الإساءة الدينية للأطفال
ينص المبدأ الثاني من إعلان حقوق الطفل 1959 على وجوب تأمين حماية خاصة له، ومنحه الفرص والتساهيل اللازمة لإتاحة نموه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي، نموًا طبيعيًا سليمًا في جوٍ من الحريةِ والكرامة، وتكون مصلحته العليا محل الاعتبار الأول في سن القوانين.[1] من هنا نبدأ ونتساءل: هل فعلاً تم توفير هذه الشروط لأطفالنا؟ هل هم بمنأى عن الأذى النفسي والروحي؟ هل نظلمهم بتلقينهم التعاليم الدينية في سن مبكر جدًا؟ هل من الممكن أن يكون الدين مؤذيًا لنفسية الطفل ومؤثرًا سلبًا فيما بعد؟ كيف نحدد ذلك وكيف نتجنبه؟ هذا ما سنعرفه في السطور القادمة.
في البداية سنتعرف على معنى الـ Child Abuse.
Child Abuse: تعني إساءة معاملة الأطفال جسدياً أو عاطفيًا أو جنسيًا، ويندرج تحتها العنف تجاه الأطفال، سواءٌ اللفظي أو الجسدي بالضرب أو الاستغلال الجنسي.
وطبعًا كل هذه الأنواع من الإساءة يحاسب عليها القانون بفرض عقوبةٍ على الأهل المسيئين تتراوح بين السجن ودفع الغرامة، وتصل لحرمانهم من ابنهم وعرضه للتبني. كما ويتم توزيع أرقام هواتف خاصة بدائرة الخدمات الاجتماعية على الأطفال في المدارس كي يبُلغوا عن أيةّ إساءةٍ يتعرضّون لها (هذه القوانين تطبق في معظم دول العالم الأول). أما مصطلح Religious Abuse أو Spiritual Abuse فيعني اختصارًا: الإساءة في معاملة الأطفال بدواعٍ دينيةٍ أو روحانيةٍ، ويشمل الإساءة الجسدية واللفظية والمعنوية.
وبين أيدينا هنا كتابٌ مهمٌ في هذا المجال للكاهن كيث رايت بعنوان Religious Abuse -2001. يلقي فيه الضوء على الإساءة الدينية وأنواعها وآثارها ويسرد الكثير من القصص الواقعية التي لامسها من خلال عمله في الكنيسة، وقد نقلت لكم بعض الاقتباسات التي قمت بترجمتها من نسخة الكتاب الإلكترونية.
يقول رايت: الإساءة الدينية موجودٌةٌ، وعلينا عدم إنكارها، كما كنا سابقـًا ننكر العنف ضد الأطفال ونبرره بأنه طريقةٌ حازمةٌ لفرض سيطرةٍ صحيةٍ للأهل على أبنائهم، وكما هو الحال مع العنف ضد المرأة، علينا الاعتراف بالمشكلة ولنبحث عنّ حلٍ بمحاولة إيجاد مجتمع متسامحٍ يقوم على المحبة بدلاً من فرض الأحكام عٍلى الأفراد.
علينا أن نحدد الحالات التي يكون فيها الدين متحكّماً أو مؤذياً ونسميها باسمها: إساءة دينية. علينا ألاّ نتجاهل تعاليم الدين التي تزرع الخوف وعدم الأمان وعقدة الذنب والشعور بعدم الأهمية، وتؤدّي إلى ارتكاب العنف والجرائم ممن يقعون تحت تأثيره.
وحين نعترف بأنّ الدين من الممكن أن يكون مسيئـًا، سنكتشف أننا جميعًا تعرضنا للإساءة الدينية وبدرجاتٍ مختلفة، ومن تعرضوا لها بشكل أكبر من غيرهم سيريحهم أن يعرفوا أنّ مشاعر الغضب والذنب وعدم الأهمية التي تستهلك حياتهم هي ليست من صنعهم، وإنما هي ناتجة عن مجتمعٍ ٍّديني مشوهٍ جرحهم بشدة.
