عبد العزيز بن باز، أو بن باز كما يعرفه أصدقاؤه وقرّاؤه، هو شابٌ مصريٌ وُلد في الكويت وعاش معظم حياته فيها، وهو مدوّنٌ وكاتبٌ في مجلة «I-Think» وأحد المقدّمين في «إذاعة الملحدين العرب»، وقد تمّ اعتقاله في الكويت وإيداعه السّجنَ لمدّة عام كاملٍ في حكم تعسّفي ينتهك حقّه الإنساني بالتعبير، كما أُطلق سراحه حديثا وتمّ ترحيله إلى مصر، وسنتعرّف عليه أكثر في هذا اللقاء.
عبد العزيز بن باز، هل هناك ما أغفلناه في تّقديمكَ وترغب بإضافته؟
أنا ناشطٌ في إحدى جمعيات النفع العام المختصّة في الدّفاع عن قضايا البدون في الكويت.
اشتُهرتْ لكَ مدوّنة (نبضات بن باز) الّتي يغلب على مقالاتها الطّابع السّياسي البسيط المفهوم كما تتطّرق من خلالها إلى نقد سلبيات المجتمع والدّين، وكتبت في السّياسة ونظرية المؤامرة؛ فهل لكَ أن تحدّثنا عنها، وهل لكَ فعالياتٌ أخرى في العالم الرّقمي لنعرّف القارئ بكَ أكثر؟
لقد بدأت فكرة هذه المدوّنة عندما تفكّرت في من هم أكثر النّاس أهميّة ممن ينبغي الوصول إليهم، وهم المتشكّكون الجدد أو اللادينيون الجدد، أو أيّ إنسانٍ بدأ ينتهج الفكر العلماني أو الإنساني. ولقد فكّرت أنّ الكثير من المقالات الّتي تُكتب على الانترنت إمّا أن تكون عميقةٌ جدًا بالنسبة لهم، أو أنّها سطحيّةٌ جدًا ولا ترقى بمستواهم الفكري. هنا فكّرت في طرح مدوّنةٍ عميقةٍ بأسلوبٍ بسيطٍ مزوّدةٍ بالرّسوم والكاريكاتير ليغلب عليها الطّابع السّاخر. كما تحدّثتُ فيها عن المفاهيم الإنسانيّة والأخلاقيّة والفلسفيّة الأساسيّة، وكيفيّة التّفكير المنطقي، وحاربتُ جميع الخرافات الدّينيّة والجنسيّة والسّياسيّة مثل نظريات المؤامرة وغيرها. كما وجدتُ أنّني بحاجةٍ إلى الوصول إلى شريحةٍ أكبر من قرّاء المقالات، فشاركتُ في إذاعة الملحدين العرب، وأصبحت أحد أعضائها الأساسيّين من الكتّاب والنّشطاء والمفكّرين الأحرار. وحتّى لا أهمل الكتابة فقد قرّرت المشاركة في مجلّة (أنا أفكّر) وهي مجلّة الكترونيّة لها صفحةٌ على الفيس بوك، ومدوّنةٌ خاصّةٌ بها.
ما هي أهمّ المواضيع الّتي طرحتها في المدوّنة، وأثارت ردّود أفعالٍ عند القرّاء؟
إنّ أكثر المواضيع مشاهدةً في مدوّنتي هو حواري مع النّاشطة المثليّة شروق العطّار، ولقد كان حوارًا جريئًا حاولتُ من خلاله تسليط الضّوء على حقوق هذه الفئة في الحياة بطريقتهم الخاصّة دون أيّ مخاوفَ، وذلك لتبديد تلك النّظرة التّقليديّة البالية تجاههم. كما أنّ المواضيع التي تتناول طبيعة الملحد وحياته لاقت رواجًا كبيرًا؛ حيث إنّه من النّادر أن يقوم مدوّنٌ بالكتابة عن أهمّ الأسئلة التي تخطر في بال الملحد الجديد مثل: كيف أعلنُ إلحادي؟ وكيف أختار زوجتي؟ وكيف أربّي أولادي؟ وكيف أضع أهدافًا لحياتي؟ وكيف أحاور مؤمنًا؟ وما إلى ذلك من تلك المواضيع المهمّة.
