الماسونية .. النظام العالمي الجديد (نظرية المؤامرة:الجزء الاول)

هذا المقال منقول عن مدونة بن باز «نبضات بن باز: عقلانية انسانية متحررة»

كيف يعمل العالم؟ هل يتحكم به اناس معينين؟ هل يوجد ناس تعرف حقيقة ما يجري؟ هذه الاسئلة روجت على مدار قرون لصناعة رائجه جدا اسمها نظريات المؤامرة!

الماسونية :

ان اشهر ضحايا نظرية المؤامرة كانت ولاتزال المحافل الماسونية وتنظيماتها الإدارية. وكانت الماسونية في اوقات عديدة تُهاجَم بضراوه بدعوى انها تنشر الخراب والافكار السيئة ضد الدين. الى حد ما هذا الكلام صحيح فقد خربت الماسونية التقاليد الارثوذكية البالية والسلطوية فيها لانها شجعت على المساواة إلى حد ما بين الرجال على الاقل. عند كثير من الاصوليين فان كون الماسونية تنادي بان تعامل كل الاديان (ما عدا الالحاد في الحقيقة) على قدم المساواة  فان هذا عندهم اهانه للمسيحية او الاسلام ومعادي لهما !!!! ان المشكله في عقول الاصوليين الذين يدعون كذبا ويروجون لنظريات المؤامرة فهم بكل بساطه يفتقرون إلى فهم تعدد الاديان ووجوب التسامح الديني بينهم.

من المؤسف ان المؤمنين بالمؤامره من امريكا نفسها يصرون على ان الماسونية محاولة لتقويض امريكا لان الكتير من السياسيين القدامى لامريكا كانوا ماسونيين. جورج واشنطون، توماس جيفرسون وبينيامين فرانكلين كلهم كانوا نشطاء في المحافل الماسونية. وليس من المبالغة ان قلت ان الثورة الامريكية وانشاء الجمهورية الجديدة كان جزئيا معتمد على ثقافة المساواة التي كانت ترعاها المحافل الماسونية.

ولكن حتى اكون منصفا، الماسونية هي تنظيم سري ودائما السرية تولد الخوف. بالتاكيد لديهم هو لديهم الحق في ان يعقدوا اجتماعاتهم بمنتهى السرية بعيدا عن اعين المتطفلين او غير الاعضاء. ان هذا يكون من حقهم خاصتا وانهم لا يطلبون أي دعم حكومي او اعتراف حكومي او أي نوع من انواع الدعم الرسمي. انهم ليسوا مثل ا لكشافه انهم يحنفظون بخصوصيتهم وهذه الخصوصيه تجعل الناس تخاف منهم وخاصتا الجهلاء الذين هم على استعداد لتخيل كل انواع الشرور ولصقها لمجموعه لم تدعوهم إلى الالتحاق اصلا!

الماسونية هي منظمة أخوية. الاعضاء يشتركون فيها من باب التواصل الاجتماعي والمنظمة نفسها ترفع شعار “لجعل الرجال الخيرين افضل”

نظام الدرجات والاوامر:

الماسونية لها ثلاث درجات: المبتديء وأهل الصنعة والخبير. ودرجات العضوية هذه على شاكلة البنائين في القرون الوسطى

المجتمعات السرية:

الماسنويين يجعلون بعض انشطتهم غير معروفه لغير الاعضاء مما جعل البعض يصفهم بالمجتمع السري ويجعلهم عرضة لنظريات المؤامرة. ولكن هؤلاء العاشقين

لنظرية المؤامرة يتناسون ان هناك الكثير من المنظمات تجعل الكثير من نشاطاتها سريه، مثل خصوصيات الاعضاء او الاسرار التجاريه او اي شيء اخر.

هناك نوادي اسريه قاصره على الاعضاء وهذا شيء حميد. من حق الناس ان يكون لها خصوصيه. وليس من حق الاخرين معرفه كل شيء يعمله جيرانهم.

النواحي الدينية للماسونية:

الماسونية كمنظمة تعترف بوجود خالق او قوى عليا خارقة. والاعضاء الجدد عليهم ان يقسموا انهم يؤمنون بوجود اله او خالق مهما كان اسمه. ولكن على الرغم من . ذلك لا يشترط ان تكون من اصحاب دين معين لانها اصلا لايوجد بها تعاليم دينية معينه. بل ان الاديان والسياسة لا يتم مناقشتها في المحافل الماسونية. وبالتالي فالماسونية ليست دينا ابدا.

ربما تتساءل لماذا اذا يشترطون ايمانك اي اله؟ في الحقيقة انه مجرد رغبه منهم في نفي انهم منظمة الحادية.