يعرّف الكاتب الـ Religious Abuse بقوله:
تحدث الإساءة الدينية حين تقوم جماعة دينية أو أحد القادة أو أحد الأبوين بتحطيم الروح المعنوية لأحد الأفراد باستبدال عقيدةٍ معينةٍ أو معتقداتٍ خاصةٍ بإيمانٍ تامٍ بالوجود الإلهي، تحدث الإساءة الدينية حين تسمح تعاليم الدين وخطاباته بسيطرة وتحكم فردٍ بغيره من الأفراد، كما تحدث الإساءة الدينية حين تقوم تعاليم الدين وخطاباته بوضع حملٍ ثقيلٍ على أكتاف الأفراد بدلاً من مشاركتهم أحمالهم. وتحدث حين يكون الدين معزِّزًا لمشاعر الخوف وكراهية الذات بدلاً من تحرير الناس من خوفهم واستعبادهم، وأخيراً تحدث حين تدّعي الجماعة الدينية أو أحد قادتها امتلاكهم للحقيقة المطلقة عن الإله، وتدعو أفرادها لرفض كل تجربةٍ دينيةٍ ومعتقداتٍ مخالفةً لهم.
بعض نتائج الإساءة الدينية:
- العزلة عن الإله والمجتمع الديني، والقلق العميق والصدمة العاطفية والعُقد النفسية وأحياناً الانتحار.
- الضرب للشريك أو للطفال والإهانات اللفظية.
- السخرية ورفض العلماء الذين تتحدى مكتشفاتهم المفاهيم الدينية السائدة عن الكون.
- الحروب المقدسة والموت لكثير من الأشخاص الذين يتخذون مواقف دينية مخالفة.
- سيطرة أحد الجنسين على الآخر.
- سيطرة الأهل على الأطفال.
- سيطرة الأكثريات على الأقليات.
- سيطرة الأغنياء والأقوياء على الضعفاء.
انتهى الاقتباس.[2]
وكما ترى عزيزي القارئ فإنّ الإساءة الدينية موضوع ٌبالغ الأهمية لما له من آثارٍ مدمرة على صحة الطفل النفسية وعلى المجتمع كبنيةٍ متكاملةٍ، حيث تخلق الاضطرابات النفسية التي تؤذي الطفل في فترة نموّه وكذلك في شخصيته بعد البلوغ، وتؤثر سلبًا بكل المحيطين به.
والآن سنتعرف بتفصيلٍ أكثر على أثر التعاليم الدينية على الأطفال، وسنتطرق لما قالته المعالجة النفسية «جيل مايتون Jill Mytton» في مقابلتها مع البروفيسور ريتشارد دوكنز لفيلمه الوثائقي «جذر كل الشرور Root of All Evils» من إنتاج BBC عام 2006. والموجودة كاملةً على اليوتيوب.
«جيل» وبحكم نشأتها في الأخوية الخالصة، وهي تابعة لطائفةٍ مسيحيةٍ متشددة، عانت الكثير من الأضرار النفسية، تخلتّ على أثرها عن تلك الطائفة وأصبحت معالجةً نفسيةً.
سألها ريتشارد دوكنز بدايةً عن تعريفها للإساءة الدينية للطفال فقالت:
«إنها تعني أنّ الأطفال لا تتم تنشئتهم ليطوروا نظامهم العقائدي الخاص بأنفسهم، بل يتم تلقينهم بالعقيدة التابعة للمجموعة الدينية التي نشؤا فيها.» وتستطرد Jill: «بالنسبة لي لم أكن أعرف أن هنالك عقائد أخرى تختلف عن عقيدة الأخوية التي نشأت فيها»
ومن ثم تحدثت عن نظام التلقين الذي يمارس على الأطفال في المدارس، وكما في الأخوية حيث لا يتم تعليمهم طرق التفكير النقدي، وتعُطى لهم معلوماتٌ محدودٌةٌ بالمنطقة التي تتبع لها جماعتهم الدينية، حتى أنهم في الأخوية لم يكن يسُمح لهم بقراءة كتب الخيال أو استعمال الكومبيوتر.
