شاهد التطور لكي تصدق بصحة النظرية

شاهد التطور لكي تصدق بصحة النظرية

ربما لن يفهم الخلقويين فلسفة العلم أبدًا, ربما سيظلون مطالبين بـ”أدلة عينية” و”إثباتات” تؤكد لهم صحة نظرية التطور, ربما ما زالوا يصرحون بأن التطور مجرد “نظرية” وليست “حقيقة” أو “قانون علمي”, ربما لن بفهموا أبدًا أن النظرية ذو منفعة علمية من القوانين المثبتة, وربما لن يفهموا أبدًا معنى “الإثبات” و”الدليل” من منظور علمي.

كان الأمر يروق لهم أم لا, بدأت الحياة قبل 3 ونصف مليار سنة, وهي فترة زمنية يصعب على العقل البشري أن يستوعبها بحدسه الفطري. خلال هذه الفترة الزمنية, إن كان ليظهر لنا نوع جديد في غضون 100000 سنة لأعتبرت هذه الفترة قصيرة في منظور تطوري.

ولكن, نعرض في هذا المقال حلاً, لربما يكون نافعًا للبعض, ولكنه بكل تأكيد لن يرضيهم جميعًا؛ فوصف “المؤمنون” يختصر لنا كثيرًا من صفاتهم.

 

في تجربة قام بها كل من  Dave van Ditmarsch و Joao Xavier إقترحت لنا أسلوبًا تربويًا ونشرت في مجلة Trends in Microbiology بإستخدام البكتريا. فالبكتريا تتكاثر بشكل سريع نسبيًا بمقارنتها مع بقية الكائنات الحية, حيث يصل معدل تكاثر بعض أنواعها الى 15 – 20 دقيقة.

ترك ديتمارش وزافيير نوعًا بكتيريًا Pseudomonas aeruginosa على لوحات المختبر الزجاجية Petri Dish لكي تنمو, وسمح لها بان تنمو خارج اللوحات البكتيرية بأنماط تشابه فروع الشجرة. وبعد 24 ساعة تم جمع البكتريا وأخذ جزء صغير منها (نسبة 1 من 1500) لكي تنمو وسط لوح أخر, وتمت إعادة هذه العملية عدة مرات, وبهذا تم تحقيق إنتخاب إصطناعي.

نهاية التجربة كانت أن نجد البكتريا Pseudomonas aeruginosa المعروفة بإمتلاكها سوطًا واحدًا والمعروفة أيضًا بنموها بنمط يشابه فروع الشجرة, قد تطورت لتصبح ذو حركة أكبر بإمتلاكها أسواطًا إضافية وتخليها عن النمو بنمط الفروع الشجرية. (شاهد الصورة أدناه)

البكتريا التي أصبحت ذو حركة أكثر, كانت لها ميزة فضلها الإنتخاب الإصطناعي على البقية, حصلت عليها بالنقطيتن المشار اليهما أعلاه.

وفي بحثهم داخل جينوم البكتريا وجد الباحثان أن طفرة جينية كانت مسؤولة عن هذا. تلك الطفرة حدثت في جين fleN. وبشكل مثيرٍ للإهتمام, إن قمنا بإزالة الجين بكامله فستكون البكتريا غير قابلة على الحركة تمامًا ولكن طفرة معينة داخل هذا الجين كان من شأنها ان تزيد من قابلية البكتريا على الحركة.

قام الباحثان بإعادة التجربة مرتين أيضًا, وفي كلا المرتين حصلا على نفس النتيجة؛ فأصبحت البكتريا ذو حركة أكثر. لذا, والى حدٍ ما, يمكننا القول بأن نظرية التطور هي نظرية قابلة للإعادة ولاشك في كونها قابلة للتنبؤ أيضًا.

حينما يصعب على حدسنا الفطري intuition أن يتخيل أو يستسيغ تطور كائنات حية لمليارات السنين, تكون هذه التجربة بلا شك ذو منفعة. فلتتخيل مثلاً تكرار التجربة لسنة أو سنتين بدلاً من تسعة أيام. ولتتخيل مثلاً أن الإنتخاب الطبيعي لم يفضل حركة أكبر فحسب, بل كان يفضل صفات أكثر, كالقدرة على البقاء بدون أوكسجين. بعد ذلك حاول ان تتخيل إستمرار التجربة لـ 10 سنوات, ثم الى 200 سنة ثم الى 1000 سنة ثم الى 100000 سنة حتى تصل الى مليون سنة. ولتحاول أن تتخيل (وأنا أعلم مدى صعوبة ذلك) ثلاثة ونصف مليار سنة كاملة.

المصدر:
Dave van Ditmarsch and Joao B. Xavier. “Seeing is believing: what experiments with microbes reveal about evolution.” Trends Microbiol 22 (1): 2-4. (2014) DOI: http://dx.doi.org/10.1016/j.tim.2013.11.004