناها، فعبء 15 قرنًا لن يرتفع عن كاهلنا بجهود عقد أو عقدين من الزمان.

هذا المشروع هو منكم وإليكم، ونرحب بتواصلكم معنا، كما ونقدر دعمكم لنا لنستمر.