علامات الساعة

الخرافة والخزعبلات المقدّسة هما سيّدتا الموقف في كلّ الأديان الإبراهيمية ˝اليهودية، المسيحية، الإسلام˝ فهذه الأديان الثلاث المسمّاة سماويةٌ ما هي إلا دينٌ واحدٌ له ثلاثة تجلّيات، فعندما تتحدّث عن نشأة الكون مثلاً تجدها كلّها تتحدّث بنفس الطريقة، وعندما تتحدّث عن نهاية العالم تجدها كلّها تسير في نفس الطريق، طريق الخرافة والخزعبلات والترغيب والترهيب، من خاف من عذاب النار كان بها، ومن تمنّى مضاجعة الحور العين في الجنة فقد نجا.

أما من فكّر وأعْملَ عقله ورفع صوته فله السيف، وتُقطّعُ أيديه وأرجله من خلافٍ؛ لأن من تمنطق فقد تزندق كما قال فقهاء الإسلام، أو كان عقابه الحرقفي النار كما فعل رجال الدين المسيحي في العصور الوسطى مع العلماء الذين اكتشفوا مسائلَ علميةً تخالف ما جاء في الإنجيل كما حدث للعالم ˝برونو˝.

في هذا الملّف المثير سوف نناقش ما يطلق عليه المؤمنون، وتحديداً المسلمون ˝علامات الساعة ˝وبمعنى أكثر وضوحاً علامات يوم القيامة، يوم يفرّ المرء من أمه وأبيه وصاحبته وبنيه .
علامات الساعة ˝القيامة ˝ وانتهاء العالم وردت في كثيرٍ من الأحاديث النبوية في صحيحيّ البخاري ومسلم ومسند أحمد وغيرها من كتب الحديث، ليس ذلك فحسب، بل جاء ذكر بعضها في القران نفسه مثل: قوم يأجوج ومأجوج، وذو القرنين الذي بنى بيننا وبينهم سدّاً منيعاً يحمينا منهم ومن شرّهم، وخروج الدابّة، وكذلك عودة المسيح .

saaa

يعتبر المسلمون أن أولى علامات الساعة ظهور النبي عيسى في الحياة، ومعنى ذلك أن ظهوره دليلٌ على اقتراب يوم القيامة، فقد جاء في الحديث الصحيح إنه قال إن وجوده دليلٌ على قيام الساعة، و هنا ذكر أن قدومه و قيام الساعة كهاتين، وأشار بأصبعيه السبابة و الوسطى، لكن لم يسأل المؤمنون أنفسهم اليوم رغم مرور فترة ١٤٠٠ سنة وأكثر على ظهور الدعوة المحمّدية إلى الآن، أليس كلّ هذا الوقت كافياّ للوصول إلى محطة النهاية والنفخ في الصور، وخاصةً إذا تفحصّنا أصبعي السبّابة والوسطى ووجدنا أن الفرق بينهما صغيرٌ؟؟؟
ربّما كان النبي محمّدٌ يحاول إرهاب المؤمنين به؛ ليطيعوه أكثر ويؤشّر لهم بقرب يوم القيامة .

الروايات والأحاديث عن علامات الساعة الكبرى كثيرةٌ، لكن أهمّها حديث حذيفة بن أسيد الغفاري في صحيح البخاري: (( اطّلع علينا النبي ونحن نتذاكر فقال النبي : ما تذاكرون؟ فقالوا: نذكر الساعة، فقال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آياتٍ فذكر، الدخّان، والدجّال، والدابّة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوفٍ، خسفٌ بالمشرق، وخسفٌ بالمغرب، وخسفٌ بجزيرة العرب، وآخر ذلك نارٌ تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم)).

عودة المسيح

JesusPortrait

قصة عيسى في الإسلام هي كالتالي:

نبيٌّ ولد من أمّه مريم من غير أبٍ, وفي يومٍ من الأيّام خلت مريم لنفسها، فجأةً انحبس صوتها وشَخُصَ بصرها، إنها مفاجأةٌ ! بشرٌ سَويٌّ في خلوة العذراء, سرعان ما استغاثت بربها ولجأت إليه وقالت: أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّاً, ولكن قدّر الله لها مفاجأةً أعظم, فقد أنطق هذاالبشر السوي في خلوة مريمٍ ليقول لها: لا تخافي ولا تحزني فأنا رسول ربّك إليك لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّاً،فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ،وهكذا كان مولد عيسى في الإسلام.

وكان عيسى نبيّاً يدعو الناس إلى دينه إلى أن صلبه وقتله اليهود, أما بالنسبة للنصارى فعيسى صُلبَ وقُتل

ودُفن وخرج من قبره بعد ثلاثة أيام، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الربّ أبيه، وهو ينتظر إلى يوم

الخلاص ليقضى بين الأحياء والأموات، أما عند المسلمين فعيسى لم يُصلب ولم يُقتل ولم يُدفن, بل شُبِّهَ لهم

ورفعه الله إليه ومازال على قيد الحياة إلى يومنا هذا.

قال ابن عباس بسندٍ صحيحٍ كما روى ابن أبي حاتم والنسائي بسندٍ صحّحه الحافظ ابن كثير في تفسيره لسورة النساء:

˝لما أراد اللـه أن يرفع عيسى خرج إلى بيتٍ فيه اثنا عشر رجلاً من الحوارين فقال: نبي الله عيسى: إن منكم من سيكفر بي بعد أن آمن بي، ثم قال لهم: أيّكم يقبل أن يلقى عليه شبهي ليقتل مكاني ليكون معي في درجتي في الجنة، فقام شاب أحدثهم سناً (أصغر الجالسين ) فقال له: أنا، فقال: اجلس، فجلس، ثم أعاد عيسى القول مرّةً ثانيةً، فقام نفس الشاب فقال له: اجلس، فجلس، ثم أعاد عيسى قوله للمرّة الثالثة، فقام نفس الشاب، فقال: عيسى هو أنت، فألقى الله على هذا الشاب شَبَهَ عيسى، ورفع الله عيسى إلى السماء˝.

وجاء الطلب من اليهود، أيّ الذين يطلبون عيسى لقتله، فأخذوا هذا الشاب فقتلوه فصلبوه، فكفر بعض أتباع عيسى ممّن آمنوا به كما ذكر لهم, هذه القصة بالنسبة للمسلمين الذين يؤمنون أيضاً بظهوره آخر الزمان لعدّة حكمٍ منها:

أن الله سيُنزل عيسى ليكذّب اليهود الذين زعموا أنهم قتلوه، وليكذّب النصارى الذين جهلوا هذه الحقيقة، وليبيّن للناس جميعا أن محمّداً والموحّدين معه من أمته أولى الناس بعيسى؛ لأنه سيحكم العالم كله بكتاب الله وبشريعة محمّدٍ. ليكون علامة للساعة كما في القرآن:

(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرض يَخْلُفُونَ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ).

ففي قراءة ابن عبّاسٍ ومجاهدٍ:

(وإنه لعلم للساعة، أيّ نزول عيسى أمارةٌ وعلامةٌ على قيام الساعة ).

وروى ابن جرير بسندٍ صحيحٍ أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وَإِنَّهُ لَعلمُ لِلسَاعَةِ أي خروج عيسى عليه السلام، فإن نزل، فهذه علامةٌ كبرى تدلّ على قرب قيام الساعة، وفي الآية التي ذُكرت آنفا وَإِنَّ مِّن أَهلِ الكِتَابِ إِلا لَيُؤمِنَنَّ بِهِ قَبلَ مَوتِهِن، أي قبل موت عيسى عليه السلام.

وهناك أحاديثٌ أخرى على نزوله في الصحاح من حديث أبي هريرة أن النبي قال:

(والذي نفسي بيده ليوشكنّ أن ينزل فيكم عيسى بن مريم حكماً مقسـطاً فيكسـر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد) رواه البخاري والترمذي.

Pig

وروى أبو داود في سننه بسندٍ صحيحٍ من حديث أبي هريرة قال رسول الله:

(ليس نبيٌّ بيني وبين عيسى بن مريمٍ وإنه نازلٌ، فإذا رأيتموه فاعرفوه، إنه رجل مربوعٌ ليس بالطويل ولا بالقصير ولا بالسمين ولا بالنحيف، مائلٌ إلى الحمرة والبياض كأن رأسه يقطر ماءً من غير بللٍ) رواه أبو داود رقم (4324) في الملاحم، باب خروج الدجّال، وصحّحه الألباني في صحيحه (2182) وهو في صحيح الجامع (5389) .

وفى رواية النواس بن سمعان في صحيح مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة أن محمّداً قال:

(ينزل عيسى عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعاً كفّيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفع رأسه تحدّر منه جمانٌ كحبّات اللؤلؤ)

ويبدو أن هذا الحديث موضوعٌ؛ لأنه لم تكن هناك منارةٌ بيضاء في دمشق وقت وجود محمّدٍ على قيد الحياة، بل تمّ بناؤها بعد ذلك في عهد معاويةَ، ويبدو أن هذا الحديث قد تمّ وضعه من جانب ˝أصحاب القصص˝ الذين استخدمهم بنو أميّة في حربهم ضدّ عليٍّ بن أبي طالبٍ، وخاصةً أن أصحاب القصص هؤلاء كان على رأسهم الإمام الشهير الأوزاعي، فهذا الفقيه كان تابعاً لبنى أميّة، وعندما تغلّب بنو العبّاس على ساداته من أحفاد معاويةَ ومروان بن الحكم، قدّم خدماته لساداته الجدد، وسبّ ساداته القدامى.

