نتساءل جميعًا عمّا يدور في خلد المتدينين إن كنّا غير متدينين، وأيضًا عمّا يدور في خلد غير المؤمنين إن كنّا مؤمنين، هذا الحوار الطويل والأخذ والرد بين المؤمن والكافر والساعات الطوال من النقاش بين العلماني والأصولي لا تجدي نفعًا في أغلب الأحيان، إلا في توجيه الاتهامات والنعوت لبعضنا بعضًا، مع الأسف فإنّ سلوك طريق الجدل الحاد والمصادمات لا يُوصل المتحاورين أو المتجادلين إلى نتيجةٍ إيجابيةٍ بسبب اختلاف المنطق، وهذا ليس بذمٍّ لأيٍّ من الطرفين، بل هو أمرٌ مُتوقّع الحصول بين منهجين عقليّين مختلفين في الأساس والتطور، فلا يمكن لأيِّ علمانيٍّ بغياب وجود دليلٍ على صحّة رواية الأديان أن يؤمن بالقصّة عن حسن نيّة، كما لا يمكن للمؤمن بغياب وجود أدلّةٍ علميّةٍ قاطعةٍ أن يؤمن بأصل الحياة بدون الخالق والقوى الخارقة التي ينبع منها كلُّ شيءٍ في هذا الكون؛ هذا الجدل لم يتنهي بي شخصيًا إلى نتيجةٍ مقنعة.

من الواضح أيضًا في عالم اليوم وفي ظلِّ الأحداث التي تجري في عالمنا العربي المهشّم أنّ للهجوم الحاد من أيِّ طرفٍ على الطرف المقابل نتيجةً واحدةً، وهي المزيد من التطرّف في الجهتين، فما كان مع الأسف من أمر الإنسان العربي سوى الوقوف في حيرةٍ ممّا يجري مع إدراكه الباطنيِّ بأنّ كلا الطرفين لديه من الغلوّ والعناد ما يكفي لتدمير أوطانٍ وأممٍ بأكملها، لذلك وجب الانطلاق ممّا هو متفق عليه وهو التاريخ، لا شكَّ في أنّنا نعي عدم دقة تاريخنا المكتوب والمنقول لعدّة أسبابٍ لسنا في صدد ذكرها هنا، ولكن من الأنسب أن نتّفق على ما هو متعارفٌ عليه كتاريخٍ دينيٍّ وسياسيٍّ واجتماعيٍّ لهذه المنطقة التي ارتبطت بالأديان بشكلٍ وثيق؛ وهو بحدِّ ذاته مادةٌ مناسبةٌ للنقد والبحث الدقيق عمّا كان من أصل الدين وما أصبحت إليه شعوبنا.

سأحاول أن أطوّر في هذه المقالة اعتمادًا على ما هو متوفرٌ بين أيدينا مبدأًا للتعامل مع الدين على أساسٍ تاريخيٍّ منطقيّ، وسأخصُّ بالذكر الإسلام كمثال، ليس لأنّ باقي الأديان أقلُّ شأنًا منه، فقد جادت علينا المسيحية واليهودية بمعتقداتٍ وعاداتٍ لا يمكن لعاقل استيعابها دون الاستعانة بالتلقين والطرق الفكري، سأتناول الإسلام لأنه أولًا أكثر الأديان انتشارًا في أوساطنا العربية، وثانيًا لأنّي أراه أكثر حالات الأديان تعقيدًا، أو بعبارةٍ أخرى، هو حالةٌ متطوّرةٌ من التفكير العقائدي لأنه استفاد واستقى من الخبرات الماضية وطوّر وهذّب منهجه بناءً على تحليلٍ دقيقٍ واستشعارٍ بأماكن القوّة والاعتماد عليها وبأماكن الضعف واجتنابها، بهذا وصل الإسلام إلى نسخةٍ منقّحةٍ عمّا سبقه، فاستحقّ لقب النسخة الكاملة، ويمكن بطريقةٍ أو بأخرى أن نسمّي محمدًا خاتم الأنبياء لأنه تجاوز أقرانه بالفعل، بفضل القواعد والأنظمة التي أسسها للوصول إلى نظامٍ شبه كامل.

يقولون أنَّ الإسلام دينٌ ودولةٌ، وعليه فمن المفترض أن تتمَّ معالجة قضايا الإسلام في القرن الحالي على مسارين:
المسار الأوّل: هو المسار الديني، والعلم كفيلٌ بدحض روايات الأديان ونترك للعلماء خبزهم في هذا المجال.
المسار الثاني: هو المسار الدولتي، وهو ما حاول الأسلام حشره في أدمغة أتباعه عندما دمج الدين والدولة في قلبٍ وقالبٍ واحدٍ هو المواطنة الصالحة، فأصبح للدولة دينٌ واحد.