كانت لكَ فعالياتٌ ومشاركاتٌ على إذاعة الملحدين العرب على قناة اليوتيوب، فكيف دخلتَ إلى هذا المجال؟ وماذا يمكنكَ أن تخبرنا عن هذه التّجربة؟
في الحقيقة، لقد شاركت منذ الحلقة الثالثة تقريبًا بعدما تعرفت على مؤسّسي الإذاعة بسام البغدادي ورؤوف وتغريد شعبان، ورأيت مقدار الجهد المبذول من قبلهم للإعداد والتّقديم والنّشر واستضافة بعض النّاشطين، وقمت أيضاً بتحضير العديد من الحلقات وتقديم الدعم الإعلاني للإذاعة كلما أمكنني الأمر. كما قمت أيضاً بإحضار بعض الضّيوف من النّاشطين اللادينيّين ممّن اعرفهم شخصيًّا.
من مدوّنتك أقتبسُ التّالي: «إنّ هدفي ليس حلّ ألغاز الطّبيعة العميقة، لكنه استخدام ألغاز الطّبيعة في حلّ مشاكلنا الاجتماعيّة المهمّة. — فيليب ايميجوالي»؛ إنّ لكلّ مفكّرٍ وكاتبٍ إلهامه ومعلّميه، فهلّا أخبرتنا عن الشّخصيات والأفكار الّتي أثّرت فيكَ وشكّلت فكركَ، لتعطينا بن باز المدوّن والمحلّل والمفكّر؟
في الحقيقة، أنا قارئٌ جيّدٌ للأدب العربي منذ الصِغر، ونوعًا ما في التّاريخ الإسلامي، ولم أبدأ مرحلة نقد ما أقرؤه بشكلٍ قويٍّ، إلا عندما بدأت أتعرّف على منتدى اللادينيّين العرب في سنة 2005 تقريبًا وكنت أبلغ من العمر حينها 19 سنة تقريبًا. ىهناك بدأت أقرأ لكُتّابٍ جددٍ مثل فراس السواح وغيرهم، كما بدأت أتابع مدوّنات المشاركين وغيرهم، وكنت أيضًا متابعًا دائمًا لمدوّنة ابن كريشان ونوافكو وعسل، وهم من الخليج العربي، بحكم أنّ حياتي كانت هناك؛ أمّا على صعيد الكتب فإن من أهم الكتّاب جون رولز وأفكاره عن العدالة، وجون ستيوارت ميل وأفكاره عن حقوق الإنسان، وجان جاك روسو وكتاباته عن النظام السّياسي، وأما اقرب الفلاسفة إلى قلبي فهو فولتير، ومن الكتّاب العرب أعشق أدونيس وكتابه الثّابت والمتحوّل.
قبل اعتقالكَ في الكويت كانت مصر، ولا تزال، في خضمّ تفاعلٍ مشتعلٍ على السّاحة السّياسيّة والثّقافيّة، فهل كانت لكَ فعّاليّاتٌ في هذا الجانب كناشطٍ سياسيٍ؟
لا للأسف، لكنّني كنت متطوّعًا في المركز الكويتي للمواطنة الفاعلة، وهي جمعية نفعٍ عامٍ تهتم بقضايا البدون وعديمي الجنسيّة، وتدعم حقوق المواطنة، كما كنّا نقيم العديد من النّدوات، وأذكر جيدًا مؤتمر المواطنة الثّاني، وقد حضره لفيف من الكتّاب والصّحفيين، وكان عملاً ناجحاً جدّاً.
الكتابة في الموضوع اللاديني، ونقد الدّين، والفكر الغيبي، والتّعبير عن أفكار الملحدين، هو الموضوع الّذي أدّى إلى محاكمتكَ وسجنكَ في دولة الكويت، وسنتطرّق لتفاصيل هذا الموضوع لاحقًا في هذا اللقاء، لكن نحبّ أن نسأل: لماذا نقد الدّين؟ أليس نقد الدّين تحدّياً للمؤمنين به وتدخّلاً في ما يؤمنون به؟ أليس من حقّ الناس الإحتفاظ بما يؤمنون به؟
هذا الكلام صحيحٌ لو كان هذا الدّين أمرًا شخصيًّا، لكنه أمرٌ عامٌ يتدخّل في قوانين كلّ شيء في حياتنا وفي موروثنا الثّقافي، ولعله أبرز الأسباب وراء انحطاطنا الحضاري، كما أنّ ما أكتبه ليس بدعوةً لإلغاء الدّين، إنما دعوةٌ لتقييده لأقلّ درجةٍ ممكنةٍ؛ لكي لا يتدخّل في حياتي كشخصٍ غير مؤمنٍ به.