وفي مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبّان، وصحّح السند الحافظ بن حجر من حديث أبى هريرة، وفيه أن رسول الله قال:

(فيهلك في زمان عيسى الملل كلّها إلا الإسلام، ويُهْلك الله المسيح الدجّال، وتنزل الأمنة في الأرض حتى ترعى الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم) مسند أحمد رقم (8902).

فكلّ هذه الروايات تخبر بنزول عيسى بن مريم في آخر الزمان؛ ليكون من علامات الساعة الكبرى؛ ولتهلك جميع الأديان في عصره إلا الإسلام.

فتح القسطنطينية:

لكن متى سيكون هذا الظهور؟ هل ذُكِرَتْ الصحاح شيئاً عن زمن نزول عيسى ومتى سيحدث؟ لنقرأ:

القسطنطينية عاصمة الدولة الرومانية الشرقية التي تعتبر أقوى وأكبر الإمبراطوريات التي ظهرت في شرق وغرب أوروبا، وغرب آسيا وشمال أفريقيا. مؤسّس هذه المدينة قسطنطين الكبير عام 330 م، وأطلق عليها اسم روما الجديدة، وقد بنيت على مضيق البوسفور عند نقطة التقاء قارتيّ آسيا وأوروبا، وللمدينة شكل مثلّثٍ، وهي محاطةٌ بالبحر من ثلاث جهات: بحر مرمرة ( جنوب.شرق ) – البوسفور ( شمال.شرق ) – القرن الذهبي ( شمال )،وأحاطها قسطنطين بسورٍ ضخمٍ جدّاً من جهة الغرب.

يتوّج فتح القسطنطينية إنجازات السلطان محمد الثاني والجيش العثماني، فقدكان فتح هذه العاصمة الرومانية هدف المسلمين منذ العهد الأموي، ثمّ غاية العثمانيين منذ أن عبروا بحر مرمرة إلى الشاطئ الأوروبي، وقد تمّ فتح القسطنطينية سنة 1453 م.

وبهذه المناسبة يوجد حديثٌ صحيحٌ على ظهور عيسى بن مريم بعد فتح القسطنطينية مباشرةً, بل أثناء تقسيمهم للغنائم ينزل عيسى ويصلّي بهم, والحديث موجودٌ في صحيح مسلم كالآتي:

في باب فتح قسطنطينية وخروج الدجّال ونزول عيسى بن مريم:

2897 حدّثني زهير بن حرب حدّثنا معلى بن منصور حدّثنا سليمان بن بلال حدّثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابقٍ فيخرج إليهم جيشٌ من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذٍ فإذا تصافوا قالت الروم خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم فيقول المسلمون لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم فينهزم ثلثٌ لا يتوب الله عليهم أبداً، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث لا يفتنون أبداً فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علّقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان إن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون وذلك باطلٌ فإذا جاؤوا الشآم خرج فبينما هم يعدّون للقتال يسوّون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فأمّهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته.

فأين المسلمون اليوم من هذا الحديث ؟ وأين علامات الساعة الكبرى في نزول الدجّال وعيسى ؟ قد فُتحت القسطنطينية قبل قرونٍ خلت ! لماذا لا يُدرّس هذا الحديث في المدارس الدينية ؟ ولماذا لا يذكره الخطباء الإسلاميون على منابرهم ؟؟

cucamber

انحسار نهر الفرات عن جبلٍ من ذهبٍ

من أكثر العلامات إثارةٍ للجدل والتأويل والاجتهاد, ستلحظ مجازرَ من التفسيرات والتحليلات مع الكثير من الاستخفاف بالعقول، كالعادة طبعاً، والكثير من المغالطات المنطقية المعهودة بكلّ ما يمتّ لعالم غيبيات الأديان بصلةٍ .

أولاً سنذكر عدد الأحاديث التي رويت حول هذه العلامة وإليكم بعضها:

(يوشك الفرات أن ينحسر عن كنزٍ من ذهبٍ فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً ) رواه بخاريٌّ،

( ينحسر الفرات عن جبلٍ من ذهبٍ فيقتتل عليه الناس فيقتل من كلّ مئةٍ 99 ) رواه مسلمٌ،

عن أبي هريرةٍ قال: ( لا يذهب الدنيا حتى ينجلي فراتكم عن جزيرةٍ من ذهبٍ فيقتتلون عليه, فيقتل من كلّ مئةٍ 99 ) رواه حنبلٌ بن اسحق في كتابه الفتن،

عن أبي هريرة أيضاً في رواية أخرى: ( لا تقوم الساعة حتى يحسر نهر الفرات عن كنزٍ من ذهبٍ فيقتل من كلّ مئةٍ 99 فيقول كلّ رجلٍ منهم لعلّي أكون أنا لأنجو ) رواه الشيخان .

73365138_m

الغريب في هذه العيّنة من الأحاديث :

  1. أبو هريرة يروي الحديث مرّتين، وكلّ مرّةٍ بصيغةٍ مختلفةٍ وبإضافاتٍ أحياناً، بينما هو المعروف بقوّة حفيظته،وإذا سلّمنا أن النبي قد رواه عدّة مرّاتٍ بصيغٍ مختلفةٍ، فلِمَ النبي ينسَ أو يتناسَ مثل هذا الأمر المعتبر من أهمّ نبوءاته كما يفترض ؟!
  2. في قول النبي لكلمة (يوشك أن ينحسر ) لماذا يوشك ؟ لماذا يتهرّب من أن يجزم في نبوءته هذه؟
  3. هناك من يقول: سيقتل 99 من كلّ مئةٍ،ونفسه أبو هريرة الذي يقول ذلك يعود في حديثٍ آخر رفعه يحيى بن آبي عمرو فيقول: ( تسعةٌ من سبعةٍ ) ونرى ابن ماجة يقول: ( تسعةٌ من عشرةٍ )
  4. انظروا هنا إلى كمّ التكهنات عن سبب طلب النبي ونهيه المسلمين من الاقتراب من الذهب حين يظهر، فالبعض يتكهّن فيقول: إن الحكمة النبوية من النهي هي :
  • ما ينشأ عنه من فتنةٍ واقتتالٍ، ( فنرى البعض اليوم يستشهد بصحّة ذلك ممّا يجري في العراق، ناسين أن الفتنة بعد ظهور الذهب وليس قبله !! وهي أساساً كما ذكر خلافٌ على اقتسامه ) .
        • لأنهم لو أخذوا منه كلّهم كما يقول العالم ( ابن التين ) سيندمون؛ لأن لا نفع منه فإذا ظهر جبلٌ من الذهب لكَسَدَ الذهب ( تفسيرٌ تجاريٌّ بحتٌ، فأين الروحانية بما يطلب النبيّ، وهل هذه حقّاً الحكمة ؟! ) .
  • أما الأغرب عندما يذهب البعض بتفسيره كما يقول الحافظ بن حجر: لو اقتسمه الناس بينهم بالتسوية ووسعهم كلهم فاستغنوا أجمعين ! والحكمة هي أيضاً لاجتناب الاغترار، ( ما الضير في أن يستغني الناس أجمعين ؟ وهل في النهي عن ذلك حكمةٌ ؟! وهل الاغترار أخطر أم الفقر والعوز الذي يبتلع أصقاع الأرض أخطر ؟ ) .
  • آخر التكهّنات التي اجتمعت عليها الأغلبية هو أن ظهور الذهب يحدث عند الحشر وقت خروج النار، وهو وقت انشغال الناس بالحشر، فإن أخذ أحدهم فلا يستفيد إلا الندم، ( إذا كان سيليه الحشر، فما الفائدة من نصح الناس بعدم الاقتراب منه ؟ فحتماً بل، ومن الطبيعي أن ينشغل الناس عنه بالنيران المزعومة ؟ وإن أخذوه وندموا بعدها، فهل في ذلك أثمٌ حقّاً ؟).

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا لم ينطق النبي بتلك الحكمة من وراء النهي عن الاقتراب من جبل الذهب هذا؟ لماذا لم يسأله أحدٌ عنها ممّن عاصروه وتناقلوا عنه تلك الأحاديث .

اليوم نجد رواياتٍ وأقاويلَ كثيرةً عن ظهور الذهب في نهر الفرات، وقد استدلّ البعض بانخفاضٍ منسوب النهر المذكور، متجاهلين انحسار كلّ أنهار وبحار كوكبنا نتيجة الاحتباس الحراري .

وبعد كلّ هذه الفضائح يذهب البعض لحفظ ماء الوجه بالقول: إن النبيّ كان يقصد النفط, وهو لم يذكره بالحرف رغم ما أوتي من علمٍ لجهل قومه بهذه المادة حينها! فاستعاض عنها بكلمة ذهب، ( وكأنّ عرب الشعر والفصاحة جُهّالٌ،وقد كان بمقدوره تبسيطها لتصلَ عقولهم،هل يعجز عن ذلك رغم ما أوتي من علمٍ وبلاغةٍ كما يقولون ؟ ! بينما يردّ البعض الآخر معترضين على هذا التفسير أن النفط لا ينحسر الماء عنه فيظهر! بل يُستخرج من باطن التربة أو المياه ) .

