الروح: مصطلحٌ ذو طابعٍ دينيٍ وفلسفيٍ يختلف تعريفه وتحديد ماهيته في الأديان والفلسفات المختلفة، لكنّ هناك إجماعاً على أن الروح عبارةٌ عن ذاتٍ قائمةٍ بنفسها ذات طبيعةٍ معنويةٍ غير ملموسةٍ، فيعتبرها البعض مادّةً أثيريةَ أصليةَ من الخصائص الفريدة للكائنات الحية، واستناداً إلى بعض الديانات والفلسفات فإن الروح مخلوقةٌ من جنسٍ لا نظيرَ له في عالم الموجودات، وهو أساس الإدراك والوعي والشعور. وتختلف الروح عن النفس حسب الاعتقادات الدينية، فالبعض يرى النفس أنها الروح والجسد مجتمعين، ويرى البعض الآخر أن النفس قد تكون أو لا تكون خالدةً، لكنّ الروح خالدةٌ حتى بعد موت الجسد.
هناك جدلٌ في الديانات والفلسفات المختلفة حول الروح، بدءاً من تعريفها، مروراً بمنشئها ووظيفتها إلى دورها أثناء وبعد الموت، حيث إن هناك اعتقاداً شائعاً أن للروح استقلاليةً تامّةً عن الجسد، وليس لها ظهورٌ جسديٌّ أو حسّيٌّ، ولا يمكن مشاهدة رحيلها، ويعتقد البعض أن مفارقة الروح للجسد هي تعريفٌ للموت، ويذهب البعض الآخر إلى الاعتقاد أن الروح تُقْبض في حالتي الموت والنوم، ففي حالة الموت تُقْبض الروح وتنتهي حياة الجسد، وفي حالة النوم تُقْبض الروح ويظلّ الجسد حيّاً.
المزيد عن الروح والنفس والإدراك نجده في الترجمة العبرية لكلمة الروح هي نفيش Nephesh وهي أقرب لكلمة النفس العربية، أما كلمة الروح العربية فهي قريبةٌ جداً من كلمة ريح، ما جعل البعض يعتقد أن مصدر ومعنى كلمة الروح هي “ذَاتٌ لَطِيفَةٌ كَالْهَوَاءِ سَارِيَةٌ فِي الْجَسَد كَسَرَيَانِ الْمَاء فِي عُرُوق الشَّجَر” وما زاد من صحة هذه القناعة لدى البعض أن الروح تنفخ كالريح، ولكنها ليست ريحاً بمفهوم الريح.
قام أفلاطون (427 – 347 قبل الميلاد) باعتبار الروح كأساسٍ لكينونة الإنسان، والمحرّك الأساسي للإنسان، واعتقد أن الروح تتكوّن من 3 أجزاءٍ متناغمةٍ، وهي العقل والنفس والرغبة، وكان أفلاطون يقصد بالنفس المتطلّبات العاطفية أو الشعورية، وكان يعني بالرغبة المتطلبات الجسدية، وقد أعطى أفلاطون مثالاً لتوضيح وجهة نظره باستخدام عربة يقودها حصانٌ, فللحصان حسب أفلاطون قوّتان محرّكتان، وهما النفس والرغبة، ويأتي العقل ليحفظ التوازن، بعد أفلاطون قام أرسطو (384 – 322 قبل الميلاد) بتعريف الروح كمحورٍ رئيسيٍ للوجود، لكنّه لم يعتبر الروح وجوداً مستقلّاً عن الجسد، أو شيئاً غير ملموسٍ يسكن الجسد، فاعتبر أرسطو مصطلح الروح مرادفاً للكينونة، ولم يعتبر الروح كينونةً خاصّةً تسكن الجسد، و قد استخدم أرسطو السكين لتوضح فكرته، فقال: إذا افترضنا أن للسكين روحاً فإن عملية القطع هي الروح، وعليه، وحسب أرسطو فإن الغرض الرئيسي للكائن هو الروح، وبذلك يمكن الاستنتاج أن أرسطو لم يعتبر الروح شيئاً خالداً، فمع تدمير السكين تنعدم عملية القطع.

مجلة الملحدين العرب: العدد الأول / شهر ديسمبر / 2012