عندما كنت ًصغيرا في المدرسة قال لنا أستاذ الديانة إن العلماء وجدوا في لعاب الكلب جراثيم، فعندما يقوم بالشرب من الدلو أو الإناء فإن هذه الجراثيم تنتقل إلى هذا الوعاء وقد حاولوا غسل هذا الوعاء بشتى أنواع المنظفات، ولكن دون جدوى إلى أن قاموا بتنظيف هذا. الوعاء سبع مرات بالتراب وهذا ما جعل الجراثيم تختفي.

طبعا هذا غيض من فيض فكل ثلاث أو أربع حصص كان يكتشف العلماء موضوعًا جديدًا يثُبت الدين الإسلامي، فتارًةً يكتشًفون أشعة تصدر من الذهب تؤثر على الذكور فقط، وتارًةً أخرى يكتشفون أن النبات بحفيفه يسبح الله، وتارًةً يكتشفون أن القرآن يعالج من السرطان والكثير غيرها. لأكون صريحًا في ذلك السن صدّقت هذا الكلام، حيث إني كنت في المراحل الابتدائية وبدأت أحاول أن أكون ممن ينقل عن العلماء، طبعا لم يكن لي علم بالعلاقة الجنسية حينها، فقلت لنفسي هل يعُقل أن نفس هؤلاء العلماء اكتشفوا أن الأولاد يأتون بسببً أن الأم تضع الخاتم في يدها وإلا فلمَ يلبسون الخواتم.

عند انتقالي الدراسي من الابتدائي للإعدادي، بدأ أساتذة الديانة بتغيير لهجتهم تجاه العلماء الذين أثبتوا كل ما في القران فأصبحوا علماء الغرب الكافر وبات أستاذ الديانة يقول لنا أن العالمِ الصليبي اعتنق الإسلام بعد أن عرف كذا وكذا. صراحة استغربت من هؤلاء العلماء، أوَلم يكفيهم ما شاهدوه من إعجازات دينية لكي يؤمنوا؟ وكيف لازالوا يبحثون في نفس المواضيع ويؤمنون مرة اخرى؟ فذلك العالمِ الذي اكتشف أن الذبابة في أحد جناحيها سم لا يمكن أن يعالجه إلا الترياق في الجناح الثاني كل سنة يقوم غيره من العلماء بنفس التجربة ويؤمن أيضًا. هؤلاء العلماء لا ينتهون.

طبعًا لم أفهم اللعبة إلا لاحقا ولهذا قررت وضع تعريفات ُتميّـز العلماء عن العلماء عن العلماء فلا يجب أن نخلطهم ببعض.

العلماء: هم أشخاص وهميون قمنا باختراعهم وأتبعناهم بأسماء يصعب التوثق منها ووظيفتهم هي إثبات أي شيء غير منطقي في القرآن.

العلماء: هي نسبة نحاول بها إقناع أنفسنا والآخرين بموضوع ما عندنا إيمان بأنه حقيقة، ونقول ضمنيًا لابد أن يكتشفوا ذلك لاحقًا. وبهذا لا أكون كاذبـًا.

العلماء: وسيلة تأكيد هدفها إسكات الآخر وإيقافه عن السؤال، لعدم القدرة على الإجابة ومحاولة البقاء في موقع العارف بكل الأمور.

طبعا التأكيد لا يأخذ فقط الصبغة الدينية مع أنها الغالبة دومًا، وأباطرة الإعجاز العلمي هم أصحاب أكبر الألوية في ذكرِ أولئك العلماء وللإنصاف فهناك أنواع من العلماء تتداول على أجهزة الراديو وفي المحطات التلفزيونية بعضهم عندما يتكلم ينقل كلامه مع التشويه اللفظي للمستمع، وبعضهم من نوعية مدمرة فائقة الذكاء وأسلوبها يرمي المنهج العلمي في أقرب حاوية للقمامة، فالنوع الأول تصدّرت به الجزيرة المرتبة الأولى فقد ذكرت خبرًا عن علماء أسقطوا نظرية التطور.

طبعا نظرية التطور التي تقول ثلاث كلمات فقط “أصل الإنسان قرد” ورموا بكلام الباحثين الذي ق ِّـُدم في تلك المحاضرة في القًمامة ووضعوا بدلًا عنه كلام من عندهم وطبعًا لا داعي عزيزي القارئ لكي تبحث عن الموضوع الأصلي وتدقق الكلام وذلك لسببين أولهما أن الإنجليزية صعبة الفهم، وليست كما اللغة التي تعلمتها في الصغر وثانيًا لأن هذا يعارض الدين الذي لابد لك من الذود عنه حتى بالكذب.

النوع الثاني كان مفاجئًا لي عندما سمعت في الراديو أن الموسيقى تساعد على نمو الأظافر وكان الدليل هو عملية إحصائية نتيجتها أن 06٪ من النساء اللواتي استمعن للموسيقى كان نمو أظافرهن أسرع ب 5٪. ما هذا بحق الجحيم! هل تـُقاس الأمور العلمية بهكذا أطروحات إحصائية فاسدة؟ هل نرمي بعلم البيولوجيا والكيمياء والفيزياء في القمامة ونبدأ بجمع عيّـنات عشوائية لنقدم طرحًا كما الذي في السابق، على هذا الأساس تعال نحسب نسبة الأشخاص الذين تصيبهم حكة عند مشاهدة التلفزيون، وكم شخص يهرش رأسه وما علاقة الـ فوتونات الصادرة من شاشات البلازما في زيادة حك الرأس نسبة لشاشات الـ LCD إن هكذا علوم سوداء تضرب بالمنهج العلمي عرض الحائط بالإضافة إلى أنها وبكل صراحة تصل بالتوازي مع الإعجاز العلمي لمرحلة استغباء وخداع المستمع، كمن يقول لك أن 50٪ من نباتات الفاصوليا في الشرق الأوسط تحت متوسط الطول لنبات الفاصوليا !! هذا أمر طبيعي لان 50٪ سيكون أعلى من المتوسط ولهذا سُمي متوسط.

إن جميع العلماء الذين ذكرت ما هم إلا وهم أو أفاقين أو مكذوب على لسانهم أو مُتلاعب ما يطرحون والقاسم المشترك بين كل هؤلاء هو الكذب ومن ثم الكذب.

شخص يسُمى دكتور في الإعجاز العلمي لا يستحق سوى لقب أفاق وكل مصدّق له هو ساذج.

صحيح عزيزي القارئ أنا كنت ساذجًا حينما صدقت أستاذ الديانة، ولم أسأل نفسي وقتها على أي أساس قاموا بدعك الإناء سبع مرات بالتراب؟ كنت أظن العالمِ إما مثلي أو مختلف عني، ولم أكن أعرف أنني أنا الاختلاف عن آلاف المختلفين، كل منا في اتجاه وكل يصدق الأكاذيب التي تلُقَّـن له، ولكن بأسلوب مختلف فليس الدين وحده الذي يكذب بل هناك ألف أسلوب للدجل وبيع الغباء لمن فقد أسلوب الإقناع وهنا يقول لك. قال العلماء!

مجلة الملحدين العرب: العدد الحادي عشر / شهر أكتوبر / 2013