ما نحاول إيضاحه هو أن الدولة كانت وستبقى في المقام الأول فالدين من منظورٍ تاريخيٍّ ما هو إلا الحصان أو أحد الأحصنة التي جرَّت عربة الدولة.

على الرّغم من وجود أساسٍ صلبٍ لمثل هذه المقاربة تجاه باقي الأديان، ولكن لم أجد أي منهجٍ تاريخيٍّ متكاملٍّ ومحايدٍّ فيما يخصُّ قصة نشوء الإسلام وتوسّعه واستمراره حتى يومنا هذا، فالمسيحية واليهودية نالتا حقهما من البحث المعزول عن القوى الخارقة للطبيعة وعالم الماورائيات للوصول إلى خلاصةٍ نستطيع نشرها ويمكن لجميع فئات البشر تقبّلها كمرجعٍ متّفق عليه، بناءً على هذا فإن اليهودية هي قصة شعبٍ سعى للتحرر من العبوديّة والبحث عن وطن، وحتى إن تطلّب الموضوع بعض النضال المسلح والحروب،  لو عاش نيلسون مانديلا في ذلك الزمن لكان من المرجّح أن يكون هو موسى، أما المسيحيّة فهي قصة عيسى المصلح الاجتماعي المنادي بسلميّة النضال لتحقيق الأهداف وبكلمةٍ أخرى هو مارتن لوثر كينغ القرن الأول الميلادي، أو لربّما كان غاندي لو تسنّى لعيسى محاربة الرومان المحتلين ولعب دور المسيح اليهودي المنتظر، أذكّر بأنني لست بصدد كيل المديح أو الذمِّ لأي دينٍ ولكن وجب التشبيه لمحاولة تقريب وجهات النظر وترجمتها بمصطلحات القرن الحادي والعشرين، وهذا ما سنحاول فعله في مقاربتنا للإسلام تاريخيًا، فالهدف من هذا هو عدم التوقّف عند المهاترات على مستوى تفسير الآيات وإيجاد التناقض في النصوص الدينية، بل تعدّي هذه المرحلة إلى مرحلة السرد التاريخي الكامل، إنّ هذه العملية تأخد الكثير من الوقت في حلحلة وإعادة ربط الأحداث، ولابد للباحثين المختصين من الخوض في غمار هذا الكم الهائل من التاريخ المجرّد عن السياق وضعيف الترابط جغرافياً ومنطقياً.

في هذا البحث يجب عدم الوقوع في فخٍّ معروفٍ هو محاولة إثبات عدم وجود محمد كشخصيّةٍ تاريخيّة، لأن عدم وجود محمدٍ لا ينفي وجود الإسلام منذ القرن السابع حتى اليوم، وعدم ذكر مكّة في القرآن أو ذكرها مرة واحدة لا ينفي أنّ مكة اليوم أهمُّ المراكز الدينية في الكرة الأرضية، الهدف من كل هذه الملاحظات الطويلة قبل البدء في سرد الأمثلة هو التعامل مع الواقع كما هو وتجريد الإسلام من قدسيته وتجريد كافة أركانه – ولو لوهلةٍ – من الألوهيّة، بهدف الوصول إلى ما حوّل الإسلام من قصة إنسانٍ متواضع من شبه الجزيرة العربية إلى نظامٍ ودولةٍ ومؤسّسةٍ ودينٍ في نفس الوقت، إذًا كيف يمكن تفسير كل المراحل التي مرَّ بها الإسلام منذ نشوءه حتى أصبح امبراطوريةً ترتعد أطراف الأوروبيين في القرن السابع عند السماع باسمها؟ ما هو الإسلام من وجهة نظر لا دينية؟

إذا كان الإسلام متهمٌ بأنه جاء من بيئةٍ بدويّةٍ فقيرة، وكانت هذه هي الحجّة الرئيسية في نقد خصال محمد الإنسان، فهي نظرةٌ غير كاملةٍ للموضوع والأجدر بنا إدراك دور البيئة القاسية المتأخرة عن ركب الحضارة في تأسيس أكبر الممالك، ومثالاً على ذلك جنكيز خان ملك المغول الذي لم يصل لمرتبة النبوّة على الرُّغم من سيرته الذاتية وإنجازاته التي لا تختلف كثيرًا عن إنجازات محمّد؛ فمن الأولى التعمق وتبني هذه النظرية حتى النهاية بكل جوانبها معترفين ضمنيًّا بالنتيجة النهائيّة بوصول محمدٍ إلى مراتب القادة العظام.