ونجد البعض قد وجد مخرجاً آخر -القرطبي والحليمي – بادّعائهما أن هذه العلامة قد سبق أن حصلت في عهد عيسى بن مريم، فقد ذُكِرَ وقتها شيءٌ يشبه انحسار نهر الفرات, لكن أين الذهب الذي ظهر ؟ وهناك آراء أن المقصود بجبل الذهب هو ما يغنمه المسلمون من أموال المشركين. وهل هذه علامةٌ تستطيع أن تمسك بها بعرض التاريخ ؟

الدجّال

girl_one_eye11

كما يعرف كلّ باحثٍ في تأريخ الأديان،فكلّ ديانةٍ تتنبّأ بنهاية العالم، ووقوع معركةٍ كبيرةٍ نهائيةٍ فاصلةٍ بين الخير والشرّ،وكما هناك قائدٌ لفريق الخير فهناك أيضاً قائدٌ لفريق الشرّ،وكلّ قائدٍ تتعدّد صفاته لكن جميعها تتّصف بالخارقة!

الإسلام أيضاً لديه حصّته من هذا، فيفترض نهاية العالم بعد عدّة علاماتٍ، أبرزها ظهور (الأعور الدجّال) الذي سيكون قائد فريق الكفرة، وسيتبعه كلّ مخالفٍ للإسلام حينها، وسيحاول إبعاد الناس عن دينهم.

لكن لنتعرّف على الدجّال بدايةً, من هو، ومن أين سيأتي، وما أوصافه ؟ والأهم من ذلك: ما المغالطات المنطقية والعلمية التي وقع بها كلّ من كتب وروّج لهذا السيناريو؟ سنتكلّم عن بعض المغالطات في نهاية كلّ فقرةٍ، و لنقرأ أهمّ ما قيل عنه وعن أفعال .

(إني لأنذركموه، وما من نبيٍّ إلا وقد أنذر قومه الدجّال، ولقد أنذر نوح قومه، ولكن سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبيٌّ لقومه ألا فاعلموا أنه أعورٌ وأن الله ليس بأعورَ) .

محمّدٌ هنا يتكلّم عن شخصٍ بعينه، وليس كما يذهب بعض العلماء إلى أن محمّداً يقصد هنا شعوباً وحضاراتٍ بأكملها (أوروبا وأمريكا) و يبدو واضحاً من كلام محمّدٍ تأثره بما قالت الديانات الأخرى، لكنّه حريصٌ على إضافة بصمته للموضوع، والآن لنرى ما بإمكان هذا الشخص أن يفعل:

(لأني أعلم بما مع الدجّال من الدجّال، معه نهران يجريان، أحدهما رَأْيَ العين ماءً أبيض، والآخر رَأْيَ العين ناراً تأجّج، فإما أدركنّ أحدٌ فليأتِ النهـر الذي يراه ناراً، وليغمض، ثم ليطأطيء رأسه فليشرب منه فإنه ماءٌ بارد).

ومن المعروف أن الدجّال لم يبقَ بمكانٍ واحدٍ،بل سيكون غازياً وسينتقل ومعه نهر ماءٍ ! نهر ماءٍ جارٍ،ليس خزّاناً أو جراباً للماء، لكن نهرٌ بحاله !

يقول ابن كثير في البداية والنهاية:

˝ يُؤذّن له في الخروج في آخر الزمان بعد فتح المسلمين مدينة الروم المسمّاة بقسطنطينية، فيكون بدء ظهوره من أصفهان من حارةٍ منها يقال لها اليهودية، وينصره من أهلها سبعون ألف يهوديٍ عليهم الأسلحة والتيجان، وهي الطيالسة الخضراء، وكذلك ينصره سبعون ألفًاً من التتار وخلقٌ من أهل خراسان، فيظهر أوّلاً في صورة رجلٍ صالحٍ، ثمّ في صورة ملكٍ من الملوك الجبابرة، ثم يدّعي النبوة ثم يدّعي الربوبية، فيتبعه على ذلك الجهلة من بني آدم والطغام من الرعاعٍ والعوام، ويخالفه ويردّ عليه من هدى الله من عباده الصالحين وحزب الله المتقين، يأخذ البلاد بلداً بلداً وحصناً حصناً وإقليماً إقليماً وكورة كورة، ولا يبقى بلدٌ من البلاد إلا وطئه بخيله ورجله غير مكّة والمدينة ˝

من المعروف حسب ما يقول المسلمين إننا نعيش آخر الزمان حالياً, و لدينا حوالي 50 ألف يهوديٍ في إيران، والقسطنطينية ( اسطنبول ) قد تمّ فتحها ولم يحصل شيءٌ!

كم سيبقى الدجّال على الأرض؟

( أربعون يوماً، يومٌ كسنةٍ ويومٌ كشهرٍ، ويومٌ كجمعةٍ، وسائر أيامه كسائر أيامكم )، قلنا: يا رسول الله, اليوم الذي كسنةٍ تكفينا فيه صلاة يومٍ وليلةٍ ؟ قال: (لا، اقدروا له قدره)

يعني: في أحد أيامه سيبطأ انقضاء أحد هذه الأيام إلى درجةٍ كبيرةٍ (سنة) و يطلب محمد من رفاقه حينها حساب وقت كلّ صلاةٍ والقيام بها في وقتها.

بكلامٍ علميٍ: ستقلّ سرعة ودوران الأرض لتستغرق سنةً واحدةً في الدوران حول نفسها دورةً واحدةً ! كلامٌ يناقض كلّ القوانين التي تتبعها الأرض في دورانها حول الشمس، وسيحدث لمرّةٍ واحدةٍ فقط! أيّ كلامٍ هذا ؟

و تستمرّ الأسطورة:

ثم ينزل عيسى بن مريم فينادي من السحر فيقول: يا أيّها الناس ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذّاب الخبيث ؟ فيقولون: هذا رجل جنيّ فينطلقون فإذا هم بعيسى بن مريم، فتقام الصلاة فيقال له: تقدّم يا روح الله فيقول ليتقدّم أمامكم فليصلّ بكم، فإذا صلّى صلاة الصبح خرجوا إليه، قال فحين يرى الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء فيمشي إليه فيقتله، حتى إن الشجرة والحجر ينادي يا روح الله هذا يهوديٌّ فلا يترك ممّن كان يتّبعه أحدٌ إلا قتله.

كما في باقي الديانات، محمّدٌ هنا يقول لنا إن المسلمين هم فقط من سيبقون, وعدوهم الرئيسي (اليهود) سيبادون عن بكرة أبيهم لدرجة أن الأحجار ستخبر عمّن يختبيء وراءها!

الموضوع إن دلّ على شيءٍ فيدلّ على نظرة الإسلام العنصرية والضيقة للعالم, فهو لا يزال يظنّ أن العالم ستحارب بالبغال والخيل والسيوف والنبال وما شابه،ما زال يظنّ أن العالم ليس سوى بضعة أقاليمَ، وليس أكبر من العالم الذي يصوّره لأتباعه، ما زال يظنّ أنه آخر الأديان، بدليل هذا الكلام هنا:

الدجّال موجودٌ منذ حياة النبي محمّدٍ إلى أيامنا هذه، وهو قريب عهدٍ بالخروج، فلا يخرج ليأذن الله بذلك، والدليل على حياته منذ زمن محمّدٍ إلى أيامنا هذه،

ما أخرجه مسلم في صحيحه وغيره من حديث فاطمة بنت قيسٍ:

أن الرسول جاء ذات يومٍ مسرعاً، فصعد المنبر ونودي في الناس الصلاة جامعةً، فاجتمع الناس فقال: (يا أيها الناس إني لم أدعكم لرغبةٍ ولا لرهبةٍ، ولكن تميماً الداري أخبرني أن نفراً من أهل فلسطين ركبوا البحر، فقذف بهم الريح إلى جزيرةٍ من جزائر البحر، فإذا هم بدابّةٍ أشعر لا يُدرى ذكرٌ هو أم أنثى لكثرة شعره)

فقالوا: من أنتَ ؟

فقالت: أنا الجساسة .

فقالوا: فأخبرينا .

فقالت: ما أنا بمخبرتكم ولا مستخبرتكم ولكن في هذا الدير رجلٌ فقيرٌ إلى أن يخبركم وإلى أن يستخبركم.

فدخلوا الدير فإذا هو رجلٌ أعورٌ مصفّدٌ في الحديد .

فقال: من أنتم ؟

قالوا: نحن العرب .

فقال: هل بُعث فيكم النبي ؟

قالوا: نعم .

قال: فهل اتّبعه العرب ؟

قالوا: نعم .

قال: ذاك خيرٌ لهم .

قال: فما فعلت فارسٌ هل ظهر عليها ؟

قالوا: لا .

قال: أما إنه سيظهر عليها.

ثم قال: ما فعلت عين زغر ؟

قالوا: هي تدفقُ ملأى.

قال: فما فعل نخل بيسان ؟هل أطعم ؟

قالوا: نعم أوائله.

قال: فوثب وثبةً حتى ظنّنا أنه سيفلت.

