هذا المقال منقول عن مدونة بن باز «نبضات بن باز: عقلانية انسانية متحررة»
لماذا خلق الله الملحدين؟
هذا السؤال طالما نسأله للمؤمنين.
لو ان الله حقيقي. والمتدينون يدركون كيانه الحقيقي. فلماذا يتوجد الملحدون؟ لماذا لا يدركه كل البشر؟ اذا كان الله قويا لدرجه انه يوصل حبه وعنايته وافكاره إلى المؤمنين فلماذا ليس على نفس درجه القوه حينما نطلب ان يصل الينا جميعا؟
ان هذا السؤال ايضا يسبب القلق للمتدينين. على الاقل يجعلهم مجبورين على الرد عليه. وبما ان الالحاد في انتشار فان هذا يعني مزيدا من الاجبار على الرد.
هناك اجابتان دينيتان على هذا السؤال وليس هناك اجابه منهم دامغه او مقنعه ولكن لاباس سوف نقوم بالرد عليها.
1- الملحد انسان قام بغلق قلبه عن الله.
أي ان الله وصل الينا وتواصل معنا او اثبت نفسه او او او .ولكننا لا نريد الايمان! لاننا نريد ان نعيش حياة انانية ومترفه ولا نريد طاعة قوانين الله، او ربما تعرضنا للاذى في حياتنا او بسبب الدين او اننا غاضبون من الله. وايضا نحن لدينا اراده حره وبالتالي نحن احرار في قبول الله او رفضه. فالله بالتاكيد لن يجبرنا على عبادته لان هذا يعتبر غش!
ماهذا؟
كما ترى يوجد منظومة من المشاكل!
بالنسبه للمبتدئين فان هذه الفكره مقتنعين بها تماما. والملحد المسكين ليس امامه أي طريقه لاقناع هذا المؤمن الا ان تم اختراع تكنولوجيا تتيح له الدخول إلى عقل الملحد ليتاكد ان هذا الملحد متفتح ويعامل الدين بحيادية.
الملحد بامكانه ان يقول مئات المرات “ انا اخبرك الحقيقه انا درست الامر بعنايه وكنت محايدا و درست الادلة الدينية للاديان ولم اجدها مقنعه ابدا” بامكاننا ان نطلب من المؤمنين ادله جيدة على وجود الله، بامكاننا ان نوضح الالم الذي مررنا به جميعا عند ترك الدين واعتقاداتنا التي تربينا عليها، بامكاننا ان نقول لهم نوعيه الادله التي قد تقنعنا. وطبعا بما انه من المستحيل ان نبين لهم بما يدور في عقولنا وقلوبنا فانهم سيظلون يقولون “ انتم غير صادقين. عقولكم وقلوبكم موصده”
طبعا ليس هناك مجال لان تقنعه انه خطا. انها فرضيه غير قابله لذلك وبالتالي فان الجدال حول هذه النقطه غير مثمر
أن أي افتراض أو نظرية لا يمكن لها أن تكون علمية ما لم تقبل إمكانية أن تكون كاذبة.
قابلية التكذيب لا تعني أن النظرية خاطئة حقيقة، فلكي يكون افتراض ما قابلا للتكذيب، يجب أن يكون هناك من حيث المبدأ إمكانية إجراء تجربة تظهر أن هذا الافتراض خاطيء، حتى لو لم تجر هذه التجربة أو لم تلتقط تلك الملاحظة المكذّبة للنظرية.
ماذا بعد؟ “ انت قد جعلت قلبك قاسيا تجاه الله” لايهم عدد المحاولات التي حاولت فيها البحث في الامر .مجددا لانك اصلا لم تحاول بصدق واجتهاد لانه ان بحثت بصدق واجتهاد فانت بالتاكيد سوف تؤمن. اذا عدم ايمانك هو دليل على عدم اجتهادك في البحث وهو المطلوب اثباته ( انها مزيج فريد من مغالطتين منطقيتين هنا الاولى هي :
1-مغالطة تغيير شروط اللعبة
إيهام المستمع أنه إذا كان المناقش يناقش عمرا ً فإن عليه أيضا مناقشة زيدا .
مثلا عند مناقشة الادلة على وجود الله تجده يشكك في قسوه قلبك وانك لم تحاول جيدا ! والغرض منها تشتيت الحوار.