محمد الطفل

كان محمدٌ كما نعلم جميعًا طفلاً يتيمًا عاش في صحراءٍ مواردها شحيحةٌ ومياهها أكثر شحًّا، ولأنه كان يتيمًا فكان لا بد له من التنقل بين منازلٍ مختلفة، وأن يكون له أكثر من أبٍ وأمٍ بالتربية، وأن يدرك النقص الاجتماعي الناجم عن فقدان الأبوين متمثلاً بفقدان الصّلة المادية بالحماية القبليّة، وهذا يعني أنه كان عرضةً للأذى أكثر من ذوي النسب، لا بد من إدراك أثر الشقاء في الطفولة على عقل الطفل فهو عادةً ما يكبر ليضع الحماية والاستقرار في أعلى سلم الأولويّات، ونعرف أن الحماية التي أمّنها عمه أبو طالب لا يمكن أن تكون كافية، وقد تكون فكرة توسيع مظلّة الحماية لتشمل جميع المحرومين هي من أهم أفكار الإسلام، فكما قرأنا، ما إن أسلمت أيّة أمّةٍ حتى أصبح لزامًا على باقي المسلمين الذود عنها بكل غال ونفيس، وما حجّة الجهاديين المتنقلين في أرجاء الأرض اليوم إلا حماية المستضعفين من إخوتهم المسلمين، إضافةً لكونه يتيمًا فقد كان محمدٌ فقيرًا مولودًا لفقراءٍ لم يتركوا له مالاً فالحرمان كان موجودًا بكافّة ألوانه، وفقر محمدٍ ليس جانبًا ثانويًّا من قصّة نجاحه وصعوده في المراتب، فالفقر الذي ينتهي بالنجاح ملهمٌ ويحاكي أوجاع كل من قاسى وحُرم وعندما نذكّر بطفولة محمدٍ القاسية في كل مناسبةٍ فإننا نقوم بوخز أحلام الكثيرين من أبناء الأوطان الفقيرة.

محمد الشاب

كما هي حال أغلبيّة الناس، فترة الشباب هي الأكثر أهميّةً في تكوين شخصية المرء، ومحمدٌ ليس استثناءً لأنّه في هذه المرحلة بدأت تتوضح لديه صفات القائد والسياسي المفاوض، بل وبدأ الطموح بالتغلغل في شخصيته، إن زواجه من سيّدة الأعمال التاجرة المرموقة خديجة صاحبة العلاقات التجاريّة الواسعة بين سوريا وبلاد اليمن والحبشة، يسمح له بشكلٍ تلقائيٍ بالسفر مع القوافل بغرض التجارة، وكان لهذا الأثر الأكبر في إدراك العالم من حوله، وبأنَّ الحضارات لديها معاركًا ومجدًا وإنجازاتٍ أكبر، ففي الشمال توجد الامبراطورية البيزنطية ومركزها القسطنطينية التي تحتوي على دار عبادةٍ لإلهٍ واحدٍ يعبده أهل هذه المملكة كلّهم؛ ولكنّ آيا صوفيا التي بنيت قبل ولادة محمد لم تكن فقط مجرد دار عبادةٍ، بل كانت تجسيدًا لكبر وجبروت الامبراطورية، ورمزًا للثروة الهائلة التي ملكتها تلك الأمة، وإلى الشمال الشرقي كانت توجد مملكة الفرس الساسانيين بحضارتها القديمة قِدم التاريخ والتي أفرزت أغلب القوانين، ولعلّ أهمها قانون العين بالعين والسن بالسن، وعلى الرغم من عدم وجود أيِّ دليلٍ تاريخيٍّ على زيارة محمد شخصيًا لهذه الأماكن، ولكن مجرّد احتكاكه بالتّجار والمتحدّرين من تلك المناطق كان كافيًا لإدراك أهميّة ونتائج توحيد طاقات الفئات المختلفة من الشعب حول رمزٍ واحدٍ وقانونٍ واحدٍ وإيجاد مركزٍ لهذه الطاقات؛ هذا المركز كان موجودًا بالفعل وكان بانتظار أن يُستثمر سياسيًّا بعد أن كان استثماره تجاريًّا بحتًا، مكّة، تلك المدينة التي يأتيها العرب من كل أطرف الجزيرة لعبادة صنمهم الحجري، لم تكن تحتاج لتأسيسٍ أو لتذكيرٍ بأهميّتها، بل كانت مدينةً تجاريّةً جاهزةً لتصبح عاصمةً سياسيّةً لمملكةٍ أو امبراطوريّة.