فقلنا: من أنت ؟

فقال: أنا الدجّال. أما إني سأطأ الأرض كلها غير مكّة وطيبة “المدينة “

لكن لنذكر تناقضاً صغيراً وقع به محمّدٌ نفسه :

قد ثبت في الصحاح أن النبيّ محمّداً كان يشكّ في شخصٍ من يهود المدينة، يقال له صافيٌّ بن صيّادٍ أنه هو الدجّال، وعندما زاد وكثر شكّ النبي خرج بنفسه ليتأكد هل هذا الرجل فعلاً هو الدجّال أم لا ؟ فخرج عليه الصلاة والسلام ومعه عمر بن الخطاب ووصل إلى حصن ابن صيّادٍ. قال عمر: فتعجّبت عندما رأيت النبي يتخفّى خلف الأشجار، وينتقل مسرعاً من شجرةٍ إلى أخرى، حتى وصل بالقرب من ابن صيّادٍ وكان مستلقياً على الأرض يتمتم بكلماتٍ لا تُفهم، فأخذ النبي عليه الصلاة والسلام ينصت له محاولاً أن يفهم ما يقول دون فائدةٍ، وبينما هما كذلك خرجت من البيت أم ابن صيّاد، وصاحت تقول: يا صافي هذا محمّدٌ، فثار ابن صيّادٍ فقال النبي لو تركته ( أي لو لم تصيح ) لظهر لي أمره، وبانت حقيقته هل هو الدجّال أم لا،فقام النبي يسأله يا بن صيادٍ أتشهد أني رسول الله ؟ فقال: أشهد أنك رسوله الأمين، وقال ابن صيّادٍ للنبي محمّد: أتشهد أني رسول الله ؟ فقال: آمنت بالله ورسله، آمنت بالله ورسله، ثم قال: يا بن صيّادٍ قد خبّأتُ لك خبأةً ( والمعنى إنني اخترت لك كلمةً في نفسي، حاولْ أن تعرف ما هي ) فقال ابن صيّادٍ ˝ الدخ.. الدخ.. الدخ ˝ فقاله له النبي: ( اخسأ فلن تعدو قدرك ) ثم إن عمرَ سأل النبي ما خبّأت له يا رسول الله ؟ فقال: خبّأتُ له كلمةً ˝ الدخان ˝ وعرف ابن صيّادٍ نصفها عندما قال ˝ الدخ.. الدخ ˝ فقال عمر: يا رسول الله دعني اقطع عنقه، فقال : دعْه يا عمر، فإذا كان هو الدجّال فلن تُسلّط عليه، وإذا لم يكن هو فلا خير لك في قتله.

who is it

فانتشر أمر ابن صيّادٍ وشكوك النبي فيه بين الناس، حتى إن عمرَ بن الخطاب كان يقسم أمام النبي إنه هو الدجّال، والنبي عليه الصلاة والسلام لا ينكر عليه،فقام الناس يحذّرون ابن صيّادٍ،وعن زيدٍ بن وهبٍ قال: (قال أبو ذر لأن أحلف عشر مرّاتٍ أن ابن صيّادٍ هو الدجال أحبّ إليّ من أن أحلف مرّةً واحدةً أنه ليس به ) رواه أحمد،وبعد وفاة النبي روى عبد الله بن عمر بن الخطاب حادثةً حدثت له مع ابن صيّادٍ نفسه، وذلك أن ابن صيّادٍ قد كثر ماله وولده، حتى أصبح من أكثر الناس مالاً وولداً، فرآه عبد الله بن عمر ومعه مجموعة من الصحابة في أحد أزقّة المدينة، وإذا ابن صيّادٍ قد أصبح أعورَ فتوجّه إليه ابن عمر، وقال له: متى فعلت عينك ما أرى يا بن صيّادٍ ؟ فقال: لا أدري قمْتُ ووجدتها هكذا، فقال له ابن عمر: لا تدري عن عينك وهي في رأسك ؟! فقال ابن صيّادٍ: لو شاء الله لجعلها في عصاك، فغضب عليه ابن عمر وضربه بالعصا التي كانت معه، عندها غضب ابن صيّادٍ غضبةً شديدةً، وانتفخ انتفاخةً عجيبةً لم نرَ مثلها، قال ابن عمر: فتوجّهتُ بعدها إلى بيت أختي حفصة ( أمّ المؤمنين وزوج النبي ) وأخبرتها ما حدث لي مع ابن صيّادٍ فلامتني على ذلك، وقالت لي: ألا تعلم أن النبي قد أخبرنا أن الدجّال يخرج من غضبةٍ يغضبها. لكن الطريف في الأمر أن صافي بن صيّادٍ أسلم بعد ذلك، وذهب حاجّاً إلى مكة، وذكر ذلك في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن في طريق العودة إلى المدينة من الحجّ توقّفنا وتفرق الناس للراحة ولم يبقَ عندي إلا ابن صيّادٍ، فاستوحشت منه وقلت له: لو ذهبت إلى ذلك الظلّ، أريد أن أبعده عني، فلما ذهب ووضع متاعه بعيداً عني رجع إليّ ومعه لبنٌ يريدني أن أشرب منه، فقلت له: إن الحرّ شديدٌ، وهذا اللبن حارٌّ لا أريد أن اشربه وما بي من شيءٍ إلا أنني أكره أن اشرب من يده، فجلس بجانبي، وقال لي: يا أبا سعيدٍ لقد هممتُ أن آخذ حبلاً وأعلّقه في شجرةٍ، وأخنق نفسي فيه ممّا يقول عني الناس إني أنا الدجّال وأنت من صحابة النبي ولا تخفى عليك أحاديثه، وهو الذي قال إن الدجّال كافرٌ وأنا مسلمٌ، وإن الدجّال لا يدخل مكة أو المدينة وأنا غير ذلك، وإن الدجّال لا يولد له وأنا لديّ الأولاد، أما والله إني لا أعلم الدجّال ولا أعلم أين هو، فقال له أبا سعيد : أيسرّك أنك أنت الدجال ؟ فقال ابن صيّادٍ: لو عُرِضَ عليّ لما كرهت.

رواه مسلم

no signal

هل انقطع الوحي عن محمّدٍ وقتها؟ هل فُتِحَتْ القسطنطينية وقتها؟ ابن صيّادٍ ظهر بالمدينة ودخل مكة وكلاهما محرّمتان عليه! ابن صياد لديه أولادٌ، محمّدٌ قال: إن الدجال لا يلدْ! وقال: إن المؤمن يستطيع رؤية كلمة ( كافر ) مع ذلك لم يرَها محمّدٌ بنفسه ولا عمر من بعده! هل كان محمّدٌ يناقض نفسه منذ البداية؟؟

انشقاق القمر

بالنسبة لموضوع انشقاق القمر، الفكرة ضربٌ من الجنون، والأنكى من ذلك أن المسلمين يؤمنون أن القمر قد انشقّ لنصفين واندمج مرّةً أخرى، أي أنه ابتعد عن بعضه مسافةً قابلةً للرؤية على سطح الأرض، ثمّ التحم من جديدٍ .

moon_phases1لنتابع كلام زغلول النجار في هذا الأمر، قال أحد الإخوة الإنكليز المهتمّين بالإسلام، واسمه ( داود موسى بيتكوك ) وهو الآن رئيس الحزب الإسلامي البريطاني، وينوى أن يخوض الانتخابات القادمة باسم الإسلام الذي ينتشر في الغرب بمعدّلاتٍ كبيرةٍ، أنه أثناء بحثه عن ديانةٍ أهداه صديقٌ ترجمةً لمعاني القرآن بالإنكليزية، فقرأها فإذا بسورة القمر فقرأ: (اقتربت الساعة وانشقّ القمر) فقال: هل ينشقّ القمر؟ ثم (انصد) عن قراءة باقي المصحف، ولم يفتحه ثانيةً .

وفي يومٍ، وهو جالسٌ أمام التلفاز البريطاني ليشاهد برنامجاً على الـ ( بي بي سي ) يحاور فيه المذيع ثلاثة من العلماء الأمريكيين، وكان يعتب عليهم أن أمريكا تنفق الملايين، بل المليارات في مشاريع غزو الفضاء، في الوقت الذي يتضوّر فيه الملايين من الفقر، فظلّ العلماء يبرّرون ذلك أنه أفاد كثيراً في جميع المجالات الزراعية والصناعية… الخ ثم جاء ذكر إحدى كبريات الرحلات تكلفةً، فقد كانت على سطح القمر وكلّفت حوالي 100 مليار دولار فسألهم المذيع: أَمِنْ أجل أن ترفعوا علم أمريكا على سطح القمر تنفقون هذا المبلغ؟؟ فردّ العلماء إنهم كانوا يدرسون التركيب الداخلي لهذا التابع؛ ليروا مدى تشابهه مع الأرض، ثم قال أحدهم: فوجئنا بأمرٍ عجيبٍ، حزامٌ من الصخور المتحوّلة يقطع القمر من سطحه إلى جوفه إلى سطحه، فأعطينا هذه المعلومات إلى الجيولوجيين، فتعجّبوا وقرّروا أنه لا يمكن أن يحدث ذلك إلا أن يكون القمر قد انشقّ في يومٍ من الأيّام، ثمّ التحم، وأن تكون هذه الصخور المتحولة ناتجةً عن الاصطدام لحظة الالتحام.

يقول داود موسى بيتكوك: قفزت من على المقعد وهتفت: معجزةٌ حدثت لمحمّدٍ عليه الصلاة والسلام منذ 1400 سنة في قلب البادية، يسخّر الله الأمريكيين؛ لينفقوا عليها مليارات الدولارات ليثبتوها للمسلمين، أكيدٌ إن هذا الدين حقٌّ، فكانت سورة القمر سبباً لإسلامه بعد أن كانت سبباً في أعراضه عن الإسلام.

 d8af-d8b2d8bad984d988d984-d8a7d984d986d8acd8a7d8b1-1

هنا أقفُ لتحليل كلام زغلول النجار، و ربطه مع حقائقَ ومقابلاتٍ تلفزيونية:

أولاً: قام المذيع المسيحي رشيد في قناة الحياة في برنامجه (سؤال جريء) بالاتصال هاتفياً بداود بيتكوك وسؤاله عن هذه القصّة، فكذّب داود كلام زغلول النجار، وبرّره على أنه كذبة بيضاء ليضمّ الناس للإسلام.