حيث يتم زرع الرعب في الأطفال بسبب التعاليم التي تتحدث عن العقاب والجحيم، وبالعودة إلى فترة طفولتها، تقول Jill أنها كانت تحت سيطرة الخوف من الرفض في الحاضر والخوف من اللعنة الأبدية في المستقبل، حيث أن صور الجحيم وصرير الأسنان بالنسبة للطفل ليست مجازيةً على الإطلاق بل حقيقيةً جدًا، وحتى الأشخاص الذين يلجؤون لها يخبرونها بصدق باعتقادهم أنها حقيقية.
ثم يسأل ريتشارد دوكنز:
– ما الذي يحدث في الجحيم؟
فتخبره «جيل» أنه ورغم مرور كل هذه السنين مازال للموضوع أثرٌ بالغٌ عليها، وتكمل: الجحيم هو مكانٌ مرعبٌ، هو الرفض الكلي من الإله، حيث توجد نارٌ حقيقيةٌ، تعذيبٌ حقيقيٌ، تشويهٌ حقيقيٌ، وهو مستمرٌ للبد دون أية راحة.
وتعتقد «جيل» أن هنالك الكثير من نقاط التشابه بين الإساءة الدينية Religious Abuse والإساءة الجنسية Sexual Abuse للأطفال، لأن كليهما يعُدّان خيانةٌ للثقة، وإنكارٌ لحق الطفل بالانفتاح على العالم بطريقةٍ طبيعية، وكلاهما يحرّضان على مشاعر الخوف والذنب، كما يحرمان الطفل من الوصول إلى إمكاناته الكاملة.
ترك الدين (أو الجماعة الدينية) ليس سهًلًا أبدًا، فعلى الشخص أن يترك وراءه شبكةً اجتماعية كاملةً، ونظامًا متكاملاً تربّ عليه، نظامًا عقائدياً احتفظ به لسنواتٍ طويلة، وفي الغالب سيترك أهله وأصدقاءه وحتى عمله لأنهم لن يرغبوا بالتحدث إليه ولن يعترفوا بوجوده بعد ذلك.
هؤلاء الأشخاص الذين يغادرون الجماعات الدينية هم غالبًا غير قادرين على مواجهة العالم الحقيقي، تنقصهم المهارات الاجتماعية ولا يعرفون لمن يلجؤون لطلب النصيحة أو المعلومات أو ماهية حقوقهم، لا يعرفون كيف يفكرون بالأمور أو كيفية اتخاذ القرارات والاختيارات، لأن تلك الجماعة كانت تقوم بهذه الأمور بدًلًا عنهم، وهم حتى لا يملكون الحسّ الأخلاقيّ الخاصّ بهم، لأن الجماعة كانت تحدده لهم بأنه يوجد فقط صح أو خطأ ولا يوجد شيءٌ في المنتصف.
سأل ريتشارد دوكنز: لماذا يقومون بهذه الأمور المرعبة للطفال، ويدمرون حياتهم فعليًا؟ فقالت «جيل»:
هذا له علاقةٌ برغبتهم بالشعور بالقوة والسلطة والتحكم، وقد يكون السبب في أنهم أنفسهم عالقين في هذا النظام ولهذا أنا لا ألوم والديّ.