2-مغالطة الجدل الدائري أو المنطق الدائري
في هذه المغالطة تجد المقدمات تحتوي على فرضيات يُسُّلم بها المغالط و قد لا يسلم بها محاوره ،، ويبني على هذه المقدمات النتائج التي هي اصلاً في المقدمات ،، وهنا يكمن الخطأ و المغالطة
فيبدو أن كلامه منطقي حيث ان مقدماته تؤدي إلى نتائج منطقية !!
مثال
“ بما ان القران لا يكذب والقران قال ان الملحدين قلوبهم قاسيه اذا الملحدين قلوبهم قاسيه
النتيجة التي وصل إليها المغالط هي نفس المقدمة الثانية و التي حمَّلها بما يريد أن يصل إليه من نتائج ،، فهنا تفكيره دائري أو كما يقال بالعامية ” بيلف ويدور “
العقل البشري يصدق ما تعود على تصديقه، وما اجبر على تصديقه وما يريد ان يصدقه. ان التبرير هي عمليه غريبه وعميقه من عمليات العقل البشري. انها تمكننا من الحياة بدون ان نصاب بالتوقف تماما. ويجب ان نضع هذا في بالنا عند مراجعة اعتقاداتنا ومدى صحتها.
اذا هل كما يقول المؤمنون ان الايمان يحتاج الى مجهود كبير من التفكير والحياد الخ الخ؟؟ هل حتى تؤمن يجب عليك ان تفتح قلبك؟؟
هذا الكلام ليس صحيحا تماما.
ان كنا نهتم هل اعتقاداتنا صحيحه ام لا. اذا اردنا فعلا التاكد وليس خداع نفسها واقناعها بما هي تؤمن به اصلا فلماذا علينا ان نحاول مرارا وتكرارا وبكل جهد ان نقنع نفسنا بالدين؟؟
بدلا من كل هذا الوقت في اقناع انفسنا بالدين من المفترض ان نكون متشككين اكتر واكثر. وليس من المفترض ان نفتح قلوبنا كما يدعون لانه سيكون مجرد تفكير حالم بالجنه! بل من المفترض ان نحرس قلوبنا.
انني منفتح وكثير من الملحدين على عقولنا ونؤمن بالتغيير. لقد كنا مؤمنين. ومتدينين. ومن ثم ساهم انفتاح عقلي ورغبتي في التغير الى ما اراه الافصل واعادة النظر في الاحتمالات هي ما جعلتني اترك الدين. واذا اعطاني احدهم ادله مقنعه للعوده الى الدين سوف افعل.
اما بخصوص “افتح قلبك” فهذا ليس سببا جيدا. انها فرضيه غير قابله للخطأ فليس بامكاني فعل شيء لاثبات انني صادق. كما انه لن يستطيع احد ان يعطيك مبرر قوي لماذا عليك ان تفتح قلبك لاله الاسلام بدلا من يسوع المسيح مثلا؟ او جانيش اله الخير؟
هل تعرفون من هو جانيش :D?
جانيش الابن، الذى قتل على يد أبيه الملك شيفا، الذى خرج للحرب لمدة 12 عاماً بعد أن تزوج من الملكة بارفاتى، وعند عودته من الحرب، رفض أحد الحراس إدخاله القصر، فقام بقطع رأسه، واكتشف فى النهاية أن الحارس هو ابنه جانيش، الذى لم يره طوال حياته، فما كان من شيفا إلا أخذ زوجته وهرب من القصر، وفى الطريق، وجدا فيلاً صغيراً مع أمه، فقام شيفا بقطع رأس الفيل الصغير، ووضعها على جسد ابنه، وعندما اعترضت عليه زوجته بقولها، إن ذلك سيشوه شكل ابنهما حين يعود للحياة، أخبرها شيفا “أن الشكل الخارجى ليس مهماً بقدر ما هو بالداخل، وأن ابنهما سيكون محبوباً جداً من شعبه”.
وكما ترى فان تعليلهم اننا لم نفتح قلوبنا هو تفسير بشع وسيء مثل قصه جانيش تماما لكي يبرروا سماح الله بوجود الملحدين.