العديد من الكتاب المعادين للماسونية قاموا بتاليف الكثير من الادعاءات على مر السنين من اجل القول ان هناك تعاليم دينية داخل الماسونية ولكنها في الدرجات العليا. وعندما تبحث عن مصدر معلوماتهم تجده غير مذكور اصلا او غير جدير بالثقة. ولكن المشكله ان كون هذه الاتهامات موجهه الى الدرجات العليا فهذا يجعل القاريء البسيط غير قادر على تفنيد هذه المزاعم. وهذا اشهر سمات نظريه المؤامرة.

خدعة تاكسيل:

كثير من الاكاذيب حول الماسونية جاءت من كتابات ليو تاكسيل في اواخر القرن 19 وكان سخريه من الماسونية وعدوتها اللدود الكنيسه الكاثوليكية. كان يكتب باسم  فتاة تدعي ديانا فوغان كانت ترقص مع الشياطين ( الماسونيين) الى ان انقذها احد القديسيين. تم مباركه القصه من الفاتيكان وبعدها اعترف تاكسيل ان هذه الفتاة مجرد خيال وكل التفاصيل من تاليفه.

ايضا من الاشاعات عن الماسونية انها تقدس لوسيفر كاله للخير وتشنع على المسيح كاله للشر. وكل هذا ايضا مستمد من كتابات تاكسيل.

طقوس الماسونية:

ان درجات الماسونية تعكس التطور الشخصي والاخلاقي للعضو والطقوس التي يتضمنها للحصول على تلك الدرجات تعكس هذا التطور ويتم ذلك عن طريق الرموز مثل عصابة العين . هذه الرموز ادت الى اتهامات من خارج المنظمة.

ان الرموز دائما لها معنى داخل اي نظام وهي موجوده في اي نظام. على سبيل المثال: قسم المصحف والمسدس في الاخوان. ولغير الاخواني هو رمز للارهابو العنف .. في المسيحية الصليب هو رمز الغفران ولغير المسيحي هو اداة تعذيب وهكذا.

الغموض والماسونية:

ان كلمه غموض كلمه واسعه جدا ولها استخدامات عده تؤدي الى الارتباك. لانهم يعتقدون ان الغموض تعني الطقوس الشيطانية والسحر الاسود وافلام هاري بورتر. لكن في الحقيقة ان كون وجود اشياء غامضه في الماسونية فهذا لايعني شيء سيء او حتى جيد.

صحيح ان هناك جماعات تنجيمية في القرن 20 و 19 لها طقوس مقاربه من الماسونية  ولكن الماسونية اقدم بقرنين من هذه المجموعات. وغير المنجمين والدجالين هناك الكثير من المنظمات والجماعات اقتبست طريقة الماسونية في الطقوس.



 

النظام العالمي الجديد:

ولتكملة النغمة فانهم يقولون ان هناك محاولات حثيثه تقودها الماسونية ومجموعات اخرى إلى خلق حكومة عالمية. ومن أكثر الناس ترويجا لهذا هي الجماعات الدينية في امريكا. حيث يزعم المبشرون ان هدفها تقويض الحريات والديموقراطية والمسيحية! ولزيادة الحبكة الدرامية فان هذه علامات القيامة ونهاية العالم. حيث ان القوى الاجنبية الشيطانية سوف تضع الامريكيين في معسكرات الاعتقال تحت رعايه الامم المتحده وروسيا وهونج كونج!

علينا ان نضع في بالنا ان السياسة الامريكية ومنذ بدايتها كانت تتصف بانعدام الثقة بين السياسيين و الحكومات بكل انواعها بل والعمليه السياسية نفسها. ووصفت السياسة الامريكية انها مصابه بالبارانويا. للاسف فان بعض المواطنين الامريكيين يذهب بخياله بعيدا إلى
تخيل ان الحكومة محكومة بواسطه قوى تسعى إلى شن حرب على المواطن العادي.

لو افترضنا جدلا وجود حكومة نظام عالمي جديد منتشره حول العالم فلن يكون هذا لوقت طويل. لماذا؟ ان الامريكيين انفسهم شعب  يصعب عليه التغلب على الخلافات الداخلية الناتجه من اختلاف الثقافات الاديان والاعتقادات السياسية فما بالك ان يتحد العالم كله باختلافاته لصنع حكومة واحده تحكم العالم

في وقت من الاوقات كان عدو امريكا الشيطاني معروف بالتاكيد الاتحاد السوفييتي و الشيوعية. البارانويا تواجدت هنا ايضا على سبيل المثال جوزيف ماكارثي.