وعبّرت «جيل» عن قلقها على الأجيال الجديدة التي تنضمّ للخوية، وتضطر للذهاب إلى مدرستها والاستماع يوميًا لما يقال لهم بأنهم عديمي الفائدة أو وُلدوا خاطئين. وفي سياق الحديث ذكر ريتشارد دوكنز أن أحد زملائه الأمريكيين كان قد تقدّم بفرضية يشرح فيها الأسباب التي تجعل أمريكا من بين الدول الغربية المليئة بالجنون الديني، وفسّر ذلك بأنها دولة من المهاجرين الذين تركوا كل شيء وراءهم في أوروبا، واحتاجوا لتكوين أسرةٍ بديلةٍ، فجاءت الكنيسة وملت هذا الفراغ ولذلك هي تتمتع بقوةٍ كبيرةٍ في أمريكا، وهذا مرتبط بكلام «جيل» عمّن يتركون الجماعة حين يبحثون عن انتماءٍ بديل.
يتابع دوكنز ويسأل «جيل» عن الجوانب السلبية للدين بعيدًا عن حسّ الانتماء الذي يوفرّه، فقالت «جيل»:
أنّ الأنواع غير الصحية للدين تميل للتقليل من الثقة بالنفس، وبدًلًا من أن يتم تقدير الناس تبعًا لقدراتهم ونقاط قوّتهم، يتم النظر إليهم على أنهم أشرار وخاطئين، وحتى حين يقومون بأفعالٍ خيّرة فليسوا هم من يقومون بها بل هو الإله الذي يعمل من خلالهم.
ويتم النظر للخطيئة على أنها شيء سوف تحُاكم عليه، والغفران صعب المنال، وحين يخطئ أحدهم سوف يشعر بالعار والذنب والخوف من عواقب فعلته، هذه الأديان غير صحية لأنها تميل للحكام المطلقة، إما أن تكون مذنبًا أو غير مذنبٍ، لا مكان عندهم للضبابية أو عدم اليقين أو الشك. وهذه ليست الطريقة التي تسير بها الحياة فهناك منطقةٌ كبيرٌةٌ في المنتصف حيث يعيش أكثنا.
تعتقد «جيل» أيضًا أنّ هنالك الكثير من الأشخاص المتدينين الذين لا يطبقون القاعدة الذهبية التي تقول «لا تفعل للآخرين ما لا تحب أن يفعلوه لك»، حيث يكون حسّ الفرد للخلاق غير متطور، وتقوم الكتب المقدسة أو القادة بتحديد الصح من الخطأ، وبرأيها، لا يوجد ما هو أسخف من هذه الطريقة في التربية.
وجهة نظر «جيل» بالمدارس الدينية (أو حتى تعليم الدين في المدارس) ليست إيجابيةً، فهي تقول إن الأطفال من حقهم اختيار طريقهم الخاص، وأن أي مدرسة لا تسمح بذلك هي لا تحقق الهدف الحقيقي من التعليم، وتتنكر لحقوق الأطفال.
هنا يقول دوكنز أن هذه المدارس تولدّ التفرقة الطائفية والانقسام، فتوافقه «جيل» وتستطرد بأنها تفضل فصل الدين عن التعليم وكذلك فصل السياسة عن النظام التعليمي. وتقتبس «جيل» كلام «بيلي غراهام» (أحد مشاهير رجال الدين الأمريكيين) حيث قال:
«لماذا يريد الناس أن يفهموا الإله؟ هو أعلى بكثير منهم، كل ما عليهم فعله هو القبول والإيمان.»
وتقول «جيل»: أنها في البداية كانت تقبل هذا الكلام ولكن ليس لمدةٍ طويلةٍ، فالكثير من الأديان لا تسمح للطفال بطرح الأسئلة، وتقوم بكبت طبيعتهم المتسائلة، ولا تعلمّهم طريقة نقد أو تقييم المعلومات التي تقدّم لهم ولأنها تميل للحكام المطلقة، من مبدأ: «نحن نملك الحقيقة ولا يوجد غيرها»، فإنك حين لا تؤمن بما يقوله الدين ستنقلب الأمور عليك، لا يوجد مشكلةٌ في الدين ولكن المشكلة عندك أنت، وبالتالي سيتم إشعارك بالذنب مجددًا لعدم الإيمان.
