تكوين الجنين: بين الحقيقة وأوهام الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
المسلمون يبحثون عن أيّ ضوءٍ يعيد إليهم ثقتهم في أنفسهم ودينهم بعد أن أصبحوا في ذيل الأمم؛ بسبب تخلّفهم وجهلهم وتمسكهم بخزعبلات قرآنهم وسُنّة نبيهم، التي يؤمنون أشدّ الإيمان أن فيهما كلّ شيءٍ عن الدنيا، سابقها وحاضرها ومستقبلها، بل وفيهما كلّ شيءٍ عن الآخرة جنتها وجحيمها، يؤمنون أن قرآنهم فيه كلّ شيءٍ، بل إن فيه إعجازاً علمياً يفحم علماء الغرب الكفرة، فكلّ ما وصلوا إليه من علمٍ عن طريق البحث والتجربة لسنواتٍ طويلةٍ وجهودٍ شاقّةٍ موجودٌ ومسطورٌ منذ ألفٍ وأربعمئة عامٍ في كتابهم المقدّس ” القرآن ” ثم يخرجون للعلم والعلماء ألسنتهم، كلّما أعلن العلماء عن كشفٍ علمي جديدٍ.
بل لا يكتفي أباطرة ما يُسمّى بالإعجاز العلمي في القرآن بذلك، بل يتجرّؤون على العلم والعلماء ليستخرجوا آياتٍ من القرآن تشرح الحقائق العلمية التي وصل إليها العلم بعد جهدٍ جهيدٍ، ويلوون عنقها ويتلاعبون بمعانيها لتصبح مناسبةً للمكتشفات العلمية الحديثة، وهناك هيئةٌ تُسمّى هيئة الإعجاز العلمي في القرآن ميزانيتها بالمليارات تنفق على هذا الدجل العلمي، وحشو أدمغة المسلمين بهذه الخزعبلات، محاولةً تلبيس المكتشفات العلمية الحديثة ثوب القداسة، والزعم أنها موجودةٌ في آيات القرآن منذ عشرات القرون، لكنهم، أي علماء العرب لم ينتبهوا إليها حتى اكتشفها الغرب الكافر، ولعلّ أهمّ هذه المعضلات التي يسمّيها المسلمون ( إعجازيات فى كتاب الله ) هي خلق الإنسان، ومراحل تطور الجنين، وكيفية إتمام عملية الخلق أو التكوّن في أحشاء الأم، لكن رغم محاولات سماسرة الإعجاز العلمي المسلمين سرقة جهود العلماء على مدار مئات السنين ونسبتها لكتابهم المقدس، إلا أنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في ذلك، ليس ذلك فحسب، بل إن محاولاتهم لسرقة الإنجازات العلمية أدّت إلى كشف الأخطاء العلمية التي يزخر بها كتابهم المقدّس ” القرآن ” ورغم أن العلماء يقولون إن ما جاء من معلوماتٍ علميةٍ في كلّ الكتب الدينية، وعلى رأسها القرآن ما هي إلا مجرّد معلوماتٍ متداولةٍ في عصره ومعروفةٍ للناس في ذلك الزمان، وهي ليست من عند الإله وإلا لما وجدنا فيها هذه الأخطاء العلمية الجسيمة.
سنحاول في هذا الموضوع عقد مقارنةٍ بين خلق الإنسان ومراحل نمو الجنين في القرآن، وما وصل إليه العلم، وهل ما جاء في الكتاب المقدّس للمسلمين يتّفق مع العلم ؟
لعل أشهر ما يقدّمه لنا مدّعو الإعجاز العلمي في القرآن هو مراحل تطوّر نمو الجنين حين يقدّمون لنا الآيات الخاصة بها في سورة المؤمنون:
“ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ ( 12 ) ثم جعلناه نطفةً في قرارٍ مكينٍ ( 13 ) ثم خلقنا النطفة علقةً فخلقنا العلقة مضغةً فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين”
آياتٌ تتحدّث إلى المجتمع بلغته المتداولة حينذاك عن معجزة الخلق التي هي مجرّد خلق هذا الجنين دون التفاصيل العلمية التي يدّعونها، وعملية خلق الجنين والحمل والولادة في حدّ ذاتها اقشعر لها بدن الإنسان منذ العصر الحجري، ولم يكن وقتها محتاجاً لأيّ تفاصيل علميةٍ دقيقةٍ لتكون هذه معجزةً.