ثانياً: تمّ رصد ١١ رحلةً لدراسة القمر، و هي كالتالي:

  • أبولو ٧ سنة ١٩٦٨ بتكلفة ١٤٥ مليون دولارٍ
  • أبولو ٨ سنة ١٩٦٨ بتكلفة ٣١٠ مليون دولارٍ
  • أبولو ٩ سنة ١٩٦٩ بتكلفة ٣٤٠ مليون دولارٍ
  • أبولو ١٠ سنة ١٩٦٩ بتكلفة ٣٥٠ مليون دولارٍ
  • أبولو ١١ سنة ١٩٦٩ بتكلفة ٣٥٥ مليون دولارٍ
  • أبولو ١٢ سنة ١٩٧٠ بتكلفة ٣٧٥ مليون دولارٍ
  • أبولو ١٣ سنة ١٩٧٠ بتكلفة ٣٧٥ مليون دولارٍ
  • أبولو ١٤ سنة ١٩٧١ بتكلفة ٤٠٠ مليون دولارٍ
  • أبولو ١٥ سنة ١٩٧١ بتكلفة ٤٤٥ مليون دولارٍ
  • أبولو ١٦ سنة ١٩٧٢ بتكلفة ٤٤٥ مليون دولارٍ
  • أبولو ١٧ سنة ١٩٧٢ بتكلفة ٤٥٠ مليون دولارٍ

و بجمع الأرقام أعلاه تكون النتيجة ٤ مليارات دولارٍ تقريباً، أي ٤٪ من الرقم الذي ذكره زغلول النجار، بمعنى أننا يجب أن نقوم بخمسةٍ وعشرين ضعف الرحلات التي ذكرت لتغطّي مئة مليون دولارٍ.

ثالثاً: في البحث العلمي لا يُطرح هذا السؤال الذي أراه سخيفاً، وهو ربط تكاليف الرحلات للقمر بالفقر والجوع، والمضحك في الكلام أن زغلول النجار يطرح الأمر بصيغة المعاتب، ثمّ يبرّر العلماء هذا بموضوع حزامٍ صخريٍ متحوّلٍ يدلّ على انشقاق القمر! وهنا يجب على المذيع أن يسكت لهذا التبرير! فإن كان هناك حزامٌ قد قصّ القمر، فلا مشكلةٌ إذاً مع الجوع والفقر.

رابعاً: طرح زغلول النجار أن العلماء قالوا: إن هناك حزاماً من الصخور المتحوّلة يقطع القمر من سطحه إلى جوفه إلى سطحه، وهذا كلام يعتبر من السخف بمكانٍ؛ لأن الصخور المتحوّلة صخورٌ تكون أساساً رسوبيةً أو ناريةً، ثمّ تتعرّض لعمليات الضغط والحرارة خلال أزمنةٍ طويلةٍ؛ لتصبح صخوراً متحوّلةً، وليس بفعل صدمةٍ واحدةٍ مهما بلغت شدّتها، فلو كان كلام زغلول النجار صحيحاً عن موضوع الانشقاق فيجب أن نرى صخوراً ناريةً في حال كان باطن القمر ساخناً، وليست متحوّلةً، أو يجب أن نرى صخوراً محطمةً في حال كان باطن القمر بارداً.

خامساً: الدراما السخيفة في قفزة داود موسى وكلامه يدلّ على توجيه الكلام للجهلة، وللعلم داود بيتكوك أسلم ليس بسبب القمر ولا بسبب كلّ هذا الهراء فحسب، بل أسلم لاقتناعه بموضوع الزكاة ورفضه للربا.

من جهةٍ أخرى يتناقل البعض عبر مواقع الانترنت مجموعةً من الصور لسطح القمر و فالقٍ عليه من موقع ناسا، فهذه الصور حقيقيةٌ وليست ملفقةً، وهي صورٌ ذات أهميةٍ بالغةٍ جدّاً، وسأقوم بشرحها:

hrp207aنعم، لقد اكْتُشِفتْ مجموعةٌ من الجدر الراسية على سطح القمر، وهي ما يسمى جيولوجياً بـ الدايكات أو الجدر المهلية، وأن أطول جدارٍ وُجِدَ كان بطول ٣٠٠ كم، وهذا إن دلّ على شيءٍ فهو يدلّ على أن باطن القمر كان ساخناً في الماضي، وكانت هناك تحركاتٌ مهليةٌ بداخله، وإن مثل هذه الجدر تتواجد بكثرةٍ في الأرض، وهذا الأمر نتيجة تصاعد الحمم بشكلٍ بطيءٍ عبر القشرة الأرضية في الشقوق ومناطق الضعف، و هناك أيضاً الفوالق التي تتكوّن من الحركات التكتونية التي تؤدّي لحصول تشقّقاتٍ، لكن ليس بالضرورة أن تكون مصحوبةٍ بمهلٍ، وفي هذه الجدر تتكوّن الصخور النارية، وعلى أطرافها تتكوّن الصخور المتحوّلة؛ نتيجة تأثّر الصخور المحيطة بالمهل وحرارتها عبر ملايين السنين، وليس بعملية ارتطامٍ سخيفةٍ كما ذكرها زغلول النجار، وأخيراً عزيزي القارئ لو حدث هذا الشقّ في القمر، وهذا التباعد وبهذه السرعة، فهل تعرف كمّ الكوارث التي ستحصل على الأرض ؟ وما سيحصل للبشر نتيجة هذه الكوارث ؟


 

الدابّة

نأتي الآن إلى الدابّة،ودعونا نقرأ ما تقوله بعض المصادر الإسلامية بشأنها:

قال ابن كثير: هذه الدابّة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحقّ، يُخْرج الله لهم دابّةً من الأرض، قيل: من مكة، وقيل: من غيرها، فتكلّم الناس على ذلك.

وأخرج مسلم وأحمد وأصحاب السنن عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: ˝أَشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ غُرْفَةٍ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ السّاعَةَ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ˝لا تَقُومُ السّاعَةُ حَتّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ: طُلُوعُ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَالدّابّةُ وَثَلاَثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٍ بالمَشْرِقِ وَخَسْفٍ بالمَغْرِبِ وَخَسْفٍ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ النّاسَ أَوْ تَحْشُرُ النّاسَ فَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا˝.

وروى مسلم والترمذي وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝ثلاثٌ إذا خرجنَ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوع الشمس من مغربها، والدجّال، ودابّة الأرض.˝

وروى مسلم وأبو داود وابن ماجه وأحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ˝إن أول الآيات خروجاً: طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابّة على الناس ضحى. وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها.˝

ماذا قيل في وصفها ؟

عن ابن أبي حاتمٍ أن أبا هريرةٍ رضي الله عنه قال: إن الدابّة فيها من كلّ لونٍ، ما بين قرنيها فرسخٌ للراكب، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هي مثل الحربة الضخمة.

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إنها دابّةٌ لها ريشٌ وزغبٌ وحافرٌ، وما لها ذنبٌ، ولها لحيةٌ.

وعن ابن الزبير رضي الله عنه أنه قال: رأسها رأس ثورٍ وعينها عين خنزيرٍ، وأذنها أذن فيلٍ، وقرنها قرن أيلٍ، وعنقها عنق نعامةٍ، وصدرها صدر أسدٍ، ولونها لون نمرٍ، وخاصرتها خاصرة هرٍّ، وذنبها ذنب كبشٍ، وقوائمها قوائم بعيرٍ، بين كلّ مفصلين اثنا عشر ذراعاً، تخرج معها عصا موسى، وخاتم سليمان، فلا يبقى مؤمنٌ إلا نكتت في وجهه نكتةً بيضاء فتفشو في وجهه حتى يبيّض وجهه، ولا كافرٌ إلا نكتت في وجهه نكتةً سوداء بخاتم سليمان فتفشو تلك النكتة السوداء حتى يسوّد لها وجهه، حتى إن الناس ليتبايعون في الأسواق بكم ذا يا مؤمنٌ؟ بكم ذا يا كافرٌ؟ وحتى إن أهل البيت يجلسون على مائدتهم فيعرفون مؤمنهم من كافرهم، ثم تقول له الدابّة: يا فلان أبشر أنت من أهل الجنة، ويا فلان أنت من أهل النار، فذلك قول الله تعالى (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ ) .

 animal

نأتي الآن إلى التحليلات والمغالطات:

كما نرى فإن هذه الدابة كيانٌ عاقلٌ، يعقل ما حوله ويعرف المؤمن من الكافر،ولا ننسى نظرة محمّدٍ الضيقة إلى العالم وجعله يدور حول المسلمين فقط، وجعل وظيفتها تحديد المؤمن من الكافر فقط بناءً عليه، ماذا لو كان هناك عربيٌّ يعيش في إحدى دول العالم الجديد؟ هل ستعبر هذه الدابّة المحيط الأطلسي مثلاً لتسّميه؟ ولنأخذ نظرةً على وصفها، فالصفات التي تم نسبها إليها تشبه كثيراً المواصفات التي نسبتها الحضارات السابقة إلى مخلوقاتٍ خياليةٍ مثل الثور المجنّح في وادي الرافدين، وعاميت في وادي النيل، هل قام محمّدٌ بسرقة تراث غيره؟

82328884


يأجوج و مأجوج

أصلهم:

LAUGH_by_ANDREAc2اختلف الكثير من العلماء في أصلهم ومن هم، فالبعض يقول إنهم طائفةٌ من أتراك آسيا، والبعض يقول: إنهم المغول أيام غزو تيمورلنك، وهذا الاسمان يأجوج ومأجوج اسمان أعجميان، وقيل: عربيان، وعلى هذا يكون اشتقاقهما من أجّت النار أجيجاً: إذا التهبت. أو من الأجاج: وهو الماء الشديد الملوحة، المحرق من ملوحته، وقيل عن الأج: هو سرعة العدو. وقيل: مأجوج من ماج إذا اضطرب، ويؤيّد هذا الاشتقاق قوله تعالى ( وتركنا بعضهم يومئذٍ يموج في بعض )، وهما على وزن يفعول في ( يأجوج )، ومفعول في ( مأجوج ) أو على وزن فاعول فيهما.

