ماهي الانسانية؟ علاقتها بالدين؟ انواعها؟ تساؤلات اخرى (الجزء الأول)

هذا المقال منقول عن مدونة بن باز «نبضات بن باز: عقلانية انسانية متحررة»
الانسانية في ابسط اشكالها تتضمن اي اهتمام بالانسان (احتياجاته، رغباته، تجاربه) اولا. وهذا ما يتم ترجمته الى اعطاء الانسان الاولية والمكان الخاص في الكون نظرا لامكانياته.
 
نجد تعريف الانسانية في موسوعة العلوم الاجتماعيه كالاتي:
“الانسانية مصطلح فني و هو تصور ذهني ومعنوي وهو مبني على الانسان وليس القوى الخارقة مما يرفع من قيمه الانسان الى اعلى قيمه واعلى اشباع، الانسانية تعني اشياء كثيرة من الممكن ان تكون التوازن العقلاني للحياة الذي اكتشفه الانسانيون القدامى في اليونان، الانسانية من الممكن ان تعني دراسه العلوم الانسانية، الانسانية قد تعني حرية التدين، وقد تكون الفلسفة التي يكون الانسان هو محورها.”
 
يمكننا فهم الانسانية بشكل افضل اذا فهمنا الضد لها. فهناك “الخوارق للطبيعة” وهو الاعتقاد ، الذي يهتم بالخوارق المتعالية التي لا تعيش في عالمنا ، ان هذا النوع من الفلسفات يقول ان هذه الكائئنات الخارقة حقيقة وهامه بل ويجب ان نعاني من اجلها بل وان ننكر احتياجاتنا وقيمنا وخبراتنا من الان وصاعدا من اجلها.
 
 
هناك ايضا انوع من العلموية التي تتبع الاسلوب الطبيعي للعلوم لدرجه انها تنكر اهمية الانسان ومشاعره وخبراته وقيمه.
لاحظ اني لم اقل ان الانسانية ضد العلم ولا التفسيرات العلمية للكون والحياة ولكننها ضد اللاانسانية وسلب الانسان باسم العلم.
ان الانسانية هي فلسفة تهتم باحتياجات وقدرات الانسان. اخلاقيا هي مبنية على طبيعه الانسان وخبراته، وقيمها هي حياة الانسان ومتعته بدون ان يحدث ضرر.
أصول الانسانية:
ان اول انسان يمكننا ان ندعيه تبنى مذهب الانسانية هو” بروتاجوراس” وهو فيلسوف يوناني عاش في القرن  الخامس قبل الميلاد. لقد اقر جملتين هما اساس الانسانية الى الان
1- الانسان هو مقياس كل شيء اي انه عند صناعه المعايير فلننظر الى الانسان وليس الله.
2- لا يوجد لدينا وسائل لمعرفة ان الله موجود ام لا وقد عزا ذلك الى قصر حياة الانسان وغموض المسالة
بالتاكيد كان بروتاجوراس واحد من الاوائل وليس اول واحد. هناك ايضا فلاسفة اخرون اتبعوا نفس المنهج
لقد حاولوا تحليل العالم من نظره طبيعية وليس اعمال الله. وقد طبقوا هذا لفهم افضل للجمال والسياسة والاخلاق. وهذا ما يعتبر خروجا على التقاليد للاجيال القديمة. لتقيمها ومعرفه درجه عدالتها
 
سقراط كان يوضح الضعف في الحجج والمواقف التقليدية ويعرض البديل لها. ارسطوا حاول وضع معايير للمنطق والتفكير والعلم والفن. ديموقريطس كان يحاول شرح الطبيعة بطريقه مادية بحته وادعى ان كل شيء في الكون مصنوع من جزيئات صغيرة جدا وانه لا يوجد عالم روحي خلف عالمنا.
ابيقور قال انه لا يوجد الهه لتمتعنا او تتدخل في حياتنا وكل ما يجب ان يكون هو ما يهمنا.
هناك ايضا فنانون قالو بهذا مثل سوفوكليس وهو كاتب مسرحي وقد اكد على اهمية الانسانية وروعة الابداع الانساني الخ الخ الخ
الانسانية والدين:
 
