أحمد حسين محمد حرقان، شابٌ من مواليد الإسكندريَّة ديسمبر ١٩٨٢. سَافرصغيرًابرفقة ذويه للمملكة العربية السعودية حيث حفظ القرآن كاملاً وتلقى علومه الدينيَّة فيها. وكان له بعد ذلك أن أصبح سلفياً وتتلمذ على يد الشيخ ياسر برهامي وبقي على ذلك حتى مطلع العام ٢٠١٠ حيث قرر «أن يترك الدين إلى غيررجعة».
من أهم من تأثر بهم: ابن عثيمين وصالح الفوزان. واليوم يقوم بإعادة الدراسة من جديد ليحصل على شهادة «حقيقية» على حد وصفه. أحمد الحرقان ملحدٌ ناشطٌ في القضايا الإنسانية ومتحدث ومحاور بارع وهوضيفنا في هذا اللقاء.
أحمدالحرقان. نشكرك على هذا اللقاء مع مجلة الملحدين العرب. هل ترغب بإضافة شيءٍ إلى هذاالتقديم؟
لا .. هذا التقديم وافٍ
للعائلة دورٌ مهمٌ جداً في تكوين الإنسان وأنت كانت نشأتك في بيئةٍ متدينة. هلاّ حدثتنا أكثرعن البيئة التي ترعرعت فيها؟
والديّ كليهما من أكثر المسلمين تشدداً، وغرسا فيا حب الدين والمسلمين المتشددين دون غيرهم من الناس، وقد ضيعت سنين أحلم بدور لي كبير في إعادة الخلافة في سن المراهقة .. لكني كنت أصاب بالإحباط لأن كل جهودي في هذا الموضوع كانت بلا مردود، لقد نشأت في بيئة متدينة جداً ولكني زايدت عليها كثيراً وكان لي طريقي الخاص وكان أصعب وأكثر تشدداً من والديّ ذاتهما…
في مقابلتك الأخيرة ذكرت بما معناه أن تعليمك كان بلاقيمةٍ فماهونوع الدراسة التي حظيت بها وماذا تستطيع أن تخبرنا عنها؟
لازمت حلق العلم في المسجد الحرام، في الواقع كنت أقضي في الحرم أكثر مما كنت أقضي في بيتي، معهد الحرم يقع في المسجد الحرام ودراستي فيه كانت دراسة دينية صرفة، كنا نتعلم الجهل طول الوقت!
أنت من الحافظين للقرآن كاملا بالإضافة للكثيرمن كتب الفقه والحديث. كيف لشخصٍ متعمّق بهذا الشكل في الدين أن يترك الإسلام؟
لست وحيدًا في هذا فمعظم أصدقائي كانوا كذلك ولعل مجلتكم العظيمة تجري حوارات مماثلة مع بعضهم قريباً .. في الواقع كلما تعمقنا وتشبعنا بهذه الخرافة كلما زادت تعاستنا معها وزادت رغبتنا في الخلاص .. الدين تم تجميعه من مزق متناقضة عبر زمن طويل وكلما زادت معرفتنا بالنصوص كلما جمعنا متناقضات أكثر يستحيل على العقل أن يقبلها … القرار السليم أخذته في 2010 وهو أن أمنح نفسي فرصة للشك. وقد سقط الدين فور قيامي بهذا ولم تقم له بعدها في نفسي قائمة.
أنت من الملحدين القلائل الذين أعلنوا عن موقفهم من الدين وفكرة الإله بشكل صريح ماذا كانت ردة فعل دائرتك الخاصة من عائلة وأصحاب أثر موقفك؟
الأهل والأصدقاء سموا ما حدث لي «المحنة» وقد ترك البعض الإسلام فور تركي له حينما رأوا العابد الزاهد مضرب المثل يؤكد شكوكهم التي طالما كابدوا عناء مدافعتها .. علاقتي بالجميع جيدة وإن تحاشى معظهم لقياي لأنها تؤثر على إيمانهم سلباً في حد ذاتها دون أن أنطق حتى بكلمة.