كانوا قديماً ينسبونها لقوى غامضةٍ، ثمّ نُسِبت بعد ذلك إلى قدرةٍ سماويةٍ خارقةٍ هي الله، وما يدّعيه أصحاب بازارات الإعجاز العلمي من أن هذه الآيات تتحدّث عن أمورٍ علميةٍ معاصرةٍ خطأٌ كبيرٌ؛ لأنّ المفاهيم القديمة والمتداولة وقت تأليف القرآن كانت تتحدّث عن أن الجماع وما ينزل منه من سائلٍ منويٍّ هو سبب الحمل، وحتى في سفر التكوين عندما أدين “أونان” لممارسته العادة السرّية كانت الإدانة بسبب أنه بهذه العادة يمنع النسل، وهذه معلومةٌ متداولةٌ لا تعني أيّ إعجازٍ، فإذا كانت النطفة تعني الحيوانات المنوية كما يزعمون، فالنطفة قطرة الماء، والعلقة دمٌ غليظٌ، ولا علاقة لها بالدودة ( العلق ) التي تحدّث عنها زعيم سماسرة الإعجاز العلمي زغلول النجار، والمضغة وغيرها من الأشكال لا علاقة لها بأطوار تكوّن الجنين، لكنها ببساطةٍ هي مراحلٌ شاهدتها القابلات والأمهات والناس حينذاك أثناء الحمل والإجهاض، فالإجهاض يتمّ في أيّ مرحلةٍ، ومن الوارد جداً عندما يحدث الإجهاض أن يصفه هؤلاء أنه شبه العلقة أو المضغة … الخ
كل هذا لا يعكس أيّ معجزةٍ علميةٍ حديثةٍ، فالمفاهيم القديمة لا تذكر أبداً دور البويضة، لكن تذكر مائي الرجل والمرأة، وهو الماء الذي ينزل منها عند الإيلاج ولا علاقة له بتكوّن الجنين، بدليل أن فهم محمّدٍ لهذه الأشياء كان مرتبطاً بمعتقدات ذلك الزمان، وعلى سبيل المثال الحديث الذي يجيب فيه محمّدٌ عن سؤال المرأة
“هل تغتسل إذا احتلمَتْ ؟ فردّ محمّدٌ – عندما قالت عائشة: تربت يداك – قائلاً: دعيها، وهل يكون الشبه إلا من قبل ذلك إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله، وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه الولد أعمامه “.
هذه المفاهيم وغيرها هي التي كانت سائدةً، ورغم أنها جاءت في القرآن والسّنّة إلا أنها لا تمّت للمعلومات العلمية الحقيقية بصلةٍ، فمثلاً لم نجد ذكراً في القرآن ولا السُّنّة عن مفهوم اتحاد الحيوان المنوي بالبويضة التي لم نجد لها ذكراً في ثقافة العرب القدماء، وبالتالي القرآن ، أمّا آية فكسونا العظام لحماً فتتحدّث أيضاً عن مفهومٍ قديمٍ لدى العرب الذين كانوا يعتقدون في خلق الإنسان على طريقة خلق الصنم أو التمثال، فكان يبدأ بصناعة الهيكل ثم يتم حشوه بالطين، ليتشكّل التمثال، وبالتالي نجد القرآن يتحدّث عن خلق العظام قبل العضلات، وهو ما يعتبره سماسرة الإعجاز إعجازاً حقيقياً، لكنهم سيندهشون حين يعرفون أن العظام واللحم يتكوّنان في نفس الزمن؛ لأن أيّ دارسٍ لعلم الأجنّة يعرف أن خلايا الجنين تنقسم إلى ثلاث طبقاتٍ : إكتوديرم وميزوديرم وإندوديرم، الأولى يتكوّن منها المخ والأعصاب والجلد، الثانية محور حديثنا، يتكوّن منها العظام والعضلات بالتزامن والتوازي وليس عظماً قبل لحمٍ كما كان القدماء يتصوّرون، أمّا الطبقة الأخيرة فيتكوّن منها الأمعاء والكبد …الخ .
أما مفهوم تشكيل الجنين من الماء الدافق بين الصلب والترائب فهو مفهومٌ أيضاً يتّسق مع المفهوم الذي كان يقول قديماً هذا الابن من صلبي أو من ظهري، وبالطبع كان يقولها القدماء قبل القرآن دون ادّعاء أيّ إعجازٍ، وكان رجال الدين اليهود والمسيحيون يحاولون نفس المحاولة مع سفر التكوين حين خاطب الله يعقوب قائلاً: ” وملوكٌ سيخرجون من صلبك ” وبالطبع تغيّرت الفكرة الآن، وعرفنا أن الحيوانات المنوية تفرز من الخصيتين وتسبح في سائلٍ من البروستانا والحويصلات المنوية، وبذلك نكون قد تأكّدنا من أن محاولات سماسرة الإعجاز العلمي في كلّ الأديان لإثبات الإعجاز العلمي في كتبهم محاولةٌ فاشلةٌ مفضوحةٌ .