هم يشبهون أبناء جنسهم من الترك المغول، صغار العيون، ذلف الأنوف، صهب الشعور، عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة، على أشكال الترك وألوانهم. وروى الإمام أحمد: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصبٌ أصبعه من لدغة عقربٍ، فقال: ( إنكم تقولون لا عدوٌ، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدواً حتى يأتي يأجوج ومأجوج: عراض الوجوه، صغار العيون، شهب الشعاف (الشعور)، من كلّ حدبٍ ينسلون، كأنّ وجوههم المجان المطرقة).

مكانهم الآن:

حبسهم ذو القرنين (الذي يقول البعض إنه الإسكندر، والبعض اخناتون، والبعض كورش) في السدّ كما نرى هنا:

((وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا Θ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرض وَءَاتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا Θ فَأَتْبَعَ سَبَبًا Θ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا Θ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا Θ وَأَمَّا مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًاΘ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا Θ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًاΘ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا Θ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا Θ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا Θ قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا Θ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا Θ ءَاتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ ءَاتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًاΘ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا Θ)).

LAUGH_by_ANDREAcموعد ظهورهم:

قال محمّدٌ: (يحفرونه كلّ يومٍ حتى إذا كادوا يخرقونه، قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غداً. قال : فيعيده الله عزّ وجلّ كأشدّ ما كان، حتى إذا بلغوا مدّتهم، وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس، قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غداً إن شاء الله تعالى، واستثنى. قال: فيرجعون، وهو كهيئته حين تركوه، فيخرقونه ويخرجون على الناس، فيستقون المياه، ويفرّ الناس منهم) رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم .

نهايتهم:

نقرأ ما قال محمّدٌ مجدّداً: ( إذا أوحى الله على عيسى أني قد أخرجت عباداً لي لا يُدان لأحدٍ بقتالهم، فحَرِّزْ عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كلّ حدبٍ ينسلون، فيمرّ أولئك على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمرّ آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرّةً ماءٌ، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مئة دينارٍ لأحدكم اليوم، فيرغب إلى الله عيسى وأصحابه ، فيرسل الله عليهم النغف ( دودٌ يكون في أنوف الإبل والغنم ) في رقابهم فيصبحون فرسى ( أي قتلى ) كموت نفسٍ واحدةٍ، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون موضع شبرٍ إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ) رواه مسلم وزاد في رواية – بعد قوله ( لقد كان بهذه مرّةً ماءٌ ) – ( ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبلٌ بيت المقدس فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض، هلمّ فلنقتل من في السماء، فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيردّ الله عليهم نشابهم مخضوبة دماً ) .

نأتي إلى التحليل:

بعيداً عن أوصافهم وذي القرنين وما شابه،نجد انه من العبث الآن الحديث عن منطقةٍ موجودةٍ في الأرض لم تصلها الأقمار الصناعية، وخصوصاً أنه تحتوي على سكّانٍ بهذا العدد الهائل!

فكثرة عددهم المذكورة هنا إن دلّت على شيءٍ فهي ما زالت تدلّ على نظرة محمّدٍ الضيقة للعالم واعتقاده أن العالم عبارةٌ عن أقاليم معدودةٍ، وأيضاً نزعته القبائلية بدليل خوفه على العرب، وعلى ما يبدو انه وضع هذا السيناريو قبل أن يفكر بنشر دعوته على الفرس والروم والأقباط.

لننظر إلى سدّ ذي القرنين، إنه يتكلّم عن سدّ فجوةٍ بين جبلينوإذا كان هناك أناسٌ بهذه الشدّة لا يستطيعون تسلّق جبلٍ لعبور السدّ يمكننا أن نستدلّ من هذا على عظمة هذين الجبلين، ما سيقودنا إلى تساؤلٍ آخر: بناءٌ بهذا الحجم والتعقيد، ولا يمكننا أن نستدلّ على مكانه؟ وكيف تمّ صهر آلاف الأطنان من الحديد، ثمّ صبّ النحاس عليه لسدّ فجوةٍ بين جبلين بهذا الحجم؟

يقول محمدٌّ: إن يأجوج ومأجوج سيأكلون الأخضر واليابس ويجفّفون بحيرة طبرية، إذاً على ماذا يعيشون هؤلاء الناس الآن بما أن عددهم هكذا، وبما أنهم شعبٍ غازٍ، بدليل كلام هؤلاء الذين استعانوا بذي القرنين؟

مع كلّ هذه المغالطات، دعونا نذكر نقطةً ستقصم ظهر البعير ألا وهي في موضوع خروجهم، فلآلاف السنين وهم ينقّبون هذا السدّ الذي هو بسماكة الجبلين، ألم يكن أسهل لهم أن يحفروا طريقهم عبر الجبل؟ محمّدٌ يقول إنهم قومٌ لا يفقهون قولاً، كيف عرفوا إذاً أن الله هو الإله ولن يُفتح السدّ إلا بذكر الله ؟

نار الحجاز التي ستضيء أعناق الإبل في بصرى

حسب ما ذكر في الإسلام عن علامات الساعة:

في صحيح البخاري كِتَاب الْفِتَنِ . بَاب خُرُوجِ النَّارِ، وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى).

و في صحيح مسلم كِتَاب الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ. بَاب لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ و حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ جَدِّي حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى ).

و غيرها الكثير في الكتب.

Woo_yeah_big_fire_by_Shelby_Tree

وهنا أستغربُ أن يصدّق هذا الكلام أي إنسانٍ في الزمن الحالي؛ لأن أي نارٍ ستظهر في منطقة الحجاز مهما كانت كبيرةً وضخمةً لن تصل إلى بصرى؛ لأن المسافة أولاً كبيرةً، ثانياً الأرض كرويةٌ، لكن قد يقول أحدهم إن منطقة الحجاز تمتدّ إلى تخوم الشام جغرافياً، لكن بحسب نبيل العوضي وغيره فإن هذه النار تخرج قرب المدينة، وأنها بالفعل خرجت وأضاءت لها أعناق الإبل ببصرى، ويقولون إن بركان حرة رهط تفجّر سنة ٦٤٥ هـ، و هو ما تحدّث عنه محمدٌّ، فأيّ انفجارٍ نوويٍ مهما كان قوياً لو حصل في تلك المنطقة فلن يصل ضوءه إلى بصرى، لكن محمّداً يقول: إن الضوء سيكون واضحاً لدرجة أن أعناق الإبل تضيء منه، الأمر فيه الكثير من الركاكة والضعف، إضافةً إلى موضوع العقبات في طريق الضوء، فكما نعرف الضوء يسير في خطٍّ مستقيمٍ، و لو مددنا خطّاً من أعلى بركان حرة رهط الذي يبلغ ارتفاعه ١٧٠٠ مترٍ عن سطح البحر باتجاه بصرى، فكم جبلاً سيواجه في الطريق؟

Hbomb

إن جبال مدين وراو في شمال الحجاز يصل ارتفاعها إلى أكثر من ٢٠٠٠ مترٍ عن سطح البحر، فأيّ نارٍ ستخرج من أيّ بركانٍ في تلك المنطقة لن يصل ضوءها أبداً لبصرى، إلا لو كان الضوء يتفادى الجبال للأعلى و الأسفل طبعاً !! ولو افترضنا أن الأرض ملساء تماماً دون أيّ عوائق، وبحسب معادلة الأفق لكروية الأرض التي هي:

d = 3.57√h

حيث d بعد الأفق المرئي بـ الكيلومترات، و h ارتفاع نقطة إصدار الضوء بالأمتار

فإن على مصدر الضوء أن يكون على ارتفاع ١١٣ كم ليستطيع الوصول إلى بصرى، أيّ أننا بحاجة لمصدر ضوءٍ يرتفع بعلو جبل إيفرست (أعلى قمّة في العالم) ١٢ مرّةً و نصف المرّة.

ناهيك عن موضوع تشتّت الضوء بسبب المسافة والدخان والغلاف الجوي، حيث إن نقطةً بهذا الارتفاع تقع تقريباً خارج الغلاف الجوي لكوكب الأرض، ولو اعتبرنا أن النار هذه لم تأتِ بعد، وكان كلّ الشيوخ ملفقّين لمصدرها، واعتبرنا أنّها في أقرب نقطةٍ من الحجاز لبصرى، أي من تبوك إلى بصرى فتكون المسافة ١٢.٥ كم أي أعلى من قمة إيفرست بـ ١.٣ مرّةَ .

