يصاب المطلعون على الأحداث المغالية والمتطرفة بنوع من التفاجئ والدهشة، سواء أكانوا ملحدين أم مؤمنين، حيث ينبع هذا التفاجئ من واقع مفارقة أن من يقوم بهذا الفعل المنافي لكل قيم الأخلاق والإنسانية هو مدعي للأخلاق والإنسانية ورمز لها.
بل ويقوم بتبرير فعله بناء على قيم وأخلاقيات من المفترض أنها سامية، فتارة يظهر إرضاع الكبير من فاه أكثر الناس دعوة للحشمة والخجل وكلاما عنها! وتارة تطفو على السطح قضية اغتصاب الرهبان والقساوسة المطهرين للأطفال الذكور في الكنائس! وتارة أخرى يظهر وجه مليء بالنور والحلم ليبيح نكاح الميتة !!، ومرة ومن صفوف المحامين والقضاة وهم القائمون على بناء القيم الإنسانية والحقوق يظهر من يطالب بعودة العبودية !!، ناهيك عن رموز مبجلة في المجتمع تنادي بتقديس الأبقار والتبرك ببولها !!. ومن يدري ما تخبئه لنا الأيام غدا!
وهنا لن أقوم بالحديث عن هذه القضايا والخوض في تبريراتها وفي نكرانها. أنا لن أتطرق لها ، ولكن سأحاول سرد أسباب وجود وحدوث هذه المفارقات أصلا ، ولماذا لا نستطيع فهم حدوثها على الدوام. هذه الصدمة التي يعاني منها كل مطلع على هذه الأمور، سببها الشعور بمفارقة كبيرة بين ما يجب أن يكون وما هو كائن. أي أن سبب هذه المفارقة هو الاصطدام بالواقع واختلافه عن استنتاجاتنا وفهمنا للعالم. إن أكبر مشكلة تسبب عدم الفهم لأي ظاهرة ليست الجهل بالمسببات والعناصر، فالجاهل لن يقوم بأخذ مواقف واستنتاجات اعتمادا على غياب المعلومات.
منشورات ذات شعبية