ان نظرة الانسانية الى الدين هي نظرة ناقدة، ان الانسانيين ينتقدون العقائد الدينية، العنف الديني، التاريخ الديني، والاعتقاد في الكائنات الخارقة. هناك نوع من علاقة العداء بين الانسانية والدين ولكن هل هذا كل شيء؟
غالبا الاصوليين يعتقدون ان الانسانية اعتقاد شيطاني لقيادة المؤمنين ليهدموا اخلاقهم. فكل امراض المجتمع في نظرهم والتي يلخصونها في الجنس قبل الزواج واباحة الطلاق للمسيحين هي بسبب العلمانيين الذين يريدون الترويج لاجندتهم الانسانية لمسح كل اثر لله والدين.
 
اذا لماذا ينتقد الانسانيون الدين؟
 
ان الانسانيون يتشككون في الادعاءات الدينية خاصتا فيما يتعلق بالكائن الخارق. ايضا الانسانيون يتشككون في فكره ان
الدين ضروري للاخلاق او تنظيم المجتمع او اعطاء الناس معنى وهدف لحياتهم.
الانسانيين لا ينكرون ان الدين يساعد الناس لوضع اسس للاخلاق ومعنى الحياة ولكنهم ينكرون ان يكون الدين هو المتطلب الوحيد او شرط ضروري لهذا. الدين له وظائف نفسية واجتماعيهة اساسية لنا كبشر ولكن ذلك لا يعني ان هذه الوظائف لا يمكن ملؤها الا بالدين. في الحقيقة الدين لا يستطيع دائما ملأ هذه الاحتياجات بشكل قوى على طول الوقت، اذا نحن بحاجه الى شيء افضل للمدى البعيد للصحة النفسية والاجتماعية.
ان احد تاكيدات الانسانية هي ان الانسانية بديل لعقائد الياس والعنف وكمصدر للغنى الشخصي والاشباع الحقيقي في خدمة الاخرين.
 
 
الأديان هي ظواهر اجتماعية متفشية، والأساطير الدينية استمرت طويلا في تاريخ البشرية ،على الرغم من الحقيقة ان الانسان يجد عزاءه والتخفيف عن كاهله في الدين. ولكن في نفس الوقت لا نجد اي ادعاء مختص بالعقيدة الدينية صحيح. الاديان ساهمت بشكل سلبي وايضا
ايجابي في تطور الحضارة الانسانية.
صحيح انها ساعدت في بناء المستشفيات والمدراس وفي افضل حالاتهم شجعوا روح الحب والخير. ولكنهم ايضا تسببوا في معاناة البشرية بكونهم غير متسامحين مع من لم يقبل عقائدهم. وبعض الاديان كانت قمعية ومتعصبه، تضيق طموحهم تدعم الحروب الدينية والعنف. ولكن ايضا الاديان وفرت الراحة لانه عندما تموت سوف تذهب الى حياة ابدية  ولكنهم في نفس الوقت انموا الخوف والحقد.
ان افضل ما يقال عن الانسانيين انهم متشككين من العقائد الدينية واهمية الدين للانسانية. والتشكك ليس هو الانكار. ولكنه مزيج من الاعتراف بالمزايا وبعض الحقائق ولكنه ايضا وضع الدين تحت السؤال والتدقيق.
الانسانية والميتافيزيقيا:
 
ليست المشكله ان تعتقد في القوى الخارقه لكن المشكله ان نعتمد عليها في تفسير حياتنا.
ان احد تاكيدات الانسانية:
انه مذهب يستنكر الجهود التي تشوه الذكاء البشري عن طريق البحث عن تفسيرات باسم القوى الخارقة وان ننظر الى ما وراء الطبيعة للبحث عن الخلاص وان الدين هو من عليه ان يعدل من نفسه وخططه في ضوء العلم والتجربة.
ان سبب كون الانسانيين يعتقدون او القوى الخارقة غير مرتبطه بالانسانية لانهم يتبعون الفكر الطبيعي، اي التفسيرات الطبيعية لفهم الكون، فالكون له اصول طبيعية والحياة على الارض لها اصول طبيعية والاخلاق لها اصول طبيعية. ولا حاجة لقوى خارجه لتفسير اي شيء.