جوزيف ريموند مكارثي (14 نوفمبر 1908 – 2 مايو 1957) نائب جمهوري بالكونغرس الأمريكي من ولايةويسكنسن في الفترة ما بين عام 1947 إلى عام 1957 ومع بدايات عام 1950 أصبح مكارثي من أشهر الشخصيات العامة في فترة بلغت فيها شكوك المعادين للشيوعية أوجها لتأثرهم بالتوترات الناتجة عن الحرب الباردة وقد ذاعت شهرته نتيجة ادعائه بدون دليل أن هناك عدد كبير من الشيوعيين والجواسيس السوفيت والمتعاطفين معهم داخل الحكومة الفيدرالية الأمريكية وفي النهاية أدي نهجه إلى ضعف مصداقيته وتعنيفه رسمياً بواسطة مجلس الشيوخ الأمريكي وقد ظهر مصطلح المكارثية عام 1950 في إشارة إلى ممارسات مكارثي وتم استخدام هذا المصطلح بعد ذلك للتعبير عن الإرهاب الثقافي الموجة ضد المثقفين.

.

وعندما سقط الاتحاد السوفيتي كان لابد من ايجاد عدو جديد، وتم تسميه هذا العدو في سنه 1991 على يد جورج بوش الاب في خطابه إلى الامه يوضح فيه رؤيته المستقبلية حول عمل الامم مع بعضها ضد الاعداء المشتركه مثل العراق انذاك. ومن هنا ولدت نظريه مؤامره جديدة.

هناك نظريات مؤامره اخرى مثل الزلازل وان هناك حكومات تسعى إلى تدمير بلدان عن طريق الزلازل.

ان علامات القيامة كما يزعم المتدينون تحتوي الكثير من نظريات المؤامرة. وامم ستعود من جديد لتحارب امم إلى ان ياتي المسيح
والدجال إلى اخر هذا الدجل.

ما النتائج المترتبه على انتشار نظريات المؤامره؟

افلام هولييود. ومسح دماغ المؤمنين وجعلهم يعيشون في عالم وهمي مما قد يؤدي إلى عنف او جماعات تروج للمؤامره لاستخدام العنف.

أول ما ظهرت هذه المجموعات في تسعينيات القرن الماضي، وكانت شرارة نشوئها الحادثتين في كل من «روبي ريدغ» في ولاية آيداهو، وحادثة «واكو» في تكساس، فأعلن الكثير من هذه المجموعات العداء الصريح للحكومة الأميركية واتهموها بتنظيم مؤامرات ضد الشعب الأميركي، ونصبوا عشرات المكائد ضد رجال الشرطة ورموز الدولة، وكانت ذروة أفعالهم تفجير مبنى بلدية أوكلاهوما في 1995 الذي أودى بحياة 168 شخصا، ونفذه  الإرهابي المتعصب «تيموثي ماكفي» الذي أعدم في 2001، متزامنا مع وصول جورج بوش ( الأبن ) رئيسا. وكان ذلك أكبر حادث إرهابي في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية على أيدي أميركيين

وقعت حادثة روبي ريدج في 1992عندما حصلت مواجهة بين الشرطة وبين عائلة راندي ويفير، المؤمنة بتفوق العرق الأبيض. وبدأت المواجهة نتيجة لقيام ويفير ببيع الأسلحة بشكل غير قانوني، وفي النهاية لقيت زوجة ويفير وابنه حتفهما.
وفي السنة التالية، توفي 80 شخصا من
«محبي المسدسات» بعد مواجهة استمرت 52 يوما في «واكو». ورأى الكثير من أنصار هذه الحركات ، أن الحكومة الأميركية مستعدة للقتل في سبيل تطبيق قوانينها، وعرّفوا هذه السياسة بـ»النظام العالمي الجديد» الذي يعكس عولمة سياسية واقتصادية تهدف لسرقة استقلال الولايات المتحدة وتغيير ثقافتها وطبيعتها  الخاصة، وفرض النظام الاشتراكي عليها.
وسادت نظريات حول
مؤامرات تنسج لإرسال «الوطنيين» الأميركيين إلى معسكرات اعتقال وتدمير المجتمع الزراعي باستخدام «آلات طقس جهنمية»، وغيرها. ووصل الأمر بالكثير منهم إلى اعتبار تفجير المبنى الحكومي في أوكلاهوما على أنه مؤامرة من إدارة الرئيس بيل كلينتون لإلصاق الجريمة بمجموعات الميليشيا وقلب الرأي العام الأميركي ضدها في سبيل إصدار قانون مكافحة الإرهاب 

.

في هذا الرابط تجد تفاصيل اكثر

 

ان نظريات المؤامرة تضع اساسا وحافزا لتفكير وتصرفات المؤمنين بها. فتصرفاتهم تجاه الحكومة او الاقليات او المنظمات سيكون مغايرا عن باقي تصرفاتهم تجاه المجتمع. فمثلا حتى اولئك الغير مهتمين بنظرية المؤامرة او غير المتشددين دينيا قد يتشككون هذه الايام من منظمات مثل الماسونية.

يتبع الجزء الثاني … الصهيونية ….