طلوع الشمس من المغرب

يقول البخاري في صحيحه:

كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اسْمَانِ مِنْ الرَّحْمَةِ، الرَّحِيمُ وَالرَّاحِمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَالْعَلِيمِ وَالْعَالِمِ، بَاب لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا فَذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ).

ويقول مسلم في صحيحه:

كتاب الإيمان،بَاب بَيَانِ الزَّمَنِ الَّذِي لَا يُقْبَلُ فِيهِ الْإِيمَانُ. عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدَّجَّالُ وَدَابَّةُ الْأَرْضِ ).

 Space-Images

إن المسلمين يعتقدون بما لا مجال فيه للشكّ عندهم أن الشمس ستشرق من الغرب في المستقبل، لكن كيف لهذا أن يحدث ؟ دعونا نقرأ ما قاله زغلول النجار في هذا الأمر في إحدى المقابلات التلفزيونية من أن العلماء اكتشفوا أن دوران الأرض في تباطؤٍ وهذا كلامٌ صحيحٌ، لكنه يؤلّف ويضيف وينقص على الموضوع؛ ليطابق ما يريد الوصول له، ولا يحسب حساباً لا للقواعد الفيزيائية، ولا الفلكية.

إن الأرض تتباطأ في حركة دورانها صحيحٌ، و ذلك بسبب قوة جذب القمر لها، لكن هذا التباطؤ يكون بقيمة ١/٥٠٠ من الثانية كلّ مئة عامٍ، وبحسب طريقة زغلول النجار في الحساب، وباعتبار أن الأرض عمرها ٤.٥ مليارات سنة، إذاً طول اليوم عند بداية تكوين الأرض كان أطول بـ ٩٠ ألف ثانيةٍ،أيّ كان اليوم أسرع بخمسٍ و عشرين ساعةً !!! طبعاً هذا كلامٌ غير صحيحٍ؛ لأن القمر أصلاً لم يكن هناك، وكذلك التباطؤ تفاضليٌّ، إذاً منذ متى نستطيع حساب اليوم والتباطؤ ؟ وهل هو تباطؤٌ فقط أم أنه يسرع أحياناً؟

4635

لقد دلّت الدراسات الجيولوجية على أن يوم الأرض كان بحدود ٢١ ساعةً في عهد الديناصورات، قبل ١٠٠مليون سنةٍ، وفي الفترة بين ٢٥٠ إلى ١٠٠ مليون سنةٍ كان اليوم ٢٣ ساعةً، وكذلك قبل ٦٥٠ مليون سنةٍ كان ما يعادل ٢١ ساعةً؛ بسبب أن القمر يختلف قربه وبعده عن الأرض خلال هذه الأحقاب التاريخية، وعموماً إن افترضنا جدلاً أن كلام زغلول النجار صحيحٌ، ورمينا كلّ الدراسات الجيولوجية في سلّة القمامة، واعتبرنا أن الأرض تتباطأ بشكل خطّيٍّ، وأن اليوم كانت مدّته أربع ساعات كما قال، فإنها لن تتوقّف، بل ستقترب من التوقّف، ولنرَ ما سيحدث هنا:

أولاً: لتصل الأرض في مدّة اليوم لثلاثة أشهرٍ يلزمها مليار سنةٍ، ولتصل إلى سنةٍ يلزمها ٤ مليارات سنةٍ، لكنها لن تتوقّف، لنقل إنها وصلت لعشر سنينٍ أي ٤٠ مليار سنةٍ، وعمر الكون كله ١٣.٥ مليار سنةٍ، ثم ماذا عن ارتطام مجرّتنا بمجرة أندروميدا بعد خمسة مليارات سنةٍ، هل نسي الله المجرّات واهتم بدوران الأرض ؟؟ طبعاً في حال دراسة الموضوع بشكل تباطؤٍ تفاضليٍّ ستكون النتيجة أضعاف هذا الرقم.

ثانياً: عزيزي القارئ إن الموضوع فيه عدم اكتراثٍ بما سيحصل على الأرض في حال توقّفت عن الدوران، إن هذا سيؤدي لفناء البشرية قبل أن تشرق الشمس من المغرب؛ لأن الأرض حينها ستكون ذات درجات حرارةٍ عاليةٍ جدّاً في مناطق مواجهتها للشمس، وتصل لـ ٢٠٠ درجةٍ مئويةٍ، وفي المناطق المعاكسة سيكون هناك صقيعٌ مع درجاتٍ تقترب من -٢٠٠ درجةٍ، إضافةً إلى اختفاء الماء والكوارث التي ستنهي الحياة كاملةً.

yoyoالأرض ليست لعبة ( يويو ) لتصل لمرحلةٍ، وتلّف بالعكس، فهذا تصوّرٌ سخيفٌ يضرب بكل العلوم عرض الحائط، إن محمّداً كان يظنّ أن الشمس هي التي تدور حول الأرض في السماء؛ لتذهب و تسجد تحت عرش الله، وأترككم مع هذا الحديث من صحيح البخاري، كِتَاب بَدْءِ الْخَلْقِ:

2959 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال( قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا يُقَالُ لَهَا ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).


المهدي

أسطورة المهدي (الغائب أو المنتظر) بين الشيعة والسُّنّة لطالما مثّلت الأساطير والخرافات قصصاً يرويها لنا الأجداد قبل النوم، ممتعةً مسلّيةً، مخيفةً مؤثرةً أحياناً، ما دامت لا تتعدّى كونها تراثا أدبياً حكواتياً. لكن هذه الأخيرة ما فتئت لتوظّفها المنظومات العقائدية والدينية كحجر أساسٍ يمكن بواسطتها نشر وترسيخ هذه المنظومات، أفكارها وطقوسها، حيثما كانت، مع إجراء تعديلاتٍ عليها على مرّ الزمن، لتغريضها وتوظيفها في أمرٍ يخصّ مستعمليها منالحلف الشيطاني المتمثّل في رجال السلطة مع رجال الدين.

تتوالى علينا أسطورةٌ أخرى من خرافات ˝الإسلام˝، الذي تفنن مُخرجه إلى الوجود محمّدٍ وفرق ورجال هذا الدين من بعده في نقلها وتضخيمها واتخاذها مُسلَماتٍ يُبنى عليها ماضي شعبٍ، حاضره، مستقبله.

ما لا شكّ فيه أنه من بين أبرز هذه الخرافات و ألمعها هي علامات الساعة أو أمارات القيامة التي تعلن بدء محاسبة الكائنات في الفترة الانتقالية بين ˝الحياة الدنيا˝ و ˝الحياة الآخرة˝، ومن بين أبرز هذه العلامات التي تأثرت بالتعديل والتضخيم أسطورة ظهور المهدي المنتظر أو الغائب، التي أُغْرِضَتْ ووُظفَتْ بشكلٍ مروّعٍ، وخاصةً في المجال السياسي، وبسط النفوذ والسلطة.

وقد تجد أعلاماً من فرقةٍ إسلاميةٍ ما، يستهزؤون بأفكار فرقةٍ إسلاميةٍ أخرى في موضوع المهدي، إلا أنهم هم أنفسهم يعتقدون بها أيضاً، لكن على طريقة تزويق أساطيرهم. فقد نسوا أنهم في طنجرة الخرافة والخزعبلات مطهوون.

إن أسطورة المهدي المنتظر منبعٌ زاخرٌ من منابع أساطير الديانة الإسلامية، وخاصةً الشيعية منها، فأسطورة ظهور المهدي، مشابهةً جدّاً لأسطورة ظهور المشيح (بالشين ) العبرية، لكنها على الطريقة الإسلامية وبشكلٍ مضاعفٍ، أيّ إن المشيح (الذي يصبح بالعربية المسيح ) يظهر، و معه أو بعده، أيضاً المهدي. وهذه الأسطورة تعتمد عليها جميع الفرق الإسلامية بكلّ طوائفها ومذاهبها،والحقيقة أن كلّ الفرق الإسلامية تعتمد اعتماداً كبيراً، بل ورئيسياً، على الأساطير العبرية اليهودية.

معنى كلمة ˝المهدي˝:

˝المهدي˝ اسم مفعول من الفعل يهدييفيد المبالغة في الوصف، ويفترض المعنى المقصود صيغة اسم الفاعل الهادي، إلا أنه قد عَدَلَ عن هذه الصيغة إلى صيغة المفعولية؛ لأن صيغة الفاعل الهاديتختصّ فقط بمحمّدٍ، والمهدي اصطلاحاً يعني المنقذأوالمخلِّص، والمسيحيون الكاثوليك، الإسبان مثلاً، يطلقون اسم سلبلادور (سلفادور ) على المسيح أيضاً، ويعنون به هذا، المنقذ.