الدّعوة إلى العلمانيّة والدّولة المدنيّة قد تكون من الأمور البديهيّة في العالم، لكن في دولنا الّتي نعيش فيها قد تكون الدّعوة لهذه الأمور أمراً خطراً، لماذا يحدث هذا في رأيكّ؟ وما الأسباب خلف هذا العداء للعلمانيّة والحرّيّة؟
العلمانيّة كلفظٍ لا بدّ أن ترافق الدّيمقراطيّة واللّيبراليّة لكي تنجح. والدّيمقراطيّة واللّيبراليّة أمران ترفضهما الأنظمة القمعيّة؛ لأنه يقوّض سلطاتها الفاسدة، ويدعو الناس إلى محاسبتها، كما يدعمُ حقّها المشروع في الوصول إلى المعلومات وتعديل القوانين.
كان للصّهيونيّة ونظرية المؤامرة حيزٌ في كتاباتكَ، هلّا شرحت للقرّاء باختصار موقفكَ من هذه القضية؟ وأين ترى الصّهيونيّة على أرض الواقع؟
ربما يثير ردّي على هذه النّقطة بعض المتاعب، لكنني مع دولة يعيش فيها شعبان على أرض واحدة، ومع السّلام مع إسرائيل.
معظم المدوّنين يكتبون بأسماءٍ وهميّةٍ، فلماذا اخترت أن تكتب باسمكَ الحقيقي، ألم تكن تخشى الملاحقة من المتعصّبيّن؟
أنا مؤمنٌ جدًا أنّه من السّهل أن يهابنا النّاس ولا يصدّقوننا إن لم يعرفوا من نحن، ومن ذلك الشّخص الّذي يخاطبهم، أنا كنتُ حريصًا جدًا في كتاباتي، ولا يوجد فيها تجريحٌ أو سُبابٌ، لكن هذا للأسف لم يمنع أن تكون التّهم الموجّهة لي نشر العلمانيّة والكفر والإلحاد.
لنعد قليلاً للوراء في سبر شخصية بن باز: الكاتب والمدوّن؛ هلّا حدثتنا عن نشأتكَ وطفولتكَ باختصار؟
انطوائيٌ خجولٌ محبٌّ للقراءة، ودائمًا أفكّر بطريقةٍ مختلفةٍ عن المحيط، سواء كنتُ على خطأٍ أم صوابٍ، ويعود ذلك إلى اطّلاعي في سنٍّ مبكّرٍ على العديد من الكتب، وخاصةً التّاريخيّة والأدبيّة، وهو ما يوسّع مدارك الإنسان.
للعائلة أهميةٌ كبيرةٌ في تكوين شخصيّة الإنسان، فهل كان لعائلتك دورٌ في تشكيل شخصيّة بن باز؟ وماذا كان موقفهم بشكلٍ عامٍ من فكركَ ومبادئكَ؟
أعتقد أنّني عندما اتّخذت قرارًا أن أكونَ إنسانًا مفكّرًا حرًّا كان من البديهي أن يتمّ تعديل هذه الشّخصيّة والعقليّة بشكلٍ كبيرٍ جدّاً وتطويرها، وبالتّالي أعتقد أنّ الشّخص الّذي يتحدّث الآن هو تربية نفسه.
لكي نتعرّف أكثر على شخصيّة بن باز عن قربٍ، هلّا أخبرتنا أكثر عن تعليمكَ ومجال عملكَ؟
أنا خرّيج إدارة أعمال قسم لغة إنكليزيّة، وعملي Marketing Executive، ولقد كنت سعيدًا بوصولي لمهنة في تخصّصي الّذي أحبّه، وفي شركة كانت الوكيل الحصري الدّعائي لفيليب موريس الكويت، وهو عمل زادني خبرةً، وأعطاني الكثير من الخبرات، لأنّه منصبٌ تتعامل فيه مع كبار المديرين في شركاتٍ أخرى كثيرةٍ لتنفيذ مشروعٍ دعائيٍ أو تسويقيٍ، كما أن فيه الكثير من إدراك الواقع والبيئة والمنتج وسلوك المجتمع والتّقدير الشّخصي،ولقد عملت لفتراتٍ قصيرةٍ في العراق ودبي لتدريب موظفي فروع الشّركة هناك.
