سياسة علمانيه ومجتمع علماني:
ان اليمين الاسلامي او المسيحي دائما ما يشتكي من الليبراليين العلمانيين، يدعون انه لايمكن ان نتبع السياسة او القانون بدون ان يكون اساسهما مستمد من احد الاديان التوحيدية وبالنسبه الى دولنا العربيه فانها الاسلام او المسيحية. وطبعا هذا الكلام غير صحيح.
أولا: لايوجد اي تعارض بين اتباع قوانين علمانيه وبين النجاح او الاخلاق او الانسانية، بالعكس ان العلمانية اللادينية لها قيمها التي ذكرناها في المقال السابق ولها مزايا سنذكرها في هذا المقال.
المجتمعات والدول هي نتاج انساني:
على مدار التاريخ الانساني، آمن البشر ان مجتمعهم قد اختاره الله من اجل حمل مهمه عظيمة، فتاره شعب الله المختار وتاره ابناء الله وتاره امه وسطا الخ. ان هذا غير مقبول في العالم الحديث. ان كل المجتمعات الانسانية هي ايضا كائنات بشرية وتتواجد من اجل الحاجات الانسانية المشتركه. اننا نحن البشر حيوانات اجتماعيه و قد خلقنا المجتمعات لاننا نحتاجها ونريدها وليس لان الله اختارنا او اراد لنا ذلك. طبعا هناك مجتمعات تنجح في عملها اكثر من غيرها ولكن ليس بسبب تفويض الهي!
الحقوق والقوانين هي صنع انساني:
ان اساس اي مجتمع بشري هو نظام من الحقوق والقوانين، كلها مصنوعه بواسطه البشر على شكل قواعد ومعايير تساعد في تنظيم مجتمعاتهم. ليس هناك حقوق او قوانين مصنوعه بواسطه الالهه وتم فرضها علينا. على العكس انهم نتاج خبراتنا بالخير والشر. ليس هناك حقوق او قوانين مطلقة، ولكن هناك ضروريات اساسية حتى نتجنب المشاكل والمعاناة.
السياسة هي سعي انساني:
السياسة هي نظام انساني تنظم به المجتمعات نفسها، ففي المجتمع الحر والديموقراطي الشعب له السيادة والقول الفصل وليس لله او الالهه اي وجود داخل هذا النظام. فلا يمكن ان نتخذ قرار بناء على رغبه اي اله كان. في السياسة نحن مسئولون امام بعضنا البعض وليس امام اي اله. السياسة بالضروره هي عمليه يلعب فيها الحل الوسط دورا مهما، في حين ان الدين ليس كفؤا على الاطلاق في مساله الحلول الوسط حتى في الامور الاساسية.
نحتاج حلول بشرية للمشاكل البشريه:
مهما كانت المشاكل التي تواجه المجتمعات الانسانية، فانها بالتاكيد مشاكل بشريه سببها تصرفات الانسان او طبيعته او العالم الطبيعي الذي يعيش فيه، فليس هناك سبب ميتافيزيقي او خارق. ليس هناك شياطين او ارواح تسبب لنا البؤس، ان مشاكلنا تخصنا ونحن فقط من يقدر على حلها باستخدام التفكير والعلم والتكنولوجيا. ليس هناك مشاكل من حيث المبدآ غير قابلة للحل ولكن هناك مشاكل تسبب لنا المتاعب اكثر من غيرها.
لايمكننا التضحية بعالمنا هذا من اجل “مابعد الحياة”:
ان وجود حياة اخرى ربما لا يكون مستحيلا ولكن وجود هذه الحياة ( أقصد الحياة التي نعيشها الان )حقيقة خارج التشكيك. انه ليس من الاخلاقي ان نركز كثيرا على امكانية الحياة بعد هذه الحياة لدرجة التضحية بهذه الحياة. هذه التضحية لها اشكال كثيره منها من يضحي بحياته او سعادته او سلامة العالم من حولنا. ويمكن للافراد ان يقدروا قيمة وجود حياة بعد الموت، ولكن القانون والسياسة العامه لا يمكن ان تعطيها اي اهتمام ولا يمكن ان تبنى عليها باي شكل كان.
العلمانية ليست حزبا او فلسفة او عقيده قائمة بذاتها
السياسة العلمانية اللادينية تعني ان تمارس السياسة بدون مرجعيات الهية او عقائدية، انها ليست بشكلها المجرد حزبا او فلسفه او عقيدة. ولكنها تدخل كجزء مكون في الاحزاب السياسة او الفلسفات السياسية المتعددة. من الممكن ان تتحول الفلسفة السياسية اللادينية الى فكر متحجر” دوغمائية” ولكن يجب على من يمارسوها ان يتجنبوا هذا. الدوغمائية والتطرف هي احد رذائل الاديان التي تسمي نفسها مطلقة ويجب هلى السياسة اللادينية التغلب على هذه العقبات.
العمل السياسي بديلا للدعاء والفكر الديني:
لان السياسة العلمانية تركز على ايجاد حلول بشريه للمشاكل الانسانية في هذا العالم ، فليس هناك مجال للدعاء او التفكير الحالم. القرارات تبنى على بينات ثابته والبحث العلمي كلما امكن. والحلول يجب ان تكون عمليه وبطرق نتمكن فيها من التغلب على المشكله. ولا يجب تحت اي حال من الاحوال ان تبنى السياسة على مسلمات عقيدة ما لا يوجد لها اثبات!
العلمانية ليست انحلال اخلاقي:
فاللادينية لا تجعل منحلا كما ان الدين لا يجعلك اخلاقيا. وكما ان الالحاد لا يجعلك سيء الاخلاق فان ممارسه السياسة بدون مرجعيه دينية لايعني ان النتائج ان المجتمع سيصبح غير اخلاقي. السياسة العلمانية ليست معصومه ولكن ايضا لا يوجد بها شيء يجعل الناس تخاف او تقلق او تشك
مميزات السياسة العلمانية:
1- غياب الدوغمايئة والخيال:
ان كونك لاديني لايعصمك من الدوغمائية او الخيالات، ولكنها تنزع منك احد اهم الاسباب المسببه لهذا. ان الديانات الثلاثة تنشيء نظام مطلق يعمل على انكار شرعية الحلول الوسط. في حين ان السياسة مبنية على اساس الحلول الوسط.
من الواضح ان المؤمنين في الواقع السياسي قادرين على الحل الوسط في بعض الامور ولكن هذا يعني غالبا ان يرفضوا ان تكون التزاماتهم الدينيه اساسا للسياسة العامة. مما يعني انهم بدؤوا يتصرفون على اساس علماني. وهذا ما يشكوا منه بعض المتدينين.
2- تحرير الانسان من الشكوك والصراعات بين الاديان:
فهذه الصراعات التقليدية بين المسيحية والاسلام او ايا من طوائفهما لن تعني السياسي العلماني في شيء.
3- تجاهل الايمان الاعمى واستخدام التفكير والتجريب والعلم كبديل وحيد:
من الممكن ان نستخدمهم بشكل خاطئ ولكنها الاساليب الوحيدة لايجاد حلول جيدة لمشاكلنا. ويجب ان تكون السياسة حلولا عمليه لمشاكلنا. والدين يعوق هذا.
منشورات ذات شعبية