أنت اليوم ملحد لك صيت إعلامي ومعروف في مجتمعك. هل تتعرض لأي تهديدات من أي نوع أكان على الانترنت أوعلى أرض الواقع؟
بالطبع، وأمني الشخصي مختل للغاية.
لقد تعرضت للاعتداء بالفعل أكثرمن مرة. هلا حكيت لنا ما حدث معك؟
تعرضنا أنا وإسماعيل محمد وشريف محمد وأحمد بدوي لكمين هدفه قتلنا على طريقة حسن شحاته بتحريض المارة في وسط البلد بالقاهرة وقد نجوت أنا وشريف واتصلنا بالنجدة التي كانت قريبة من مكان الحادث وتدخلت في الوقت المناسب.
ضمن الأفكاراللادينية يتدرج المؤمن المتدين من المؤمن فالربوبي فاللاأدري إلى الملحد. كيف تصف نفسك بين هذه التصنيفات وكيف حدث هذا التحول؟
مررت باللاأدرية فور تركي الدين ولكن دوكينز قضى عليها في أسبوع. وثائقيات ريتشارد دووكينز وكتابه وهم الإله أثرا في تماماً ولم أمكث هكذا سوى فترة قصيرة للغاية. حتى أني لم أعترف لنفسي وقتها أني لا أدري .. كنت فقط أتخيل شيئاً ما خلف هذا الكون غير الذي تزعمه الأديان ولم أكن على يقين من ذلك.
س9- تكتب في الحوارالمتمدن ولك مدونة تتكلم فيها عن الدين والإلحاد والمجتمع. هلا حدثتنا أكثرعنها؟
للأسف لا يتاح لي وقت كي أكتب كثيراً أو حتى أقرأ لأني مشغول بعملي وهو شاق نوعاً ما، وهو ضروري جداً لأني مستقل وأعتمد على نفسي بالكامل… لدي مدونة متواضعة جداً وكتبت ثلاثة مقالات أو أربعة في الحوار المتمدن
أحمدالحرقان له فعاليات في مجال مؤسسات المجتمع المدني والأعمال الخيرية والمبادرات الإجتماعية مثل مبادرة عن حماية المرأة من الاضطهاد هلا حدثتنا أكثر عن فعالياتك هذا المجال ؟
نحاول حماية أنفسنا عن طريق التعاون مع المؤسسات المهتمة وأيضاً نحن بصدد تأسيس منظمة تحت إسم «علمانيون بلا حدود» تعنى بشؤون اللادينيين داخل وخارج مصر.
الملحدون العرب هم فئة مضطهدة في المجتمعات المتدينة . كيف ترى حجم المشكلة وهلاحدثتنا عن خبرتك وتفاعلك مع الملحدين العرب الآخرين؟
حينما ألحدت تلقيت مساندة نفسية كبيرة من الرائعة فينوس صفوري وصديقي العظيم توني من سوريا الذي كان صبور جداً إزاء تساؤلاتي الكثيرة حول كل شيء، وكثير من أعضاء منتدى الملحدين العرب الذين سبقوني إلى الإلحاد، في الحقيقة ظروف الملحدين العرب جميعاً متشابهة ولذلك أنا أعتبر مجتمع الملحدين العرب مجتمع واحد. والقصص تتشابه. رائف بدوي المدون والناشط السعودي الذي حكم بالسجن 10 سنوات والجلد 1000 جلدة وغرامة مادية كبيرة ومنع من السفر لمدة طويلة هي قضية اليوم بالنسبة لي وأتمنى أن أستطيع المساهمة بشكل ما في دعمه.
لك مساهمات كثيرة في الحوارمع الكنيسة من مناظرات وحوارات .. ما هي هذه الفعاليات وماهو تقييمك لردود فعل الكنيسة حولها؟
تقوم بعض الكنائس بمؤتمرات دورية لمناقشة الملحدين، أحاول مع الرفاق استغلال هذه الفرصة لمساعدة المؤمنين من المسيحيين على التخلص من مشكلة الإيمان ونحقق نجاحاً كبيراً في هذا.