وللزيادة في التوضيح والمقارنة بين ما جاء في القرآن في هذا الشأن، وهل يتفق مع العلم الحديث من عدمه، إليكم هذه المقارنة السهلة المدعّمة بالصور التوضيحية، التي ستكشف لكم دون أيّ عناءٍ الأخطاء العلمية الواردة في كتاب المسلمين المقدّس.
مصدر الحيوانات المنوية عند الرجل، والبويضة عند المرأة من ناحيةٍ علميةٍ:
أولا الرجل : السائل المنوي :
السائل المنوي يتكوّن من إفرازاتٍ تنتج في: الخصية، الموثة، غدة كوبر، الحويصلات المنوية، والمني يتكوّن من جزأين:
1- الخلايا الحيّة، وتُعرف بـالحيوانات المنوية، ومصدرها الخصية.
2- السائل البلازمي يساعد على بقاء الحيوانات المنوية حيّةً، ويمدّها بالطاقة .
ثانياً المرأة : البويضة :
البويضة تخرج من المبيضين على جانبي الرحم في البطن، وهذا من جانبٍ علميٍ.
تفسيرات من جانب ديني:
أما من الجانب الديني فقد بيّن القرآن حسب فهم علماء الدين أن مني الرجل يخرج من عظام الظهر، أو كما يسمّونه العرب الصلب، وماء المرأة يخرج من عظام الصدر، أو كما يسمّونه الترائب، وقال آخرون: يخرج من صلب الرجل وترائبه، وصلب المرأة وترائبها. ونذكر الأدلّة التي استندوا إليها :
أولاَ: القرآن:
سورة الطارق:
فلينظرْ الإنسان ممّا خلق، خُلقَ من ماءٍ دافقٍ يخرج من بين الصلب والترائب
سورة النساء:
وحلائل أبناءكم الذين من أصلابكم
سورة الأعراف:
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم
يبيّن القرآن هنا خروج المني من الصلب والترائب، وليس معنى من بين أيّ مكانٍ بين هذا وهذا، بل تعني منهما، وذلك لأن:
أ. من الدارج في اللغة العربية أن كلمة من بين تعني منهما.
ب. لا توجد في اللغة العربية أو أيّ لغةٍ أخرى تصف مكاناً في الجسم أنه بين عظام الظهر وبين عظام الصدر، فهذا التعبير ليس موجوداً في لغة البشر .
جـ. الآية الثانية تؤكّد على أن أصل الأبناء من الصلب.
د. الآية الثالثة تبيّن إخراج الله للذرية من الظهر .
ثانياً: السُّنّة النبوية:
1- عن نبي الإسلام أنه قال:
إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان – يعني : عرفة ، فأخرج من صلبه كلّ ذريةٍ ذرأها ، فنثرها بين يديه … الخ
2. وفي حديث أخر:
أَنَّ النَّبِيَّ قال “كَانَتْ رَوْحُهُ نُورًا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى، قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، يُسَبِّحُ ذَلِكَ النُّورُ، وَتُسَبّحُ الْمَلَائِكَةُ بِتَسْبِيحِهِ، فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ، أَلْقَى ذَلِكَ النُّورَ فِي صُلْبِهِ “، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: ” فَأَهْبَطَنِي اللَّهُ إِلَى الْأَرْضِ فِي صُلْب آدَمَ، وَجَعَلَنِي فِي صُلْبِ نُوحٍ، وَقَذَفَ بِي فِي صُلْبِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ تَعَالَى يَنْقُلُنِي مِنَ الأَصْلَابِ الْكَرِيمَةِ، وَالْأَرْحَام الطَّاهِرَةِ، حَتَّى أَخْرَجَنِي مِنَ أَبَوَيَّ .
ونرى هنا السنة النبوية تؤكّد مكان الذرّية أنها في الظهر، وأن النبي كان في صلب آدم ثم كان يتنقل في أصلاب آبائه، فالحديث الأخير يبيّن أن عمد الله لإخراج الذرية من الظهر، ذلك لأنّ العرب كانوا يعتقدون أن المني يخرج من الظهر .