بالإضافة إلى أسفار محمدٍ الشاب، كان موضوع التجارة والمفاوضات والتعرّف على شعوب العالم من باب ما يُسمّى اليوم بالتبادل الثقافي، ما هو إلا شحذ لمواهب هذا الفتى الحاذق بالتفاوض والنقاش والجدل والمحاججة والمحاكمة، لكن محمدًا لم يكن بصدد تأسيس الامبراطوريّة بعد، فلا يزال ينقصه الكثير من الدعم الاجتماعي، وهذا كما نعلم في الجاهليّة لا يمكن أن يتوفر إلا عن طريق وسيلتين: المال والنسب، أما النسب فلا نقص فيه لأن حمزة كان يغطّي هذا الجانب بصفته الكفيل الضامن لسلوك ابن أخيه الشاب، وهو حتى تلك اللحظة ملتزمٌ بكلِّ قوانين قريش التجارية، وكلُّ أعيان المدينة يمكن أن يمنحوا محمدًا شهادة لا حكم عليه أو حسن سلوك، وأما المال فخديجة كانت على الرغم من قناعتنا من حب محمد الجارف لها، هي شبكة الأمان المالي لمحمد، حتى أنّه كان متحدثًا بليغًا دمثًا وكان يثير إعجاب كل من حاوره، إذًا ما الذي أخّر محمدًا عن البدء بتحقيق طموحه؟ الأمر الأول الذي أعاقه هو الخبرة فلم يكن قد خاض بعد أيَّة تجربةٍ تمنحه المصداقيّة السياسيّة لا الدينيّة بين أهالي قريش، العائق الثاني هو صغر سنّه، فمحمدٌ كان بحاجةٍ إلى وقتٍ طويلٍ لتجميع شتات معارفه وخبراته عن الأديان الأخرى في المنطقة وعن القصص المختلفة لكل رب.

محمد الرجل

بعد أن أصبح محمدٌ رجلًا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى في أوساط وزمن قريش وأصبحت نزاهته معروفةً بين العرب، أصبح من الممكن اللجوء إليه في حلِّ النزاعات، ولعل أهمها هو النزاع الشهير حول حمل الحجر إلى الكعبة الذي تقاسم وزره أربعةٌ من رجال العرب، وكان هذا الحدث كفيلًا بإعطائه لقب الأمين، في هذه الفترة بدأ محمدٌ بالتأمُّل في شؤون الخلق كما تقول الرواية الرسميّة، وأصبح يدرك معنى الحياة بشكلٍ أكبر من التجارة والسفر والعائلة، في حال تلقّن علومه من راهبٍ نصرانيٍ منشق، أو من خلال جهدٍ شخصيّ، فقد خاض في أدق تفاصيل الأديان السماوية وغير السماوية وعرف أنَّ لديه كل ما يلزم للشروع في نشر نظريّته التي سُمّيت الدعوة، وقد حان الوقت المناسب، فكل ما قام به محمد هو الاختلاء بنفسه والقول أنّ الملاك قد أتاه برسالةٍ ربّانيّة، لكن هذا لم يكن ليقنع أحدًا في قريش ولم يقنعهم حتى مدةٍ طويلة، فما العمل إذًا؟

محمد الواعظ

أدرك محمدٌ أنّ رسالته لن تنفذ لكبار رجالات قريش، لأنّ لديهم من الآلهة ما يكفي لتستمر الأموال بالهطول من سماء العابدين، أما محمد الذي كان هو نفسه يدفع ما ترتّب عليه من نفقاتٍ لهذه الآلهة، فلم ينس الدرس الأول من الديانة اليهوديّة وهو الاعتماد على القاعدة الشعبيّة وتوحيدها، لا الاعتماد على النخب السياسيّة، وكما أن موسى حرر اليهود عبيد فرعون باسم الإله الواحد، وكما أن قسطنطين آمن بدين العبيد المسيحيين المضطهدين في روما – بسبب إشارةٍ من ربهم – عندما أراد تأسيس مملكته، فلم يكن بإمكان محمد إلا التوجه بدعوته للفقراء الذين – كما قلنا سابقًا – هم أولى بمظلّة الحماية، ومن ثم تحطيم التشتّت في الولاء السياسي المتجسد في أصنامٍ حجرية؛ ولكن هذا لم يمنع موت الكثير منهم تحت التعذيب في بدايات الدعوة، وأنَّ أحدًا لم يجرؤ على قتل محمد خوفًا من غضب حمزة، في هذه الفترة كان لا بد لقريشٍ من السيطرة على مجريات الأمور قبل أن يدمّر محمدٌ سياحة الأصنام المزدهرة في مكّة، وقبل أن يهدّد محمدٌ الاستقرار في المدينة فيقضي على الطبقة الحاكمة ماليًا، ففي مكّة لا صوت يعلو على صوت التجارة، على الرغم من هذا فلم يكن ممكنًا أن يصاب محمدًا بمكروهٍ وهو تحت حماية خديجة وحمزة، فكان موتهما ضربةً قاسيةً أدرك بعدها محمدٌ أنَّ ساعة التصرف كسياسي قد أذنت وليس فقط كناشطٍ اجتماعي، ففكّر بإرسال أول بعثةٍ دبلوماسيّةٍ إلى الحبشة لشرح القضيّة الإسلاميّة، وبهذا تُظهر أوَّل معالم الدولة بخلق مبعوثين وسفراء للدولة الفتيّة، وقد نجح قي نيل الاعتراف عندما استقبلهم الملك النجاشي ورفض إعادتهم إلى مكّة.

