المقال منقول عن مدونة «نبضات بن باز: عقلانية انسانية متحررة»
اذا كان الملحد يريد ان يكون متشككا في اله معين فان الخطوة الاولى ان يكون لديه تعريف مفهوم ,ومتماسك عن هذا الموضوع وهو ما هو ذلك الشيء الذي يسمى “الله”؟ فعندما يقول احدهم كلمه “الله” فماذا يعني تحديدا بهذه الكلمه ؟ وبدون تعريف مفهوم ومتماسك سيكون من المستحيل ان نتناقش في الموضوع بطريقه موضوعيه ومعقوله. فيجب علينا دائما في اي نقاش ان نعرف عن ماذا نتكلم قبل البدء في الحديث
في نفس الوقت هذا شيء صعب على المؤمنين.، وهذه الصعوبه ليست نتاج نقص في التسميات والصفات التي ينسبوها الى الههم لكن الصعوبه هي ان الكثير من هذه الصفات تتناقض مع بعضها البعض. وللتبسيط فانني اقول: ان الصفات الالهيه لا يمكن ان تكون جميعها صحيحة لان بعضها يلغي البعض الاخر، وفي بعض الاحيان يكون وجود صفتين مع بعض شيء مستحيل منطقيا. وبالتالي فاننا سنقول ان التعريف لكلمه “الله” ليس مفهوم ولا ومتماسك.
ان البشر غير معصومين من الخطأ وبالتالي من الواجب ان نتوقع ان يرتكب الناس أخطاء في الفهم. ونتاج هذا فاننا سوف نرفض بعض التعريفات السيئة ولكن ليس مبررا لكي نرفض الموضوع برمته.
1- في المسيحية وهو الدين الذي معظم الملحدين في الغرب يتعاملون معه نجد ان التناقضات في صفات الله والتعاريف الغير متماسكه هي القاعدة. انها شائعه جدا لدرجه انه من المفاجأة ان تجد تعريفات مستقيمه ومتماسكه. ولدرجه ان التعاريف الاقل سوءا مرحب بها نظرا لكمية التعريفات والتفاسير السيئة.
وطبعا هذا نتاجه ان الاديان القديمة نشأت في سياق حضارات متعددة. فالمسيحية على سبيل المثال تستمد من الدين العبري القديم والفلسفة اليونانية القديمة في وصفها لله. وهاتان الثقافتان ليستا متوافقتين مع بعضهما بشكل حقيقي بشكل يسبب حدوث حدوث اغلب التناقضات في علم اللاهوت المسيحي.
ان المؤمنين يعرفون ان هناك مشاكل والدليل على ذلك هو المدى الذي وصلوا اليه من اجل جعل التناقضات اكثر سلاسه. بالتاكيد لم يكونوا ليبذلوا تلك الجهود لولا معرفتهم ان هذه التناقضات تسبب المشاكل. على سبيل المثال: عند معالجتهم لكلمه “كلي” مثل كلي المعرفه او كلي القدره نجدهم يتعاملون معها كما وانها ليست “كلي” على الاطلاق. فمثلا كلمه “كلي القدره” نجدهم يحاولون جعلها اكثر سلاسه فيقولون “ انها القدره على فعل اي شيء في نطاق طبيعته”
هناك تناقضات ابعد من ذلك، على سبيل المثال التعريفات المختلفه من متدينين مختلفين من نفس الدين فعلى سبيل المثال في المسيحية: سنجد هناك مثلا تعريفان متناقضان تمام التناقض فهناك من سيقول ان الله كلي القوة لدرجه ان الاراده الحره غير موجوده وان كل ما نفعله هو عائد الى الله ( الكالفينية المتشددة) في حين ان مسيحي آخر سوف يعرف الله بانه ليس كلي القوة ولكنه يتعلم ويتطور معنا (لاهوت الصيرورة) بالطبع لا يمكن ان نقول ان الشخصين رايهما صحيح سويتا.
2- في الاسلام يعرف المسلمون الاله على كونه ذلك الاخر الذي لا يشبهنا بل ان مجرد وصفه باي صفه انسانيه هو كفر. وهذا يبدوا تناقدا فجا مع المسيحية التي من المفترض انها نفس الاله. فالمسيحية مثلا ترى ان الله كان انسانا في فتره من الوقت وبالطبع لا يمكن ان يكون كلا الدينين صحيح سويتا.
الى ماذا نصل بعد كل هذا؟
ان ما قلناه لا يثبت ان اي من هذه الاديان هو خاطيء تماما. ولا يثبت انه لا يوجد الهه لانه من الممكن ان يتواجد نوع معين من الالهه يتوافق مع ذكرناه بالاعلى. وكما قلنا فان البشر غير معصومون من الخطا وبالتالي فانهم اكيد ربما فشلوا في وصف احد تلك الالهه وهو متواجد ومتضايق منهم الان !
لكن لاحظ: انني اقول انه ان تواجد اله ما فهو ليس تلك الالهه المتناقضه.
بين الاديان ذات الالهه المتناقضه لايمكن ان تكون جميعها صحيحة. في احسن الحالات سيكون هناك دين واحد صحيح ومجموعه معينه من صفات الاله ستكون هي الصفات الصحيحة للاله الصحيح. ولكن الاحتمال الاكبر والمرجح اكثر انه ليس اي من تلك الاديان صحيح وانه هناك اله اخر تماما ذو صفات اخرى موجود. او ربما هناك عده الهه ذات صفات مختلفه
اذا من خلال كل ما قلناه. هل يوجد اسباب جيده وسليمه وعقلانيه للايمان بكل تلك الالهه التي يستمرون في التبشير بها؟
بالطبع لا. مع ان كلامنا لا تنفي منطقيا وجود نوع معين من الالهه. ولكنه من غير العقلاني ان تؤمن بشيء ذو صفات متناقضه منطقيا. من غير العقلاني ان تؤمن بشيء يتم تعريفه بطريقه وفي نفس الوقت يتم تعريفه بطريقه اخرى متناقضه معها بواسطه شخص آخر. ما الذي يجعلك تتبع هذا وتترك هذا ؟
ان الموقف الاكثر عقلانيه هنا هو ان تسحب ايمانك وتبقى ملحدا. ان وجود الله لم يتم اثبات انه شيء مهم جدا لدرجه اننا يجب ان نؤمن باسباب يغيب عنها التجربه والسلامة. وحتى ان كان الايمان بالله شيء مهم فهذا لا يعني ان نتنازل عن مبادئنا ونقلل من معايرنا. بل بالعكس علينا ان نعلي من سقف معاييرنا من الادله والمنطق.
منشورات ذات شعبية