ثالثاً: أقوال المفسّرين:
1- القرطبي في قوله ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ :
أ – فالنطفة سلالةٌ ، والولد سليلٌ وسلالةٌ، عنى به الماء يسل من الظهر سلاً .
ب – سورة الطارق ( يخرج من بين الصلب والترائب ) قال قتادة: المعنى ويخرج من صلب الرجل وترائب المرأة .
جـ – و قال الفراء إن مثل هذا يأتي عن العرب، وعليه فيكون معنى من بين الصلب: من الصلب .
د – وقال الحسن: المعنى : يخرج من صلب الرجل وترائب الرجل، ومن صلب المرأة وترائب المرأة .
هـ – ثم إنّا نعلم أن النطفة من جميع أجزاء البدن، لذلك يشبه الرجل والديه كثيراً، وهذه الحكمة في غسل جميع الجسد من خروج المني، وأيضاً المكثر من الجماع يجد وجعاً في ظهره وصلبه، وليس ذلك إلا لخلو صلبه عما كان محتبساً من الماء .
2- تفسير ابن كثير : في قوله (ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ )
أ- ( ثم خلقنا النطفة علقةً ) أي: ثم صيّرنا النطفة، وهي الماء الدافق الذي يخرج من صلب الرجل، وهو ظهره وترائب المرأة، وهي عظام صدرها ما بين الترقوة إلى الثندوة .
ب- ( خًلق من ماءٍ دافقٍ ) يعني: المني; يخرج دفقاً من الرجل والمرأة، فيتولّد منهما الولد بإذن الله; لهذا قال: (يخرج من بين الصلب والترائب) يعني : صلب الرجل وترائب المرأة، وهو صدرها.
3- الطبري : في قوله (ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ):
أ- ( ثم جعلناه نطفةً في قرارٍ مكينٍ ) على أن ذلك كذلك، لأنه معلومٌ أنه لم يَصِرْ في قرارٍ مكينٍ إلا بعد خلقه في صلب الفحل، ومن بعد تحولّه من صلبه صار في قرارٍ مكينٍ.
ب – ( يخرج من بين الصلب والترائب ) يقول: يخرج من بين ذلك، ومعنى الكلام: منهما، كما يقال: سيخرج من بين هذين الشيئين خيرٌ كثيرٌ، بمعنى: يخرج منهما.
4- البغوي: في قوله (ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ )
أ- ( من سلالةٍ ) قال عكرمة: هو يسيل من الظهر .
ب – ( إنه على رجعه لقادرٌ ) قال عكرمة: على ردّ الماء في الصلب الذي خرج منه .
انتهى كلام المفسّرين، وظلّ هذا المفهوم سائداً عند المسلمين حتى أواخر القرن العشرين، فأوّل خطوةٍ تكلّم عنها الدين في علم الأجنّة خروج المني من ظهر الرجل وصدر المرأة، وهو خطأٌ فاحشٌ، فالمعلومة بعيدةٌ عن الحقيقة العلمية كلّ البعد، ولا يصلح أن يخرج هذا الكلام من شخصٍ متعلّمٍ، فما بالك لو قالوا إنه كلام إلهٍ بكلّ شيءٍ عليمٍ ؟!
أما عن ماء المرأة، فقد قال نبي الإسلام:
إن للمرأة ماءً يخرج عند الشهوة، ويُرى بالعين المجرّدة فيصف شكله ولونه، ويتسابق مع مني الرجل إلى الرحم، ومنه يتكوّن الولد، ويأمر المرأة إذا احتلمت بالغسل في حال رؤيته في اليقظة .
نعلم اليوم أن الإفرازات التي تخرج أثناء الإثارة الجنسية، بسبب غدّتي بارثولين اللتي نتقعان قرب فتحة المهبل،هاتان الغدّتان تفرزان مخاطاً لزجاً إضافياً يعمل كمزحلقٍ لتسهيل الجماع، وليست لها علاقةٌ في تكوّن الجنين منها. علمياً الذي يتكوّن منه الجنين هو حيوانٌ منويٌّ وبويضةٌ،البويضة خليةٌ مايكروسكوبيةٌ لم يتكلّم أحدٌ من قبل عن لونها، وتنزل البويضة في الرحم تلقائياً في وقتٍ يتراوح بين نهاية الأسبوع الثاني وبداية الأسبوع الثالث (من بداية نزول الدورة الشهرية)، وعندما تصل إلى الرحم تكون مستعدّةً للتلقيح، فلا تخرج جرّاء شهوةٍ أو لقاءٍ جنسيٍ، ولا تُرى بالعين المجرّدة، ولا تخرج من الفرج أثناء الجماع.