كلّنا إلّا المحظوظون بيننا قد نشأنا في مجتمعاتٍ وبيئاتٍ متديّنةٍ، كيف حدث هذا التحوّل إلى اللادينيّة والإلحاد، ومتى حدث ذلك بالنسبة إلى بن باز؟ وماذا تستطيع أن تروي لنا حول هذه الموضوع؟
بدأ الموضوع عندي من التشكّك في الدّين منذ سنٍّ صغيرةٍ، وتحوّل جديًّا إلى الموضوع الشّاغل لحياتي في 2005، ووصلتُ إلى فكرةٍ مهمّةٍ جدًّا، فلكي نؤمن، نحتاج إلى ذلك الدّليل الصّحيح السّليم الّذي يقودنا بشكلٍ مطلقٍ إلى التّسليم بشيءٍ ما، وهذا ما لا يوجد في أيّ دينٍ على كوكب الأرض، وبالتّالي وجدتُ أنّ اللاأدريّة الموقف الأكثر عقلانيّة ومنطقيّة في هذا الأمر؛ لأنّها تقول بكلّ اختصار إنّ إثبات وجود الله مستحيلٌ في ضوء الإمكانيات والأدّلة الحاليّة.
الأمر لا ينتهي هنا، فهناك المرحلة الانتقاليّة التي تريد فيها تشكيل معتقداتٍ بديلةٍ بعدما طعنتَ في كلّ ما تربّيتَ عليه من قيمٍ دينيةٍ، وتشكيل أخلاقياتٍ جديدةٍ مبنيّة على المنطق والتّعليم، وحقّك وحقّ المجتمع من حولكَ، ووضع هدفٍ للحياة بدل الهدف القديم المتمثّل في الجّنّة؛ وبطبيعة الحال، فإن هذه عمليّةٌ معقّدةٌ جداً، وتحتاج إلى مساعدةٍ من أطباءٍ نفسيّين وقراءات لفلاسفة معتدليّن أمثال من ذكرتُهم في الأعلى.
فقدان الإيمان بوجود الإله أمرٌ، والكتابة والتّحليل والمناقشة فيه أمرٌ مختلفٌ، هلّا أخبرتنا عن بدايتكَ في التّدوين والتّعبير عن أفكاركَ، وكيف بدأت فكرة المدوّنة لديكَ؟
لم أتّخذ قرار الكتابة إلّا بعدما شعرت أنّني أستطيع أن أكتب وأحتاج أن أكتب لأنّي وجدتُ الكثير من العبث على الانترنت، والكثير من الشّباب لا يجد إجاباتٍ لأسئلةٍ،وكثيرٌ منهم لا يستطيع المرور في المرحلة الانتقاليّة من الإيمان إلى نقيضه بسلامٍ.
في الحادي والثّلاثين من كانون الأوّل عام 2012 قامت الشّرطة الكويتيّة باعتقالكَ بتهمة ازدراء الأديان، هلّا أخبرت القرّاء أكثر عن هذا اليوم؟
كان يومًا بائسًا، لأنّه كان آخر يوم عملٍ لي قبل الانتقال إلى شركةٍ جديدةٍ، فقد تمّ القبض عليّ فجأةً، وفي مقرّ عملي، وتمّت مصادرة متعلّقاتي الشّخصيّة فورًا، ولم يتمّ لي السّماح بالتّواصل مع أيّ أحدٍ.
وصلنا أنّه لم يُسمح لكَ، حتّى بتوكيل محامي دفاع، فهل هذا الأمر صحيحٌ؟
صحيحٌ، لكن كان ذلك قبل وأثناء التّحقيق، وعندما ذهبت إلى السجن وكّلت محامياً من هناك.
ما التّهم الّتي وُجّهِتْ إليكَ، وما أدّلة الإدانة ضدّكَ؟
ستجدونها في المرفقات، لكن التّهمة تحقير الدّين الإسلامي والشّعائر الإسلاميّة والتّرويج للعلمانيّة بدل الدّيانة، ونشر أفكار إلحاديّة.
هلّا أخبرتَ القرّاء عن ظروف الاعتقال قبل المحاكمة، وكيف تعاملتْ معكَ السّلطات والأفراد؟
سأقوم بكتابة ما حدث وتوثيقه في كتابٍ يصدر خلال هذه السّنة، وحول التّعامل معي، فقد كان تعسفيًّا، والحكم جاهزٌ من أوّل يومٍ، ولم ترأف أو تتعاطف معي أيّ جهةٍ قانونيّةٍ، بل قام الجميع بتطبيق أقصى عقوبةٍ عليّ، وهي السّجن لسنةٍ، مع فرض غرامةٍ ماليّةٍ.