هل يعتقد أحمد الحرقان أن الأحداث الطائفية في مصرعام ٢٠١١ والعنف الممنهج الذي مارسه الإسلاميون ضد المسيحيين في مصر قدتكون السبب في تسليط الأضواء مؤخرًا على الملحدين بهدف استغلالهم كعنصر ثالث على الساحة يضع المسلمين والمسيحيين في جانب واحد ضد الملحدين عسى ولعل أن يكفوا شرهم عن بعضهم؟
لا أعتقد هذا، الأضواء غير مسلطة علينا والعكس هو الصحيح، نحن نكابد هنا من أجل الوصول إلى الناس ونحقق نجاحاً محدوداً في الفترة الأخيرة، ونتطلع إلى المزيد، قضيتنا لا بد أن تكون الأولى إعلامياً في الفترة القادمة لأن أكبر تغيير يحدث للمجتمع الآن يتمثل في الموجة الإلحادية الكبرى الحالية ولا بد من تغطية إعلامية تناسبها … الإعلام عندنا مشغول في السياسة وشبه غافل عن ما أسميه أعظم تغيير في تاريخ المجتمعات الإسلامية على الإطلاق.
عُرف عنك أنك ممن يحمل على عاتقه دعم وتشجيع الملحدين العرب على المجاهرة بإلحادهم والظهورالإعلامي، فهل ترى أن هذا الظهور قد يقود إلى تغييرحقيقي في ظل الفساد الأمني؟
طبعاً سيقود إلى التغيير، وأكبر عائق في تاريخ الإلحاد كان هو السرية والإنكار من قبل رجال الدين .. وأنا على يقين أنه في وقت قريب جداً سوف يتمكن كل ملحد من الجهر بإلحاده بل والفخر به، وفي سبيل تحقيق ذلك سوف تحدث بعض الخسائر. نحاول بكل جهودنا تقليلها..
هل حقا تريد للمؤمنين أن يتركوا دينهم؟ وتقوم بجهودك لهذا الغرض. ولماذا؟
بالتأكيد لأنني ممن يعتقدون أن الدين داء لا يقل خطورة عن السرطان مثلاً وينبغي التصدي لهذا الداء بكل الوسائل، أعتقد أن هذا من أنبل ما يمكن أن يقوم به إنسان، الدين يدمرنا فعلاً .. وآن لنا أن نوقفه!
كان لك أكثرمن ظهورعلى وسائل الإعلام العالمية . هلاّ حدثتنا عنها؟
شاركت في برنامج عن الإلحاد في مصر في صوت أمريكا و أيضاً البي بي سي و قناة أبو ظبي (ولكنها لم تذعه لحساسية الموضوع) …
مؤخرًا تم إذاعة مجموعة من المقابلات في برنامج الباب المفتوح على قناة دريم 2 وكنت من المشاركين في هذا التحقيق الصحفي .. كيف تم التواصل معك وترتيب اللقاء؟
اتصل بي معد البرنامج إياد إبراهيم وأخبرني عزم القناة على تقديم حلقتين عن الإلحاد في مطلع برنامج اسمه الباب المفتوح وقد تعاونت معه أنا والرفاق ليخرج العمل في أفضل صورة، وقد حققنا شيئاً من النجاح في ذلك ، وكنا نطمح لتقديم عمل أفضل، وننوي فعل ذلك في المستقبل مع قناة السي بي سي التي سوف تقدم برنامج من ثلاثين حلقة في شهر رمضان القادم اسميناه (لحظة سكوت) بالتعاون مع الحبيب علي الجفري، وقد تعاونا مع القناة في هذا بغرض تخفيف ضغط المجتمع على الملحدين بالتعاون مع بعض المشايخ، ولدينا اتصالات بالكثيرين لفتح حوار مع المجتمع وتطبيع العلاقة بين الملحدين وبقية أفراد المجتمع.
