« إذا كذبتَ كذبةً كبيرةً، وكرّرتَها بشكلٍ دائمٍ، فسيصدّقُها الناس في النهاية »
– جوزيف غوبلز- وزير الإعلام الألماني في العهد النازي.
تعتمد ثقافتنا العربية بشكلٍ شبه كاملٍ على تشجيع التلقين والحفظ ومحاربة التجديد والإبداع والاختلاف؛ ولعلّه من التكرار المملّ أن آتي بأمثلةٍ على ذلك، فمن عاش في منطقتنا، ودرس في مدارسنا وجامعاتنا يعرف أن طريق النجاح والتفوق هو الحفظ، والاستظهار، والتكرار؛ أمّا الفهم والبحث فهو لزوم ما لا يلزم، فالأمر سيّان فيه ودونه.
وتشجّع الأنظمة والعقائد الشمولية الدوغمائية ذلك بكلّ قوّةٍ؛ وتحارب بقوّةٍ مماثلةٍ التميّز الفردي، ومَلَكَة البحث والتحرّي عند الناس. فالعقائد الشمولية العلمانية منها، والدينية تقدّم نفسها بصفتها مالكة الحقيقة المطلقة، ولها حساسيةٌ زائدةٌ تجاه أيّ اختلافٍ مع طروحاتها التي تُقدّم على أنها مسلماتٌ غير قابلةٍ للنقاش، وبديهياتٌ لا تحتاج إلى إثباتٍ.
تنبع الحساسية الزائدة من كون أن معظم هذه الطروحات لا تقوم على أيّ أساسٍ عقلانيٍ يمكن الدفاع عنه منطقيًا؛ ويبقى البديل الأفضل هو فرض الفكرة قسرًا، وقتل مَلَكَة المناقشة والشكّ في الناس، ثم قمع وإخراس ما يبقى من الأفراد القلائل الذين استطاعوا تحرير عقلهم، وملكوا قدرة التحليل والمناقشة.
وأريد في هذا المقال مناقشة واحدةٍ من هذه ( المُسلَّمات ) التي كرّرتَها وتكرّرُها الدوغما الدينية عمومًا، والإسلامية خصوصًا بشكلٍ مكثّفٍ، بحيث أقنعت بها حتى بعض العلمانيين والمتنوّرين؛ هذه المُسَلّمة هي أن الإسلام مرادف الأخلاق، فمن لا دين له هو بالضرورة لا أخلاق له؛ فتحشر هذه ( البديهية ) في عقول الناس منذ طفولتهم، وتعاد عليهم وتُكَرّر بشكلٍ يجعلها ( فطريةً ) يُستدل بها عوضًا عن البحث عن إثباتها. وما أريده هنا ليس نقض هذه الأكذوبة ( الغوبلزية ) فقط و تبيان أن الإسلام لا علاقة له بالأخلاق، بل أكثر من ذلك؛ أريد مناقشة أن الدين عمومًا والإسلام خصوصًا نقيضٌ للأخلاق، ويساهم بشكل فعال في تشويه نفسية المؤمنين به، وقتل حِسّهم الأخلاقي.
منشورات ذات شعبية