هذا المقال منقول عن مدونة بن باز «نبضات بن باز: عقلانية انسانية متحررة»
ان اجابتي لهذا السؤال هي بالتاكيد نعم. فمن زمان ابن الراوندي الى زمان بن كريشان. الاسلوب الساخر هو اسلوب قوي وطويل الامد للنقد الاجتماعي والسياسي. الاسلوب الفكاهي او الساخر من الممكن استخدامه لنوضح رياء وخداع الطماعين والانانيين والمنافقين والفاسدين والجهلاء. ويكون هذا الاسلوب فاعلا اكثر من اي اسلوب اخر. انه يخرجك من طريقتك المعتادة للنظر الى الاشياء ويعطيك رؤية اخرى لها. وعندما تحاول تقويض النظام المهيمن فانه يكون مهما جدا.
من الناحية القانونيه فهي في كثير من دول العالم المتحضر لاباس بها. ام الدول التي تمنعها فاعتقد انهم يجب ان يسمحوا بنقد الاديان باي شكل كان. ولكن هل هي من الناحية الاخلاقية مقبوله ؟ هنا لا استطيع ان اقول نعم او لا ولكن احتاج الى التفصيل في نطاق الاسئلة القادمة.
في الخطاب العام تاخذ الافكار والمعلومات الاولوية. الناس تتحدث بصوت عالى وبتعاطف شديد مع افكارهم وضد الافكار المخالفة، ويستخدمون في ذلك كل وسيلة ممكنه ومنها السخرية والدراما والاستعارة والتورية الخخ .. انهم بستخدمون كل الخدع. وان كنت تتحدث في العام واما الناس فيجب ان يكون جلدك سميك.
اعتقد ان السخريه من الدين هي شيء جيد ومقبول. انها طريقة اخرى لكي نقول اننا نرفض ان نتعامل مع الدين بقفازات التعقيم. اننا نرى الدين كفكره عن العالم. وعندما نرى انها فكره ساذجة سنسخر منها كما يسخر الانسان من اي فكره ساذجة! ان الاعتقاد بان الدين يجب ان يعامل بمزيد من الاحترام هي واحده من الطرق التي يحمي بها الدين نفسه من النقد القانوني المنطقي المشروع. والسخريه من الدين هي جزء مهم من ازاله هذه الحمايه ونجعل الفكره تدافع عن نفسها مثل اي فكره.
في الحوار العام من السهل على من لا يعجبه الكلام ان يغادر او يغلق الموقع او يغير القناه. ولكن بالتاكيد صعب في قلب المسجد او الكنيسه مثلا او في مكان احتفال ديني مثلا. وبالتلي سيكون من قلة الزوق والاحراج ان تجعلهم يستمعون لك كبديل عن الخروج من هذا المكان او المناسبة. وبالتالي ستضع نفسك في اشكالية نقاش حاد.
هناك خط احاول دائما وضعه عند السخريه من الدين وهو ان تركز السخريه من الفكر الديني او الافعال الناتجة منه وليس السخريه من المتدينين في العموم. لانني لو قلت ان المتدينين هم اغبياء هكذا في العموم فانا هكذا اصبحت مثل الفكر الديني الخطير. وايضا لان المتدينين يختلفون جدا عن بعضهم البعض وايضا في مدى التزامهم بدينهم. وايضا ان هذا تصنيف عنصري للناس على اساس عقيدتها وليس على اساس شخصها. حينما نوجه السخريه على الفكر الديني او الافعال فاننا نساهم في عمل نبيل كاضافه للنقد الاجتماعي الساخر. وان وجهنا السخريه للمتدينين فاننا نشارك في عمل قبيح.
وما يمنعني من ان اقول ان المتدينين اغبياء هو ان الجمله في حد ذاتها غير صحيحة. فليس المسلم اذكى من المسيحي او الملحد او العكس. بالتاكيد لديهم نظرات وافكار خاطئة عن العالم ولكن هذا العيب في كل الجنس البشري. وليس بالضروره ان تكون غبيا لترتكب خطا ما. بل وليس من الضروره ان تكون غبيا لو اصريت عندا على موقفك مع وجود الدليل المعارض الواضح. ان الميل البشري الى ترشيد الاخطاء هي موجوده عن كل العالم. واستطيع ان اقول ان هؤلاء المغالطون بالتاكيد عندهم في حياتهم افكار ابداعيه وذكية في مجالات اخرى في حياتهم.
هل كل المتدينون اذا ممنوع ان ننتقدهم ؟ بالتاكيد لا هناك حالات استثنائية على سبيل المثال الشخصيات العامة الذين يجعلون من الدين وسيلة للترزق او كسب الشعبية خاصتا لو كانوا منافقين.
3- اي نوع من السخريه نتحدث عنه ؟
هناك سخرية لها هدف وتسلط الضوء على النفاق والغباء والطمع والغرور والعقول المغلقة.
وهناك سخريه فيها سباب وتعمل فكاهه من غير هدف او مضمون.
وهذا النوع التاني هو غير مفيد لكن بالتاكيد له جمهوره لانه قد يكون ممتع وربما اكون انا شخصيا انخرطت في هذا النوع ولكني احاول بقدر الامكان الابتعاد عن هذا النوع.
4- ماذا تريد ان تحقق من وراء السخرية ؟
-هل تحاول حشد القوات ؟ هل تحاول رفع معنويات الغير مؤمنين الذين يؤيدونك وتزيد من الروابط بينكم ؟ هل هدفك هو الهام الملحدين ليشاركوا معك وياخذوا خطوات عمليه للظهور؟ هل تحاول لفت انظار الاعلام ؟ هل تحاول تغيير نظرة الناس الى الدين ونزع القدسية عنه وتبيان انه مجرد مؤسسة وان هناك نظرات اخرى للعالم ؟
-ام انك تحاول ان تدخل في جدال مثمر مع المخالفين؟ هل تحاول اغراء المتدينين باعادة التفكير مره اخرى في معتقداتهم؟ او على الاقل في نظرتهم الى الملحدين؟
ان كلاهما مفيد ومشروع ولكن بالتاكيد يتطلبون اسلوبا مختلفا. فالاسلوب الساخر هو مفيد في مجموعة الاهداف الاولى اكثر من الثانيه. فبالتاكيد قليل جدا من الناس سيتم اغراءهم عن طريق السخريه من عقائدهم. لانه يجعلهم مدافعين اكثر ومتعنتين اكثر.
منشورات ذات شعبية