محمد القائد

أمّا عن الهجرة إلى يثرب، فهي أيضًا من أبرز معالم الدولة لعدّة أسباب:

السبب الأول: هو نبذ التبعيّة للقبيلة والعائلة وإعلان الطاعة والولاء للدولة الجديدة، وهذا أمرٌ يُؤخذ على محمل الجد في المجتمع البدوي، لأنه يعني بشكلٍ لا يقبل الجدل استبدال الغطاء السياسي المتداول بغطاءٍ جديدٍ يحمل من المخاطر ما يحمل.

السبب الثاني: هو أنّ محمدًا أدرك بفطنته أنه بدون حمزةٍ وخديجةٍ لن ينجو، فمن الأفضل الرحيل ولو بشكلٍ مؤقت.

السبب الثالث: هو استثمار الخلافات في يثرب لصالحه، وهو باكتساب المزيد من الشرعيّة عن طريق الوساطة في حلِّ الخلافات.

السبب الرابع: هو أنَّ محمدًا أثناء تبشيره بالدعوة في مكّة لأكثر من عشرة أعوامٍ ، لم يستطع كسب تأييد أكثر من مائتي تابعٍ على أحسن تقدير، فكان من الحكمة أن ينطلق إلى أرضٍ جديدةٍ حيث يستطيع أن ينشر تعاليم الإسلام أو ما نسميه اليوم بدعاية لبرنامجه السياسي[1].

 لهذه الأسباب كلّها مجتمعةً اعتمد الإسلام الهجرة كبدايةٍ حقيقيةٍ لتاريخ الإسلام.

اتّسع الوقت لمحمد في يثرب ليتفرغ لبرنامجه السياسي، إذ يمكن القول بأنه أنشأ أوّل دستورٍ أو قانونٍ مدنيٍّ يحكم بين المسلمين وغير المسلمين وسُمّي بصحيفة المدينة، كما أنَّه لاقح الإسلام الدين بالإسلام الدولة عندما استخدم المسجد الذي بناه كمقرٍّ أو كمكتبٍ يُستخدم في حل الخلافات والإفتاء فيما يخص شؤون سكان المدينة، مع هذا كلّه هنالك ما هو أهم، فقد عرف محمد أنَّ عليه حسم موضوع مكّة عاجلاً أم آجلاً إذا كان يريد السيطرة المطلقة على المنطقة، وإذا كان يسعى للانتشار إلى ما بعد شبه الجزيرة العربية، هذا يتضح جليًّا في عدة أمور:

الأمر الأول: حادثة الإسراء والمعراج، وهي بكلِّ بساطةٍ محاولةٌ لاستقدام القبول العام من المسيحيين واليهود، فلا يكفي أن يكون هذا الرب الذي نادى به هو نفسه ربُّ ابراهيم، ولا يكفي أن يكون محمدٌ قد اعترف باسماعيل وعيسى بن مريم وموسى ونوح، بل حان الوقت ليعترفوا هم به، فإذا كان محمدٌ قد التقى بأنبياء أديانٍ مستقرةٍ راسخةٍ على صخرٍ صلب، فهذا يعني أنه يقبل هذه الأديان، لا بل ويدعو أتباع هذه الأديان لقبوله في صفوفهم، ويمكن القول بأنَّ هذه الحادثة بمدلولاتها السياسية اليوم تشبه زيارة أحد الزعماء العرب للبيت الأبيض، فلن يوجد من يشكّك في شرعية هذا الزعيم، والشيء بالشيء يذكر، على الرغم من لقاء محمد من قام من الموت ومن شق البحر، ولكي يحبك الحكاية بشكل أفضل، غيّر محمد قصة الصلب كي لا يموت عيسى مصلوبًا فيضطر هو نفسه للموت مصلوبًا أيضًا بعد أن وضع نفسه على قدرٍ من المساواة معه عندما التقاه في القدس، فكان لا بد من أن يغيّر الكاتب مجريات الأحداث وفقا للواقع، كما أنّه أعاد نسب ابراهيم إلى الشكل الأنسب بقوله أن هاجر وابنها لم يهربا من ابراهيم كما تقول الرواية اليهوديّة بل قادهم الرب جميعًا إلى عاصمة المستقبل مكّة.

الأمر الثاني: هو تحديد القبلتين، وبه – حسب لغة السياسة المعاصرة- أعلن محمد أخيرًا عن مكان عاصمة  الدولة مكة والاعتراف بالشرعية الدولية وبالأمم المتحدة كملتقىً لكافة الأمم في القدس في ذلك الزمن، كما أنه حدد وجهته في التوسع نحو أماكن أكثر خصوبةٍ من الصحراء العطشى، فكان الشمال هو الاتجاه الأول، إذ قال في حديثٍ لسنا في صدد إثبات صحة اسناده: «لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش»[2].

