كم أحب هذا الشهر، فهو أكثر شهور السنة تميزًا عندي، وذلك لسبب بسيط: إنه الشهر الذي يكون فيه المسلمون مدعاة للتأمل والشفقة في آن معاً أكثر من أي شهر آخر. كيف؟ لنعرّف أولًا شهر رمضان تعريفاً مباشراً بشكل تخلو منه كتب الفقه:

شهر رمضان: هو شهر قمري يُفرض على المسلمين فيه الامتناع عن الطعام والشراب يوميًا من طلوع الفجر إلى المغيب ، وتُفتح فيه أبواب الجنة الثمانية دون أن تستقبل أحدًا، وتغلق فيه أبواب جهنم السبعة دون أن يكون بداخلها أحد ، وتُصفد فيه الشياطين والمردة في سلاسل تشدها عليهم الملائكة التي تنزل لتتجول في الأرض مستمتعة بالصلوات والأدعية وتلاوة القرآن ، ثم تقوم بنقل تفاصيل ذلك إلى الله شخصياً ليتسلى في وحدته الإلهية بأن يغفر لهذا ويعتق من النار ذاك حتى نهاية الشهر ، وحينها يصدر أمر الإفراج من الله إلى السجانين ليفكوا السلاسل عن الشياطين والمردة ويفتحوا أبواب جهنم ويغلقوا أبواب الجنة بانتظار رمضان القادم، وهكذا تتكرر المسرحية الهزلية ذاتها سنوياً!

وقديماً قيل (الحمق هو: تكرار الشيء نفسه وتوقع نتائج مختلفة)، مع ذلك نجد مشايخ الدجل والكذب من مدعوذي الفضائيات والمنابر لازالوا يكررون ما سبق أن رددوه في بداية كل رمضان، فيقولون: (شهر رمضان شهر تتحد فيه قلوب المسلمين) وكيف يمكن لهذه القلوب أن تتحد على شهر يختلف المسلمون في تحديد بدايته وتحديد ليلة القدر منه وبالتالي تحديد بداية عيد الفطر الذي يليه؟ ولا ننسى التخبط في تحديد عدد ركعات صلاة التراويح وكيفيتها ومكان أدائها الأمثل، ناهيك عن الخلافات الكثيرة في أحكام ومبطلات الصوم، لدرجة أن أحد المدعوذين قال مرة على مسمع مني: (إن الفقهاء مجتمعين على أن كل ما دخل الجوف من طعام أو شراب فهو مفطر ومختلفون في كل ما عدا ذلك من فروع)

فهل هذه قلوب متحدة؟ ولو كان إله المسلمين يريد من قلوبهم أن تتحد في رمضان حقاً، لاختار طرق أكثر دقة وتوحيداً من الفوضى المتبعة الآن، بدلاً من أن يجعل رمضان هو أكثر الشهور اثباتًا لاختلاف قلوب المسلمين اختلافاً شديداً لا اتحادها.

مجلة الملحدين العرب: العدد الثامن / شهر يوليو / 2013