كيف يمكنك أن تصبح قارئًا للطالع بعشرة خطوات

قراءة الطالع والقراءات النفسية هي واحدة من الفنون القديمة. وهي خليطٌ من التمثيل الجيد والتلاعب النفسي. وبينما يقوم الكثير من قارئي الطالع بالغش وجمع المعلومات عن الأشخاص قبل لقاءهم – ولربما يكونون أقرباء لهم، سنركز هنا على نوع مختلف وهو القراءة الباردة Cold Reading – أي قراءة طالع شخصٍ ما دون أيِّ معرفة مسبقة به.

مصدر هذه المقالة هو كتاب إيان رولاند الرائع والموسوعي “الحقائق الكاملة عن القراءة الباردة Full Facts Book About Cold Reading” وما سنعرضه هنا ما هو إلا عينة بسيطة مما قد قام بتقديمه قارئٌ محترفٌ للطالع كان الأفضل بلا منازع في أيامِه.

لقد قمت بجمع بعض المعلومات أيضًا من مقالات أخرى نشرت لدى “جمعية المتشككين The Skeptics Society” وأبرزها مقالة كتبتها بعنوان “قارئ للطالع في يوم واحد فقط: كيف أصبحت محترفًا لبطاقات التارو، وقراءة الكف، وعلم التنجيم، والوساطة الروحية في أقلِّ من أربع وعشرون ساعة”. كتبت ذلك المقال بعد ظهوري في برنامج “بيل ناي Bill Nye” على قناة PBS “عين على ناي Eye on Nye” عام 2003. ولم يكن لديَّ سوى أربع وعشرون ساعة لكي أتقن قراءة الكف، وبطاقات التارو، والقراءة النجمية، وحتى أن أتكلم مع الموتى. وبعد تلك الساعات الأربع والعشرون لم يكن لدي مشكلة في إقناع أفرادٍ لم ألتق بهم في حياتي بأنني بالفعل: “قارئ للطالع”. حقيقة أنه كان بإمكاني تقديم أداء مقنع لهم بمجردِ يومٍ واحدٍ من التحضير يظهر مدى ضعف الناس لهذه التلاعبات النفسية.

الخطوات العشرة

الخطوة الأولى: قم بتمهيد الطريق لتجربة مريحة وروحية. وقم بتأسيس سلطتك كقارئ للطالع مع دعائم نفسية قوية، كالرسوم البيانية المثيرة والدوائر والأشكال المخططة بالإضافة إلى النجوم السداسية. ضع كل هذا على الطاولة، ولا تنسى أن يكون لديك مكتبة تقع خلفك مليئة بالكتب العتيقة تظهر أنها كتب مرجعية رصينة.

أما على جانب الزبون، فضع كراسٍ كبيرة مريحة وطاولات صغيرة بينها تغطيها قطعة قماش دانتيل وفوقها شموع بضوء خافت. تحت كل هذا ضع سجادة ناعمة جدًا بلون مريح وتذكر أن تضع بعضًا من البخور لتعطي زبائنك تجربة “روحية” لزيارتهم. يجب أن يشعر كل زبون أنه وسط طقسٍ روحي وذو أهمية.

الخطوة الثانية: أعكس شخصية متعاطفة، وضع زبونك بمزاج متقبل وتعاوني بإخباره أن قراءة الطالع هي جهد جماعي قد يتطلب تعاونه في بعض الأحيان.