كما يتم تحذير الناس من الفضول أو طرح الاستفسارات وتحريضهم على عدم قبول أي شيء من خارج دائرة الدين، بحجة أنه شرٌّ محض، وتمنع النقاشات مع العالم الخارجي، ويتم التحكم بكل المعلومات القادمة من الخارج، وهذا حقيقيٌّ في كل الأديان بدرجاتٍ مختلفة، قد تكون متطرفةً كما في جماعة الأخوية الخالصة أو أقل تطرفاً على الطرف الآخر من السلسلة.
وفي نهاية اللقاء استفسر دوكنز عن إمكانية طلب تدخل الشرطة في مثل هذه الحالات، حيث يجب علينا حماية الأطفال من أهاليهم أحيانا، فوافقته «جيل» وقالت إنها تفكر كثيرًا فيما يجب علينا فعله، ولابد من اعتبار هذه الأنواع شكًلًا من الإساءات النفسية والمعنوية، حين تقول لطفلٍ ما أنه سيشوى في الجحيم إلى الأبد مثًلًا.
وتقول إنه لا فرق بين هذه الإساءات وبين الإساءة الجنسية، ومن خلال دراستها أثبتت أن النتائج الكارثية متقاربة.
انتهت المقابلة.[3]
هنا لابد من التوقف قليًلًا، ومقارنة ما يحدث في بلادنا العربية في المدارس وفي نظام التربية مع ما ذكرته «جيل»، هل يتم تلقين الدين في المدارس للطفال على أنه الدين الحق؟ هل يتم تعليمهم أن هذا الدين هو الوحيد الذي على صواب وغيره على خطأ؟ هل تتاح لهم الفرصة ليختاروا معتقدهم بعيدًا عن تأثير المدرسة والأهل؟ هل يسُمح لهم بالإطلاع على معتقداتٍ أخرى؟ هل يتم ترهيبهم بقصص الجحيم والعقاب الأبدي وغضب الإله؟ هل يتم ابتزازهم عاطفيًا لاتباع دينٍ معٍينٍ دون سواه؟ هل تتم الإجابة على تساؤلاتهم النقدية أم يتم إسكاتهم؟ هل يسُمح لهم أساسًا باتباع التفكير النقدي مع الدين وتعاليمه؟ أترك لكم الإجابة.
سننقل الآن لنوع آخر من أنواع الإساءة الدينية وهو الأذى الجسدي الذي يمُارس على الطفل، كتعرضه للضرب من قبل أهله أو رجال الدين لتخليصه من الجن أو الأرواح الشريرة حسب اعتقادهم، مما يصل بهم أحياناً إلى القتل، كما نشرت
الـBBC بتاريخ 14-8-2012 تقريراً مفصًّلًا عن جريمة قتلٍ ارتكُبت بحق ٍّصبي يبلغ من العمر 15 سنة على يد أخته وصديقها بحجة تعرضّه للمسّ من الأرواح الشريرة.[4]
وهذا النوع لا يخفى علينا في الدول العربية، فكم من أمٍ أخذت ابنتها أو ابنها للشيخ ليعالجهم من الجن، حيث يستخدم الضرب والأذى بالعصيّ وأدواتٍ أخرى مع تلاوة القرآن والرّقى وبموافقة الأم وتواجدها، ويتم تعريض الطفل للإهانة المعنوية والجسدية ويمُل جلده بالرضوض بحجة أن هذه هي الطريقة الدينية للمعالجة، بينما من يحتاج العلاج فعًلًا هم الأهل والشيخ الذين يجب عرضهم على طبيب نفسي حاًلًا.