هل هناك تبريرات افضل ؟ الان ناتي الى التبرير رقم 2
2- الله لا يهتم بكونك ملحد فهو يحبك كما انت
وهذا الرد يأتي من المؤمنين المتسامحين والقابلين للتعددية.
هذه الفكره تقول انه طالما انك شخص جيد وتحب الاخرين وتساعدهم اذا فالله يحبك. فالله غني عن صلاتك وعبادتك او حتى ايمانك. فالله يحب الملحدين ولايهتم بايمانك به.
في الحقيقه ان كان الله لا يهتم. فالملحدين يهتمون !
نريد ان نفهم العالم فنحن نهتم بالحقيقة اكثر من اي شيء اخر. ولو كان هناك اله خلقنا ويقود عمليه التطور ، الذي ينعش الحياة كلها بروحه. بالتاكيد نحن نهتم بمعرفه هذه التفاصيل. لقد ظللنا نسال المؤمنين لسنين ومرارا وتكرارا هل لديك دليل يدعم ايمانك؟ اذا كانت الاجابة نعم رجاء قل لي عليه، اريد ان ارى الدليل انا لا اريد ابدا الجدال او المناظرات. انا بصدق اريد معرفه لماذا لا يعطينا الله هذه المعرفه ؟ لماذا يعطيها لبعض الناس فقط؟ ويحرم منها الاخرين؟
اذا كان فعلا هناك اله محب الذي تنبع منه كل الحياة وكل الاشياء الجيده والقيمة،
فانا لا اريد الانعزال عنه، اريد الاتصال به (بها – بهما – بهم) خاصتا هذا الاله المؤثر الذي يؤمن به المؤمنون المتسامحون.
وسيكون ساعتها عندي مجموعه من الاسئلة له: لماذا المعاناه؟ لماذا الشر في العالم؟ وساحاول مصادقته لانه ايضا مصدر الحياة وبامكانه ان ياتيني بالخير والحب.
ولكن ان كان الله موجود لماذا لا يحاول الوصولي لي؟ لماذا يصل لبعض الناس وانا لا؟ لماذا يتجلى للبعض باشكال متناقضه وبقاع مختلفه وعلى هيئات متعددة وانا لا؟
دعوني اوضح الامور اكثر: انا سعيد بكوني لاديني ولست من اولئك الملحدين الذين يحسدون المؤمنين على ايمانهم! مما يجعل المؤمن يتخيل ان كل الملحدين هكذا!
نعم لا انكر انني فقدت نوعا من الراحه عندما هدمت اعتقاداتي السابقه ولكنني كسبت راحه اكبر بعد ذلك لانها مبنيه على اسس حقيقية 🙂 واقعيه وليست احلام
انا سعيد بحالي لاني مقتنع بعدم وجود الله ومقتنع بصحه اعتقاداتي. ومتاكد ان الله لو كان موجود كان
سوف يعلمنا بهذا. وبالتالي ان كان الله موجود لما لا يخبرنا؟
ان عندي اجابات على السؤال الذي يقول لماذا يؤمن الناس بالله مع انه غير موجود؟
ان العقل البشري عرضه الى اخطاء معرفيه عديدة تؤمن بالدين، اننا نعطي ثقلا كبيرا للتجارب العاطفية ولا نفكر بشكل نقدي فيها. ليس لدينا فهم جيد للاحتمالات ودائما نعتقد ان الاحداث وارد حدوثها اكثر مما تحتمل. اننا نصدق اصحاب السلطات. اننا نصدق ما تعلمناه ونحن اطفال. اننا نتردد في السؤال عن ما بعتنقه سائر المجتمع.
ان الالحاد لا يتعارض اصلا مع الايمان بالهه غير موجوده ولكن،،،
الايمان بالله يتعارض مع وجود الملحدين ..
في الختام انني الى الان لم ارى مؤمنا يعطي مبررا قويا لايمانه او لماذا يظهر الله للبعض والبعض الاخر لا؟ لماذا يجعل البعض يؤمن والبعض الاخر لا؟ الى الان لا اجد اجابه لماذا الله مطلق القوه والمعرفه والرحمه ومع ذلك لا يدركه جميع الناس؟
هل احد ما يملك الاجابه؟ واياك ان تقول انها فوق ادراكنا لانني ساصرخ في وجهك
منشورات ذات شعبية