أما مكّة فعاد إليها منتصرًا، سحق الأعداء ورحم الضعفاء ومحى وجود الأديان الأخرى بتحطيم تماثيلها، وبهذا ثبّت أقدامه في السلطة بأنه الحاكم العادل الرحيم ودانت له كافة أرجاء الجزيرة العربية بالولاء فكانت أول وحدة عربية في التاريخ، وأما جمال عبد الناصر فلم يكن له إلا أن يسير على خطى محمدٍ لمحاولة لم شتات العرب مرةً ثانية، ومن البديهي أنّ محمدًا لم يقبل أن تُصنع له أو لربه صور أو تماثيل كي لا تُحطّم بدورها في يوم من الأيّام.

الإسلام دينٌ ودولة

إنَّ تاريخ حياة محمد مليءٌ بالتفاصيل الصغيرة التي تدعو للشك في أولويّة الدين على الدولة، على سبيل المثال هناك السؤال المطروح دائمًا حول مدة نزول الآيات الطويلة والمستمرة والتي لا يمكن تفسيرها إلا بتأويل نزول هذه الآيات حسب الحاجة السياسيّة؛ فمثلًا صلح الحديبيّة حسب الآيات التي نزلت خصيصًا لأجله لا تبغي إلا اقناع القارئ بأن هذه الهدنة ليست بهزيمةٍ مذلّة، بل هي انتصارٌ سياسي، مثالٌ آخر على هذا: التناقض بين الآيات المكية والمدنية، والتناقض في المواقف في التعامل مع النصارى واليهود حسب الفترة الزمنية، فعند دخول يثرب كان اليهود من الأصدقاء، كيف لا وهم من استقدموه لحل مشاكلهم؟ أما عندما تاجروا مع أهل مكّة، فقد اضطر لقتلهم بمذبحة بني قريظة بتهمة التخابر مع العدو، حتى ولو كان التعامل تجاريًا صرفًا، ففي البداية كان الله منزل القرآن يعتبرهم من آل الكتاب ومن ثم وبعد استتباب السلطة أصبح واجبًا قتل اليهود قبل أن تقوم الساعة، وبنفس الأسلوب كان نزول القرآن بلسانٍ عربيٍّ بحسب سورة يوسف في بدايات الإسلام، أي أنه كان من الضروري التركيز على النقطة الجامعة للقبائل التي يتم التبشير بينها في تلك الفترة تحديدًا أي نقطة العروبة، أما بعد النجاح الكبير للإسلام وظهور بوادر ومخططات التمدد إلى ما بعد القسطنطينية كان لا بد من اعتماد خطابٍ أكثر اعتدالاً تجاه غير العرب فكان قوله في إحدى خطبه: «لا فضل لعربيٍّ على أعجميٍّ إلا بالتقوى»[3]، فكان من الواقعية والمقاربة العملية للحقائق عندئذٍ أن تنصهر القوميات الغريبة في نظامٍ سياسيٍ إسلاميٍ واحدٍ يمكن أن يكبر شأنه أكثر بانضمامها مثلما كانت تنصهر قومياتٌ عربيةٌ وأعجميةٌ في الأنظمة المسيحيّة واليهوديّة، حتى أن زيجاته – وعلى الرغم من الاتهامات السطحيّة لشخص محمد بالشبق الجنسي والزواج من قاصر وتحليله لنفسه ما حرّمه لغيره وما إلى هنالك – كانت بلا شكٍ زيجاتـًا سياسيّةً بالمقام الأول، لأن الزواج كان أحد بروتوكولات التقارب بين الأطرف ما قبل الإسلام.

قد يفهم القارئ متسرعًا أنَّ هذه التقلبات في المواقف هي دليل تفكيرٍ وصوليٍ استغلاليٍ ولكن الأساس هو أنّ محمدًا كان في طور عملية نضوجٍ سياسيٍ واتخاذ القرار الأنسب للمرحلة المعنيّة، بالمختصر فإنّ مسيرة أي قائدٍ تمر بالعديد من العثرات والانقلاب في المواقف والتحالفات طبقًا للواقع، قد يعني هذا للبعض أن محمدًا بكل بساطة برّر الوسيلة بالغاية، وهذا فيه شيءٌ من الصحّة ولكن في واقع الأمر – ولأننا أردنا أن نكون منصفين بحق محمدٍ منذ البداية – فلا مناص من النظر إليه باعتباره مراقبًا حذرًا للمحيط وقارئًا جيدًا للأحداث استعمل كافة الوسائل المتاحة واستفاد من الظروف وحولها لمصلحته.