لن ننسى أيضًا ضرب الأطفال وإجبارهم على اتباع التعاليم الدينية كالصلاة بحديث محمد: «مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر»[5] حيث يتم ترهيبهم وإخافتهم وتهديدهم كي يصلوُّا.
الأضحيات البشرية
تعني القتل الشعائري لإرضاء الآلهة والقوى ما وراء الطبيعة، وقد كشف علم الآثار عن وجود هذه الطقوس في الكثير من الحضارات السابقة، مثل إمبراطورية الإنكا، كما في تقرير لقناة ديسكفري عن التضحية بالأطفال في حضارة الإنكا.[6] [7]
ونجد في العهد القديم – سفر التكوين22 قصة التضحية بإسحاق ابن إبراهيم حين طلب منه الإله أن يقتله ولكن نزل ملاكٌ من السماء وأوقفه، وهذه القصة مكررٌةٌ في القرآن ولكن مع بعض التغيير، فكان الابن المراد قتله هو إسماعيل وتم فداؤه بكبشٍ نزل من السماء.
كما نجد في العهد القديم ذكرًا لوادي جهنم أو هنّوم الذي يقع خارج مدينة القدس القديمة، حيث كان الأهالي يضحّون بأبنائهم ويحرقونهم تقرباً للإله بعل والإله مولوخ.[8]
ومازالت الإساءة الجسدية للطفال مستمرًةً حتى يومنا هذا، حيث يتم قتلهم في أفريقيا بحجة السحر والشعوذة والمسّ الشيطاني، بالإضافة لختان الإناث وتشويه الأعضاء التناسلية بحجة الدين في دول الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا.
زد على ذلك ما تمارسه الطائفة الشيعية على الأطفال من تطبير في المناسبات الدينية، وهو شق الرأس أو أعلى الجبين بالسيف مع الضرب بالسلاسل.
نحن بحاجةٍ لإعادة النظر في منظومة التربية والتعليم بكليتها، نحن بحاجةٍ لبناء شخصية الطفل بشكل ٍّصحي مدروسٍ، كي يكون فاعًلًا مستقًلًا متميّزاً في المستقبل مُفيدًا لمجتمعه مرتقيًا به إلى صفوف الدول المتقدمة، وسيكون من المحزن فعًلًا أن ننظر إلى الغد القريب دون معالجة هذه القضية أو الاهتمام بها، وهذه مسؤوليتنا جميعًا بدءًا من الأهل وصوًلًا للمدرسة وحتى المقربين وكل من تربطه صلةٌ بأي طفل.
وفي النهاية عزيزي القارئ بقي أن تسأل نفسك: هل تعتبر أنك ضحيةٌ للإساءة الدينية بشكل أو بآخر؟ هل تعرّض أطفالك لشيءٍ من هذا القبيل؟ إن كانت إجابتك بالنفي، اسأل نفسك: هل هذا النفي حٍقيقيٌّ أم أنه حالةٌ من الإنكار؟ وحاول أن تعترف بالمشكلة، فهذه هي الخطوة الأولى على طريق الشفاء لبناء مجتمع ٍّصحي متكاملٍ بعيدٍ عن العقد النفسية الكامنة.
الهوامش
[1] http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b025.html
[2] Wright, Keith. Religious abuse: A pastor explores the many ways religion can hurt as well as heal. Wood Lake Publishing Inc., 2001. P. 25,26,35,36
[3] https://www.youtube.com/watch?v=GXA7GA9yntc
[4] http://www.bbc.co.uk/news/education-19248144
[5] مسند أحمد بن حنبل – رقم الحديث 6579 – مروا أولادكم بالصلاة
[6] Reinhard, Johan; Maria Stenzel (November 1999). “A 6,700 metros niños incas sacrificados quedaron congelados en el tiempo”. National Geographic: 36–55.
[7] Discovery Channel The mystery of Inca child sacrifice
[8] http://en.wikipedia.org/wiki/Tophet
منشورات ذات شعبية