استخدم صوت خافت، وسلوك هادئ. وأجعل لغة الجسد خاصتك متعاطفة لا متواجهة؛ بإبتسامة لطيفة، وتواصل بصري مستمر، وامالة الرأس إلى أحد الجوانب أثناء الاستماع. واجه الموضوع واضعًا ساقيك معًا، ولكن لا تجعل أحدهما فوق الأخرى ولتكن ذراعاك مفتوحتان. صف نفسك بانك: “قارئ للطالع بشكل فِطرِي”، وأشرح للزائر بأنك تقدم خدمة لزبائنك بواسطة تِلكَ الهبة الفطرية التي أُنعِمتَ بها بمساعدتهم في أمور تثقل الكاهل وتعصر القلب. أشرح لهم بأن جميع البشر لديهم هذه الفطرة إلا أنك قد نميتها ومرنتها بواسطة الخبرة والممارسة. ولكي تبرر أخطاء قد تقع بها في وقت لاحق، أذكر لزبونك بأنك لا يمكن لك أن تتوقع المستقبل بشكل كامل، وأنك تتمنى أن تكون لديك نسبة صحةٍ تصل إلى مئة بالمئة، وبأسلوب فكاهي قم بتذكيرهم بأنه حتى لاعب كرة السلة “مايكل جوردان Michael Jordan” أضاع الكثير من الفرص.

الخطوة الثالثة: هنالك سبعة مواضيع أساسية يود زبائنك التحدث عنها: الحب، والصحة، والمال، والعمل، والسفر، والتعليم، والطموح. حاول التركيز على هذه المواضيع السبعة بأن تسأل كثيرًا من الأسئلة وتدلي بكثير من الجُمل المتعلقة بكل موضوع. كما سيساعدك ذلك في تذكر الطالع الذي تقرأه.

الخطوة الرابعة: إبدا بالقراءة التمهيدية، بتصريحك لجمل عمومية جدًا تنفع في قراءة طالع أيَّ شخص كان، ويمكن فهمها بطرق متعددة. وهاك بعضًا من الأمثلة:

  • لديك نظرتك الخاصة حيال الحياة اليومية وحيال العالم ككل، لم تكتسب هذه النظرة بقراءتك لكتاب أو كتابين، بل اكتسبتها بعد مرورك بتجارب صعبة.
  • بإمكانك أن تُظهِر نفسك على أنك شخصٌ يمتلك مقاليدَ التحكم في بعض الأحيان، ولكن في الحقيقة، وفي أعماقِ مشاعرك، تجد نفسك غيرُ مستقرٍ أو متزعزعٍ قليلًا. وتتمنى أن تحظى بشعبية أكثر – ربما بمرونة أكثر – في علاقتك العامة مع الآخرين.
  • ما أجده هنا هو أنك شخص يمكن للآخرين الثقة به بشكل عام. لست قديسًا، لست مثاليًا، ولكن لنقل إنك شخصٌ يفهم معنى ويقدر مدى أهمية امتلاكه لثقة أحدهم.
  • حسنًا، بعض الأحيان تكون صريحًا أكثر مما ينبغي حيال مشاعرك، وتبوح للآخرين كثيرًا من الأمور حيال نفسك. ولكنك جيد حينما تفكر بالأمور بشكل أكثر، وتود أن تبحث عن الأدلة قبل أن تغير رأيك بكثير من الأمور. وحين تجد نفسك في مواقف غريبة أو جديدة بعض الشيء، تتوخى الحذر حتى تفهم بالضبط ما الذي يحصل وحينها تتصرف بثقة أكبر.
  • أنت شخص مراعٍ لمشاعر الآخرين، وسريع في تقديم المعونة لهم، ولكن لديك أحيانٌ، حيث تعلو لديك مؤشرات الأنانية بصراحة. أنت شخصٌ هادئ لا تحب أن يتم تسليط الأضواء عليك، ولكن لديك في داخلك روح المتعة ويمكن ان تكون محيٍ للحفلات إن كان مزاجك مناسبًا لذلك.

الخطوة الخامسة: بعد هذه الجمل العمومية بإمكانك الآن ان تبدأ بأمور أكثر خصوصية وشخصية، ولكنها تنطبق على معظم الناس كذلك بإشارتك إلى أمور شائعة كالتالية:

  • قطع مجوهرات قديمة من قريب متوفٍ لك.
  • علاج، دواء، إنتهت مدة صلاحيته.
  • لعب أطفال، كتب، تذكارات جميلة، من أيام الطفولة.
  • صندوق يحتوي على صور شخصية، ليست في أيّ ألبوم.
  • ساعة يد أو ساعة كبيرة، لكنها لا تعمل في الوقت الحالي.
  • ملاحظة قصيرة على باب الثلاجة او قرب الهاتف.
  • كتاب أو مقالة حول هواية لم تعد تمارسها.
  • درج (مجر) لا ينزلق بسهولة.