صدر الحكم بالسّجن لمدة سنة والتّرحيل من دولة الكويت في تاريخ 28 شباط 2013، أخبرنا أكثر عن سير المحاكمة والحكم والأصداء الّتي وصلتكَ عنهما؟
المحاكمة كانت فاشلةً بكلّ معنى الكلمة، ففي المحكمة الابتدائيّة لم يطلب القاضي حضوري، وفي الاستئناف قرأ القاضي مذكّرة الدّفاع في أقلّ من 3 دقائق، وفي نفس اليوم أيّد الحكم السّابق، فيما رفضت محكمة التّمييز الطّعن شكلاً، ولم تُعِدْ النظر في الموضوع.
كيف قضيتَ المدّة الّتي سُجِنْتَ فيها؟ وهل تعرّضت لأيّ معاملةٍ غير إنسانيّةٍ أو مضايقاتٍ؟ أخبرنا أكثر عن حياتكَ في تلك الفترة؟
تخيّل أن تنقلب حياتكَ من الرّفاهيّة إلى ظلمات السّجن وكآبته وقذارته وكبته وعنفه، وكلّ تلك الصّرخات المكتومة العالقة على الجدران، ولا تستطيع حتّى النفاذ للخارج، نعم بالتّأكيد تعرّضتُ لمضايقاتٍ لفظيّةٍ ونفسيّةٍ عديدةٍ بسبب أنّني غير مؤمنٍ، وبسبب مسمّى القضيّة. قضيتُ 365 يومًا في السّجن بإلاضافة إلى 45 يومًا تحت التّحفّظ، كان كلّ يومٍ مليئًا بالمشاكل والمضايقات، ناهيك عن الضّغط النّفسي وخسارةٍ فادحةٍ للعمر وتحطيمٍ للذّات وفقدانٍ للعمل وجميع ارتباطاتكَ الحياتيّة؛ إنّه لشيءٌ مرعبٌ أن ترى حياتكَ تنهار أمام عينكَ لمجرّد لا شيء.
أنتَ الآن تعيش حرًّا في مصر بعد خروجكَ من هذا الاعتقال، هلّا شاركتنا مشاعركَ وأفكاركَ حول هذا الحدث، وهذه الفترة من حياتكَ؟
أشعر كأنّي ولدتُ من جديدٍ في عمر الـ 28، إحساسٌ جيّدٌ حقًّا، وصعبٌ جدّاً أن تبدأ من جديدٍ في مكانٍ لم تعتاد الحياة عليه، حاليًّا أقوم بترتيب أولوياتي وتقييم جميع الخطط.
ما مخطّطاتك للفترة القادمة، وهل تفكّر بالاستقرار في مصر أم السّفر؟ ولماذا؟
أعتقد أنّني سأغادر؛ لأنّني لا أستطيع التوقّف عن النّشر، ولا أريد ملاحقاتٍ قانونيةً أخرى.
كيف عرفْتَ بمجلّة الملحدين العرب؟ وما رأيكَ بها، وبالمواضيع وطريقة التّقديم بكلّ صراحةٍ؟
من خلال الأصدقاء، ومن خلال مطالعتي لمجموعة المجلّة الخاصّ، وما تقوم المجلّة بنشره هو جهدٌ تنويريٌ فذٌّ كالّذي نقوم به في مجلّة (أنا أفكّر). إنّ الموادّ الثّقافيّة العربيّة الحرّة شحيحةٌ جدًّا، لذلك، فأنتم تقومون بدورٍ استراتيجيٍ،وعلى مدى بعيدٍ لتكونوا منهلاً معرفيًّا عربيًّا لا ينفد، فكلّ ما ينقصنا وينقصكم هو الوصول إلى أكبر شريحةٍ ممكنةٍ من الأجيال القادمة؛ لنستطيع إصلاح ما أفسدته المناهج الدّراسيّة السّخيفة والبيئة المحيطة.
هل هناك رسالةٌ ترغب في توجيهها لقرّاء مجلّة الملحدين العرب من ملحدين ومؤمنين؟
أدعوكم إلى المزيد من المعرفة، والمزيد من الانفتاح، وستكونون قادة التّغيير في هذه المجتمعات المنكوبة، ولا تتكلّموا قبل أن تتعلّموا. كما أشكركَ جزيل الشّكر يا صديقي على هذا الحوار الرّائع، فمجلّتكم صراحةً قيمةٌ فكريّةٌ ضخمةٌ جدًّا. وشكرًا جزيلاً لجهودكم الإنسانيّة، وأتمنّى أن يكون بيننا تعاونٌ لاحقاً.
منشورات ذات شعبية