لا شكّ أنّ الإسلام كان ثوريًا وأنّه أبرز أشكالاً جديدةً لإدارة الدولة والمجتمع، ولسنا في سياق تحليل كافة القوانين المدنيّة التي أقرّها محمد والتي عصفت بكل الإرث الجاهلي، والتي لم تعد مناسبةً لوقتنا هذا، فقد أرسى الكثير من القيم الجديدة بالنسبة إلى ما سبق، لكن مركز ثقل القوانين المدنيّة هذه هو أساسيّات الإسلام كأركان الإسلام الخمسة التي تؤكد جميعها – ما عدا الصوم – التزام المسلمين بالاعتراف بشرعيّة الدولة ومصدرها، من خلال الشهادتين، والتذكير بمركزيّتها من خلال الصلاة باتجاه عاصمة الدولة مكّة، ومن خلال الحج إليها ودفع الرسوم والضرائب من خلال الزكاة، بالإضافة إلى ذلك فلم يتوانى محمدٌ أو المسلمون عن تأسيس مؤسساتٍ ماليةٍ وتشريعيةٍ وقضائية، لا بل ومؤسسة إعلامية اهتمت بتحسين صورة محمد بين الناس، فلما كان التصوير ممنوعًا، فلا بأس باللجوء للدعاية الشفهيّة؛ إن أقوالًا كقول أن محمدًا كان بقوة أربعين رجلًا في النكاح وأن عَرَقه كان مسكًا ما هي إلا البروباغاندا في القرن السابع، كما وُجدت أيضًا صحافة صفراء بغرض تشويه سمعة الخصم عند اللزوم، حتى أنّ عائشة الزوجة نشرت مذكّراتها الشخصية فيما بعد، والتي تطرّقت فيها لحياتها مع القائد الأوحد، وبذلك أمست بعد موت محمد مرجعيةً سياسيّةً أهم من رجالٍ كثر عايشوه وقاتلوا في صفّه.

حتى في بداية الفتوحات لم يلتفت الكثيرون للجانب الإلهي للإسلام، إذ أنّ الفتوحات لم تكن سلميّة بل اتبعت مسلك كافة الدول الاستعمارية حتى اليوم، وهو طحن القوة الضاربة المدافعة عن المدينة أو المملكة، ومن ثم الدخول على البلد بشكلٍ لائقٍ يناسب مكانة الغازي، لم تنقص المسلمين الحجّة في الغزو فنشرُ الدعوة أو الرسالة كان أمرًا بديهيًا، فكما أن روما ذهبت لأقاصي الأرض واحتلّت الشعوب بهدف نشر الحضارة بين البرابرة، وكما تنشر الديموقراطيّة وحقوق الإنسان اليوم على ظهور الدبابات بهدف الوصول للموارد الطبيعيّة والحفاظ على المصالح الاستراتيجية، تم نشر الدعوة بحدِّ السيف زمن المسلمين بهدف التوسع والسبي والحصول على الثروة لا أكثر ولا أقل، أما عن سكان البلاد التي طالتها الفتوحات فلم يكن لديهم أيُّ مانعٍ في استبدال أيِّ نظامٍ بنظامٍ آخر طالما أنه سيضمن لهم حقوقهم وحياةً كريمة، أما من أصرّ على حمل الجنسية القديمة للبلاد فلن يُقتل ولن يُرحّل ولكنّه لن يُعامل معاملة مواطني الدولة الجديدة، وسيدفع رسومًا إضافية، فأسلم من أسلم من الغالبية، وبقي على دينه من بقي من فلول النظام السابق.

وبما أنَّ شعارات الديموقراطية وحقوق الإنسان لم تكن رائجةً في تلك الفترة، فمن الواجب الاعتراف أنّ اكتفاء المسلمين بالجزية – حتى لو كانت قاسية – هو بحدِّ ذاته حقٌ من الحقوق المدنية التي طُبقّت، فبحسب قواعد الغزو وقتها سواءً عند العرب أو العجم كان لا بدَّ من حملة إبادةٍ جماعيةٍ لباقي الأطياف كي يُسمّى الانتصار انتصارًا، كما أنه كان من المنطق أن تُنقل العاصمة السياسيّة إلى دمشق بأسرع ما يمكن، فدمشق كانت حمام مياهٍ متدفقةٍ من كل حدبٍ وصوب، أمِن العقل أن يبقى المسلمون يديرون شؤونهم من صحراء جرداء فيها من أسباب التفتّت القبلي والصراع على الآبار بحروبٍ داميةٍ؟ بينما الجداول والأنهار التي ذُكرت في وصف الجنة موجودة فعلاً في دمشق ومحيطها؟ فليبق أوّل بيتٍ وُضع للناس في القفر لابراهيم الميت، ولتصبح دمشق لأحفاده الذين يحتاجون للماء ليظلّوا على قيد الحياة، إذ ليس مِن العقل البقاء في الخيم أو في بيوت الطين وترك عمارة الحجر الجاهزة في دمشق؟