في برنامج الباب المفتوح الذي تابعه الكثيرون كان حضورك مميز وثقافتك الدينية واضحة للمشاهدين .. كيف تقيم وتصف الشيخ سالم عبد الجليل وردوده في هذا اللقاء؟
في البداية الشيخ سالم قبل أن ندخل الاستوديو كان متعالياً وأعطاني ملخصاً عن سيرته الذاتية بدأها بقوله إنتا بتكلم وزير سابق، وتطاول علي أيضاً بالسباب حينما سالته عن حد الردة وقالي (انتا عبيط؟) مما حدا بالمعدين إلى إخراجي من مكان استقباله إلى المكان المخصص لي، وبعكس ما زعم في الحلقة أمام المشاهدين هو شخص لا يتسم بالتواضع وحسن الخلق، وكانت ردوده كلها أثناء الحلقة موجهة للمشاهد الذي رغب في إرضائه بأي طريقة.
كان هناك حضورمسيحي أيضا في برنامج الباب المفتوح.. كيف تقيم هذا الحضور وهل لديك ما تريد أن تقوله بخصوص المجتمع المسيحي وعلاقته بقضية الملحدين؟
الحضور المسيحي كان قوياً أكثر مما تم عرضه ونال المونتاج معظم مشاركة خادم الإنجيل الأستاذ مفدي الذي قال كلاماً رائعاً يحسب له ويمكن أن يحسب للمسيحية ذاتها بين جمهور المشاهدين، المسيحيين أقرب لنا لأنهم أقلية ويحسون بمعاناتنا سواء كنا ملحدين من خلفية إسلامية أو من خلفية مسيحية.
تميزهذا البرنامج ومذيعته إيمان أبوطالب بخلاف البرامج التي تطرقت لهذه القضية بالحيادية والمهنية الإعلامية. كيف ترى تفاعل فريق عمل البرنامج وقناة دريم 2 معك ومع القضية المطروحة؟
السبب هو رئيس التحرير الأستاذ محمد العقبي وفريق الإعداد: إياد إبراهيم، وهاجر إسماعيل، ومي عبد الله، جميعاً لديهم موقف أكثر مرونة وتفهماً للموضوع إن لم يكن أكثر من ذلك. وأيضاً إيمان أبو طالب وقد التقينا بها قبل تصوير الحلقة في الاستوديو وتحدثنا معها وكانت في منتهى التقبل.
حاليا،هل تؤيد فكرة تشكيل أحزاب أو تنظيمات ومؤسسات رسمية للملحدين ترعى حقوقهم وتتابع حمايتهم بمسؤولية أم تفضل تغييرموقف المجتمع منهم ودمجهم به بشكل طبيعي؟
حزب لا، إنما منظمة تحمي حقوق الملحدين وتعزز التعاون بينهم ولذلك بدأنا تأسيس علمانيون بلا حدود وهو كيان ليس مقتصراً على ملحدي دولة بعينها بل هو مفتوح للجميع.
في ضوء كل ما يحدث كيف ترى مستقبل الملحد العربي في مصر والدول العربية وهل أنت متفائل؟
متفائل جداً ..
ماهي خططك للمستقبل وهل تنوي كتابة ونشر كتاب عن قصتك؟
أنوي كتابة رواية ستكون قصتي مجسدة فيها بوضوح، ولكن حينما يتوفر لي الوقت
ما هي الرسالة التي تحب توجيهها لقراء مجلة الملحدين العرب من ملحدين ومؤمنين على السواء؟
أحب أن أقول للجيمع نحن كملحدين عرب سنكون بخير ، وسيتحسن وضعنا كل يوم أكثر من الذي سبقه، وأدعوهم للمجاهرة بإلحادهم في كل الأوساط بما لا يضر بأمنهم الشخصي بشكل مباشر ولا بأس ببعض المغامرة أيضاً، بجهرك بإلحادك أن تساعد ملحداً آخر من الممكن أنه يدفع الآن ثمن سكوتك. وأحب أن أقول للملحدين العرب أنتم أروع ناس في المجتمع تحياتي ومحبتي لكم.
نشكرضيفناعلى هذا اللقاء الرائع
الشكر لكم يا رفاق
منشورات ذات شعبية