بالإضافة إلى بعض الخصائص التي قد يعتقد زبونك انها مميزة له:

  • حادث مؤسف في الطفولة، يتضمن المياه.
  • الرقم 2 في عنوان المنزل.
  • ندبة قديمة على الركبة.
  • شعر طويل في الطفولة.
  • ملابس لم ترتديها أبدًا.
  • صور للأحباء في الحقيبة النسائية أو في محفظة النقود.
  • حلق قرط مفردٍ أضعت زوجه.

الخطوة السادسة: استخرج المعلومات من زبونك بتمويه الأسئلة داخل العبارات:

الخطوة السابعة: مناشدة الحكمة القديمة. كاستخدام مصطلحات غريبة، ومن المناسب الإشارة أيضًا إلى شعوب أو حضارات قديمة كشعب المايا وحكم الصينيين القدماء. يدعو إيان رولاند هذه الطريقة بـ “غارة المصطلحات”، ويشير إلى أنها واحدة من طرقه المفضلة. فاستخدام المصطلحات الغامضة وتوسيمها على أنها حكمة لشعوب قديمة يجعل من منطق قارئ الطالع غير قابلٍ للنقد، ويعزز فكرة أن قارئ الطالع شخص ذو سلطة وله معرفة سرية بشكل ما. مناشدة حكمة الشعوب القديمة يعزز أيضًا شعور الزبون بأنه داخل طقس روحاني وأنه مركزًا لهذا الطقس كما يشجع التعاون ويثبط أي شكوك أو اعتراضات. ولنأخذ على سبيل المثال أوراق التارو، فهي مليئة بالرموز الغريبة التي يمكنك إحالتها إلى مصطلحات وتسميات كما تشاء، ويمكنك أخذ المعلومات وربطها بشكل مموه في نهاية الجمل (الزبون) – بينما لا يزال هو منشغلًا في فهم ما تقصده بالمصطلح.

يعطينا هنا رولاند مثالًا على كيفية إخفاء السؤال في النهاية في هذا المثال: “من المثير للاهتمام، أجد أن إبهامك وقع على ورقةً تحمل صورة من القِيم اليُسرى كذي السيوف الخمسة، وهي ورقة مهمة ولكنها ذو سحرٍ أقل. يرتبط رمز هذه الورقة تقليديًا لدى حضارة الإنكا بالتحدي والنضال فيما يخص بالقلوب والمشاعر والعواطف ولكن ما يثير فضولي حقًا هو اختيارك السابق لورقة الناسك والتي هي في الحقيقة واحدة من ثلاثية الأوراق الدُنّيا. تشير هذه الورقة لوحدها إلى العزلة، ولكن الآن وبإعادة النظر اليها، وبحسب خياراتك الأخرى، نجد أنها تشير إلى إنجاز الأهداف الشخصية أيضًا. في الحقيقة، ما أجده هو كما أن لو البطاقات تقترح أن أهدافك الشخصية موضوعة ذو أولوية أكثر من العاطفية، لا أعلم إن كان هذا يبدو منطقيًا لك…”.

الخطوة الثامنة: يمكنك أيضًا استخدام قليل من المعرفة العلمية من علم النفس وعلم الاجتماع لتستدل على اهتمامات زبونك. ويذكر حول هذا الموضوع القارئ المحنك في هذه المهنة إيان رولاند:

لا تقرأ تلك الكتب المتعفنة [الغامضة والخارقة للطبيعة] والتي تستخدمها أثناء الجلسة ربما لدعم كلامك. بل ستجد أن كتب المعالجة والإرشاد النفسي ذا فائدة أكبر كثيرًا. أما عن كتابي المفضل فاسمه “المقاطع Passages” وهو كتاب نُشر في السبعينيات من القرن الماضي، لمؤلفه جايل شيلي Gail Sheehly، وحصل على مبيعات عالية. وستجد أن عنوان الكتاب الفرعي يشرح لك لماذا ستحتاجه؛ إذ يأتي بنصه التالي: “أزمات يمكن التنبؤ بها في حياة الإنسان البالغ”.