على الرغم من كلِّ ما قيل، فإن المؤسسة الإسلاميّة قد نجحت في كل شيءٍ ما عدا ضمان استمرارها بشكلٍ يسر، ألا وهو موضوع الخلافة، فقد مات أبناء محمد الذكور صغارًا ولم تكن فكرة الخلافة لأنثى مقبولةً في المجتمع البدوي، وهو الذي خُصصت له قوانينٌ إسلاميةٌ صارمةٌ تحدُّ من صلاحيات المرأة، فوقعت المصيبة التي انتظرها الكثيرون، ولم تستطع دوائر السلطة لا في بداية الإسلام ولا لاحقًا في مراحل التوسّع والازدهار أن تُحدّد أسس الخلافة بشكلٍ واضح، إذ أن الحيرة بين الشورى الديموقراطيّة وبين التعيين بالتسمية أوصلت الجميع إلى طريقٍ مسدودٍ مباشرةً بعد وفاة رأس الهرم محمد، هذا ما أثار قلق المسلمين الأوائل فأدركوا – لأنهم لم يكونوا سُذّجًا أو مندفعين بالعقيدة فقط كما يتصور البعض – أنّ هذه المملكة الواسعة أصبحت كنزًا عظيمًا لا يتم اغتنامه بالشفقة وكلام القرآن المعسول، بعد أن ترك محمدٌ الباب مفتوحًا بغير عمد، وعلى الرغم مما يُقال من كلا الطرفين السنّي والشيعي حول الأحقيّة بالخلافة، تشكّلت أزمةٌ متنقّلةٌ عبر الزمن من خلافةٍ إلى خلافة، فبدأت الاغتيالات السياسية بعثمانٍ واستمرت حتى السلطان العثماني عبد العزيز قليل الحظ، ونذكر بهذا الصدد محمد الثالث الذي قتل بدمٍ باردٍ تسعة عشر أخًا من صلب أبيه كي يضمن خلافةً هادئة[4]، ومن واقع الحال أنّ أوّل من قتل المسلمين بعد قريشٍ هم المسلمون أنفسهم، لسببٍ لا يحتمل النقاش الطويل وهو الصراع على السلطة، وسرعان ما تحولت الاغتيالات إلى حروبٍ مستمرةٍ إلى يومنا هذا، في النهاية أطلق الأتراك في عام 1924 رصاصة الرحمة على الخلافة المتهالكة لإدراكهم أنَّ الدّولة لا يمكن أن تستمر على نحوٍ إسلامي، فليس من مصلحة أيّة أمّة أن تحصل مذبحة قبل أو بعد كل انتقال للسلطة.

في الختام فإن ما حاولنا شرحه في هذه المقالة بشكلٍ مُبسّطٍ هو أن الإسلام بدأ كدولةٍ وتوسّع كدولة، وعانى من انقلاباتٍ ونزاعاتٍ داخليّة وانشقاقاتٍ كباقي الدول، وانتهى كدولة، فلا يوجد اليوم من تحقُّ له الخلافة الإسلامية بشكلٍ حاسم، ولا يوجد من يٌفسّر القرآن بشكلٍ واضحٍ وقطعي، ولا من يدير كافة موارد المسلمين مجتمعةً، ولنزيد الطين بلّة، لا يوجد من يسيطر على الجيوش الإسلاميّة أو حتى الجهاد الذي أصبح ذا منهجٍ فرديٍ يمكن أن يدمِّر علاقة أية دولةٍ مسلمةٍ بدولةٍ صديقةٍ بلحظة، لا شك أنَّ الخلافة كان لها جوانبٌ إيجابيّة وأنّها ما كانت لتنجح أصلًا لو لم يساندها سكّان البلاد آنذاك، ولكن من المثير للاستغراب أن نسمع اليوم بمن يطالب اليوم بدولة إسلاميّةٍ ناجحةٍ على المدى المنظور، وفي ظلِّ الخلافات العميقة المذكورة آنفًا.

ما تبقى من الإسلام الدولتي هو مجموعةٌ من الأطلال والدروس الهامة في السياسات الدوليّة والمحليّة، لعل قادتنا اليوم يتعلمون منها شيئًا.

مجلة الملحدين العرب: العدد السادس عشر / شهر مارس / 2014


الهوامش:

[1] سيرة النبي محمد، لأبي محمد عبد الملك بن هشام،  تحقيق مجدي فتحي السيد، دار الصحابة للتراث بطنطا، 1995.

[2] رواه أحمد (4/335)، والحاكم وصححه (4/422)، والطبراني في الكبير (2/38)، برقم: (1216)، و(2/81) برقم: (1760)، والبخاري في التاريخ الكبير (2/81)، والصغير (1482).

[3] رواه أحمد (23536)، و البــيــهـقي في الشـعـب (5137)، وأبو نعيم في الحـليّة (3/100).

[4] محمد فريد بك المحامي – تاريخ الدولة العليّة العثمانية، دار النفائس، بيروت، 1981.