ونذكر أيضاً الأحاديث النبوية وأقوال رجال الدين الذين قالوا إن للمرأة ماءً (مني) ينزل أثناء الشهوة الجنسية أو أثناء الجماع، ويُرى بالعين المجرّدة، ويتكوّن منه الجنين.
قالت أم سلمة: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحقّ، هل على المرأة غسلٌ إذا احتلمت ؟ قال : ” نعم ، إذا رأتِ الماء ” فضحكت أم سلمة، فقالت : أتحتلم المرأة ؟ فقال النبي : ” فبم شبه الولد ؟ “.
لاحظوا معي العبارات التي استخدمت ( إذا احتلمت – إذا رأتِ الماء – أتحتلم المرأة ؟ – فبما يشبه الولد )
مفردات الحديث :
إذا احتلمتِ المرأة، أي ضاجعت بالمنام رجلاً .
إذا رأتِ الماء: أنزلت المني، ورأته بعينها أو باللمس .
أتحتلم المرأة؟: أي هل تنزل المني أثناء الاحتلام ؟ والسؤال الغرض منه التعجب !!!
فبمَ شبه الولد ؟: سؤال الغرض من الاستنكار، أي ينكر عليها تعجبها بسؤالها أتحتلم المرأة؟ وهنا يؤكد النبي على أن الماء الذي نزل من المرأة يشارك في تكوين الجنين.
ويذكر النووي في شرح صحيح مسلم :
صفات مني المرأة: وأمّا مني المرأة فهو أصفرٌ رقيقٌ، وقد يَبيّض لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بهما، إحداهما : رائحته كرائحة مني الرجل، والثانية: التلذّذ في خروجه، وفتور شهوتها عقب خروجه.
وفي المغني لابن قدامة :
خروج المني الدافق بشهوةٍ، يوجب الغسل من الرجل والمرأة في يقظةٍ أو في نومٍ، وهو قول عامّة الفقهاء، قاله الترمذي، ولا نعلم فيه خلافاً.انتهى.
نقول هنا إن الإفرازات التي تخرج من المرأة أثناء الجماع أو عند الشهوة كان يعتقد نبي الإسلام أنها المني الذي يكوّن الجنين، وكذلك فهمها رجال الدين السابقون. لكن هل قال العلم اليوم إن الإفرازات التي تخرج أثناء الجماع لها علاقةٌ في تكوين الجنين؟ الإجابة لا طبعاً، فهل من الممكن أن النبي كان يقصد في حديثه البويضة؟ دعونا نعيد النظر في بعض عبارات الحديث:
- قول النبي (إذا رأت الماء) النبي هنا يتكلم عن ماء يخرج من الفرج وتراه المرأة، والبويضة لا تخرج من الفرج أثناء الجماع، ولا تُرى بالعين المجرّدة.
- سؤال أم سلمة ( أتحتلم المرأة ؟ ) وتأكيد النبي لها بـ ( نعم فبم يشبهها ولدها ؟ ) ونجده هنا يتكلم عن منيٍ يخرج عند الشهوة، والبويضة ليس لنزولها علاقةٌ بالشهوة.
وفي البخاري قال نبي الإسلام في حديثٍ طويلٍ:
(وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ)
وفي حديثٍ آخرَ:
قال: ” ترب جبينك فأنّى يكون شبه الخئولة إلا من ذلك؟ أيّ النطفتين سبقت إلى الرحم غلبت على الشبه.”
وهنا نجده يتكلّم عن ماءٍ للمرأة يتسابق مع ماء الرجل إلى الرحم، ونحن نعلم أن البويضة تصل إلى الرحم بكل الأحوال قبل الحيوان المنوي، فقطعاً هو لا يتكلّم عن البويضة، ولا ينطبق كلّ ما قاله مع البويضة. وفي هذه المناسبة أريد أن أشير إلى صورة تُروّج في المنتديات الإسلامية على أنها صورةٌ أخذت أثناء خروج البويضة من المبيض؛ ليقولوا: إن العلم اكتشف أن لون البويضة أصفرٌ كما ذكرت بالأحاديث، والحقيقة أنني عرضْتُ هذه الصورة على دكتورٍ في كلية الطب فقال: إنها صورةٌ مفبركةٌ، وما يقال عنها ليس بحقيقةٍ، وإن كانت الصورة حقيقيةً فهي لتكيّسٍ في المبيض.
منشورات ذات شعبية