أوشك الأستاذ نضال الغطيس على الانتهاء من كتابه الشائق المعنون بـ (ختان الذكور جريمة وافتراء على الإسلام)، وقد أمدّني مشكوراً بنسخة الكترونية من الكتاب رغم عدم انتهائه بشكلٍ كلي، وأتمنى أن يفرغ منه في القريب والعاجل وأن يبذلهُ للقراء وأن يجد حظه ونصيبه وما يستحقه من النقاش والحوار والتداول حول موضوعاته فاحشة الثراء. فالكتاب بالفعل يُعد بحثاً هاماً ودراسة نحن بحاجةٍ إلى أمثالها من الدراسات التي تستهدف مثل تلك المواضيع التي تُلامس قضايا شائكة لطالما كان الصوم عنها هو العامل المشترك لدى غالبية المثقفين والمناضلين والحقوقيين خشيةً من أنّها مسألة حساسة تمس الناس في معتقداتٍ إستقر أمرهم على أنّها من جوهر الدين ومن فروض العبادة لله، وحسنٌ فعل الكاتب بأن قدّم لكتابه بعدّدٍ من الآيات القرآنية التي تُبرهن أنّ ما أجمع الناس عليه وعلى الإتيان به لاّ يُعد شرعياً وأخلاقياً أو حتى يرضاه الله، فقط لأنّ الناس قد اعتادوا عليه أو أجمع أمرهم على صحّته، وإنّما العكس يقول الكاتب، أنّ القرآن حرّض على التمرد على النهج الآباء وحثّ على الثورة في وجه المجتمع، جازماً ـ أي القرآن ـ بأنّ إطاعة أغلب الناس والسير في ركاب قطيعهم لن تجلب سوى الضلال ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾.
ورغم ذلك يقول الكاتب بمنتهى التواضع: أنّ الغرض من كتابه، ليس هو التنكر للموروث، ولاّ لعاداتٍ وتقاليد أصبحت مستحكمة لاّ يكاد يُوجد من يناقش في صحّتها، وإنّما المراد هو إيجاد أرضية للحوار مشتركة، من منطلقات نتفق عليها جميعاً، من كتاب الله. الذي لاّ يأتيه الباطل، فهي دعوة لإعمال العقل، والتدبر في النصوص القطعية الدلالة والثبوت. ويوضح الكاتب ما لقيه من عنتٍ وصدٍ وسخرية من بعض من عرض عليهم أفكاره تلك المتعلقة بختان الذكور من المجدِّدين للأسف، وأنا على الصعيد الشخصي عندما عرضت فكرة الكتاب بدوري على عدد من الأصدقاء لم أُجابه بأقل مما جُوبه به الكاتب نضال لدرجة أنّ إحدى الصديقات سخرت مني وقالت لي متهكمة (الموضوع ما عندكم أنت ونضال)، وهذا بالفعل مما يؤسف له، أن تُعامل جرائم تُرتكب بحق الطفولة تتمثل بالتعذيب الجسدي والآلام النفسية الناتجة من عملية الختان، بمثل هذا الاستخفاف من كتاب بحجم هؤلاء وعقليات جبارة مثل عقلياتهم تلك.
منشورات ذات شعبية