يستخدم قراء الطالع مصادرًا علميةً كثيرةً ومختلفة. لعل أهمها الإحصائيات الديمغرافية التي تكشف عما يهم الأفراد من فئة عمرية، أو من فئة اجتماعية، أو من هوية جنسية معينة. أما في يومي الذي قضيته كقارئ للطالع فاستخدمت نموذج علمي نفسي يعرف باسم: “نموذج العوامل الخمسة للشخصية Five Factors Model of Personality” – وهي الانفتاح للتجربة، والانبساط النفسي، والضمير، والوفاق، والعصابية – إلى جانب بحوث فرانك سولواي Frank Sulloway حول ديناميكيات الآسرة للتنبؤ بعدة أمور أحدها ترتيب ولادة الزبون نسبة إلى أخوته (الأخ الأصغر، الأخ المتوسط، الأخ اللاحق).

الخطوة التاسعة: لا تنسى ان تمدح الزبون، قل له ما يود سماعه.

“حياتك العاطفية ستكون في تحسن، مشاكلك الاقتصادية ستقوم بحلها، أنت شخص دؤوب في العمل، أنت شخص عادل، لديك ميزة الاستقلالية بذاتك والحكمة”. قُراءُ الطالع المحترفون لا يضعون تلك المجاملات فحسب؛ بل يموهوها داخل عرض متوسع يخفي طبيعتها المتلاعبة. حينما يستمع الزبون إلى أمر عامٍ جدًا يمكن له أن ينطبق على أي شخص؛ يقوم بتطبيقه على أمور خاصة حيال نفسه ويدركه على أنه محدد ودقيق جدًا، ولن يكون أمر عموميًا بعد ذلك. ولعل أكثر الأمثلة وضوحًا على ذلك هي الأبراج.

ولكن ماذا لو لم تنطبق إحدى المجاملات على الزبون؟ ماذا لو لم تنطبق المجاملة العاطفية مثلًا على الزبون وتبين أنه لا يعاني من أية مشكلة عاطفية؟ حسنًا، في هذه الحالة نجد أن البشر لديهم ميل لتذكر الأمور المناسبة ونسيان تلك الغير مناسبة، خصوصًا حينما يكونون قد تلقوا كما هائلًا من المعلومات.

الخطوة العاشرة: قم بتجهيز الأعذار المناسبة. وحاول أن تحول أي نتيجة إلى صالحك. وهاك بعض من الأمثلة:

  • كما ذكرت في الأعلى، نبه الزبون على أن نسبة صحة القراءة لا تصل إلى مئة بالمئة.
  • إن أشار الزبون إلى أن جملة معينة أدليت بها لا تنطبق عليه، فضع اللوم عليه بطريقة ما، كأن تقول له بأنه ربما لا يتذكر ولكنه قد حصل بالفعل. أو بإمكانك أن تشير إلى أنه من الممكن أن يحصل ذلك مستقبلًا له.
  • إن كنت تعطي الزبون رسالة من روح حبيب متوفي، وأخطأت في التخمين بشأن موضوع ما، يمكنك القول باحتمالية أن روح الحبيب هذا قد غيرت رأيها بخصوص الموضوع.
  • إن عانيت من وقفات دون كلام لفترات طويلة نسبيًا بحيث أصبحت محرجة، فألقي اللوم على صعوبة ما بالتواصل الروحي.
  • يمكنك دائمًا إلقاء اللوم على الزبون، بأن تطلب منه أن يحاول معك بشكل أكثر.


 

كتبها: مايكل شيرمر. ترجمة بتصرف: علي النجفي. مايكل شيرمر Michael Shermer، عالم نفسي، مؤسس لجمعية المتشككين، ورئيس تحرير مجلة المتشكك The Skeptic.