عقيدة الخلاص والانتظار في الفكر الديني:

إن عقيدة المخلّص و فكرة البطل الديني ليست غريبةً على المعتقدات التي سبقت الإسلام، و هي بالأصل عقيدةٌ بابليةٌ إيرانيةٌ قديمةٌ نبعت عن عبادة مردوخ والعقيدة الزروانية والزردشتية، وتفاعلت مع بقية عقائد بلاد الرافدين، وقد تأثّر بها اليهود في أثناء السبي البابلي، وظهرت لديهم مع النبي اليعازر، ثم تطوّرت مع ظهور المسيحية، وبعد ذلك أثناء محاولات الاستقلال عن اليهودية، وخاصةً ما حدث في شرق الشام في مناطق الرها وحران وطرطوس وأنطاكية.

fn1974

تذهب الأديان جميعاً إلى أنه في نهاية كل ّمرحلةٍ من مراحل التاريخ يتّجه البشر نحو الانحطاط المعنوي والأخلاقي، وحيث يكونون في حال هبوطٍ وابتعادٍ عن المبدأ، ويمضون في حركتهم مضي الأحجار الهابطة نحو الأسفل، فلا يمكنهم أن يضعوا نهايةً لهذه الحركة التنازلية والهبوط المعنوي والأخلاقي، إذاً لا بدّ من يومٍ تظهر فيه شخصيةٌ معنويةٌ على مستوى رفيعٍ تستلهم مبدأ الوحي، وتنتشل العالم من ظلمات الجهل والضياع والظلم والتجاوز، وقد أُشِيرَ لهذه الحقائق في تعاليم كلّ دينٍ في إشارةٍ رمزيةٍ منسجمةٍ مع المعتقدات والقيم الأخرى انسجاماً كاملاً، وقد جاء الحديث حول المنقذ والموعود في أعراف الهنود وكتبهم، مثل كتاب (مهابهارتا) وكتاب (بورانه ها).

المهدي بين السُّنّة و الشيعة:

لطالما أثارت قصّة المهدي لغطاً وجدالاً كبيراً بين أكبر الفرق الإسلامية، فهو محمّدٌ أو أحمد المهدي أو محمّدٌ أو أحمد بن عبد الله المهدي المعروف بـ خليفة الله المهدي، لم ترد أحاديثٌ للمهدي في صحيح البخاري وصحيح مسلم مفصّلةٌ، بل جاءت أحاديثٌ يمكن اعتبارها أحاديثَ مجملةً يحتمل أنها عن المهدي كما في هذا الحديث من الصحيحين:

عن ‏‏‏أبي هريرة قال رسول الله‏‏‏ ˝‏كيف أنتم إذا نزل ‏ابن مريم ‏فيكم وإمامكم منكم؟˝ الصحيحان.

عن أبو سعيد الخدري قال رسول الله: ˝‏المهدي مني ‏‏أجلى‏ ‏الجبهة‏ ‏أقنى‏ ‏الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً يملك سبع سنين˝ سنن أبي داود وقال عنه الألباني حديثٌ حسنٌ.

عن علي بن أبي طالب قال رسول الله:˝ لو لم يبقَ من الدهر إلا يومٌ لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت‏‏ جوراً ˝، سنن أبي داود صححه الألباني

وقد خرٍّج أحاديث المهدي جماعةٌ من أئمّة الحديث، منهم أبو داود والترمذي وابن ماجة والبزّار والحاكم والطبراني وأبو يعلي الموصلي، وأسندوها إلى جماعة من الصحابة كعليٍّ بن أبي طالبٍ وابن عبّاسٍ وابن عمر وطلحةٍ وعبد الله بن مسعود وأبي هريرة وأنسٍ بن مالكٍ وأبي سعيدٍ الخدري وأمّ حبيبةٍ وأمّ سلمةٍ وثوبان وقرّةٍ بن إياس وعليٍّ الهلالي وعبد الله بن الحارث.

يعتقد الشيعة الاثنا عشرية أن محمّداً المهدي هو آخر أئمّة الاثني عش، وقد تولّى الإمامة بعد أبيه الإمام الحسن العسكري،حيث المهدي في 15 شعبان عام 260 هـ أي 874 مـ في سامراء شمال العراق، وله غيبتان:

الأولى: الغيبة الصغرى وكانت مدتها 69 سنةً، بدأت عام 260 هـ حتى عام 329 هـ

الثانية: الغيبة الكبرى بدأت عام 329 هـ، ويعتقد الشيعة أن مثل عمره وحياته كمثل عمر وحياة عيسى بإعجازٍ إلهيٍ، ومن علامات ظهوره آخر الزمان خروج الدجّال، خروج السفياني، انتشار الجَور والظُلم في الأمّة، إقبال الرايات السود من خراسان.

Mahdi

المهدوية تمثّل ركناً لا تُجزّأ من التشيّع، وهي فكرة تشبه إلى حدٍّ ما فكرة الإمامية، وله ألقابٌ عدّة عند الشيعة، منها المنتظر والمنتقم و الحجّة وبقية الله وصاحب العصر والزمان إلخ، ويعتقد كلّ المسلمين أنه إمامٌ وخليفةٌ قرشيٌّ من الخلفاء الراشدين في الخلافة القادمة التي على منهاج النبوة التي بشّر بها محمّدٌ، يعود نسبه إلى قريشٍ، وتحديداً من أهل البيت، من ولد فاطمة الزهراء بنت محمّدٍ،وتدّعي بعض فرق الشيعة أن نسبه يرجع إلى الحسين بن عليٍّ بن أبي طالبٍ.

أدعياء المهدوية عبر التاريخ:

إن التاريخ يذكّر بأناسٍ قد يئسوا ملاحقة هذه الأسطورة وانتظارها، أو أرادوا استغلال تفشي الجهل والفكر الديني بين الناس، فعمدوا إلى الادّعاء أنهم رسل المهدي، أو أنهم المهدي نفسه، كما فعل الكثيرون قديماً وحديثاً، نذكر منهم:

  1. الحارث بن سريج : خرج سنة 116هـ وقُتل في سنة 128هـ
  2. إسماعيل بن جعفر: إسماعيليٌّ من فرق القرامطة .
  3. المهدي العباسيّ: سمّاه أبوه، أبو جعفر المنصور محمداً؛ ولقّبه بالمهدي لأنه كان يواجه مشكلةً المهدي من آل البيت (هل تلاحظون التوظيف السياسي ؟)، فاضطر أن يواجه الحرب بمثلها .
  4. المهدي السوداني: محمد أحمد بن عبد الله قائد الحركة المهدية التي لا تزال حزباً في السودان، أعلن مهدويته في سنة 1881 مـ .
  5. محمد الجونفوري: ( الهند ) القرن التاسع الهجري،قام بدعوته في مكّة .
  6. ابن تومرت: ولد بين عاميّ 471 هـ إلى 492هـ اخترع له نسباً إلى آل البيت، مات سنة 524هـ
  7. ميرزا غلام احمد القادياني: مؤسس الفرقة الأحمدية بباكستـان في القرن 14 .
  8. محمد بن عبد الله القحطاني السعودي: واحدٌ من جماعة جهيمان العتيبي الذين احتلوا الحرم المكّي في الأوّل من المحرّم مع فجر القرن الخامس عشر الهجري.
  9. علي محمد رضا الشيرازي الملقّب بالباب، مؤسس الديانة البهائية20/10/ 1819- 9/7/1850 مـ
  10. أحمد إسماعيل السلمي قائد الحركة المهدوية في العراق من البصرة، يدّعي أنه اليماني، ويلقّب نفسه بألقاب المهدي، ويزعم أنه المصلوب عيسى في زمن اليهود (شبيه عيسى ) لكنه أسمر، و يقول إنه دابّة الأرض التي تخرج آخر الزمان، وإنه ابن الإمام المهدي الذي يتحدّث عنه الشيعة .
  11. جهيمان العتيبي: ادّعى عام 1979أنه المهدي المنتظر، وحاول السيطرة على الكعبة؛ ليعلن دولته منها، قضت عليه المدرّعات السعودية، حوكم أتباعه ( 61 شخصاً ) المعتصمين داخل الكعبة، فقطعتْ رؤوسهم.

و الكثير الكثير من الانتهازيين والمجانين والمغرّر بهم من أدعياء تسلّم مقاليد أسطورة المهدوية،وهكذا تتواصل مسرحيات و أساطير وأسرار قضية المهدي بلا توقّفٍ.

المهدي: الغائب الذي لن يأتي ..

لقد ارتبطت قضية الإمام المهدي المنتظر بالكثير من الآمال التي يعيشها المظلومون من المسلمين الشيعة وغيرهم وحتى غير المسلمين، فلهذا نجد أن ممّن يريد التسلّط و التآمر يعمل بهذا الاتجاه؛ لأنه يجد الإقبال عليه لتعلّق العواطف بالأمل المنشود والمخلّص الموعود؛ لهذا نجد الكثير من الحركات التي تهتف باسم الإمام الحجّة المنتظر والموعود ومخلّص البشرية؛ لتنجح في أداء دورها، سواءً كانت هذه الحركات إصلاحية فعلاً أم انتهازيةً تستغل عواطف الأبرياء لتمرّر مشاريعها الخبيثة.

لقد انشغل رجال الدين عن المفاهيم العامّة للأديان ودورها في الاندماج والرقي بالحياة، بالجري وراء أساطير وخزعبلاتٍ لا تسبّب إلا الخراب، وتفسيراتٍ واجتهاداتٍ متناقضةٍ في جزءٍ منها، ورواياتٍ وتنبّؤاتٍ سفسطائيةٍ، لا تصمد أمام أيّ دليلٍ أو قاعدةٍ علميةٍ بسيطةٍ يمكن أن تدعم تنبّؤاتهم وتوقيتاتهم، في حين أنهم راحوا يكثرون من قصص اقتراب الظهور وادعوا أنه وشيكٌ عبر التاريخ، وربطوا ذلك بيوم القيامة.

الطريف أن خرافة المهدي المنتظر لا تقتصر على الشيعة كما يعتقد الكثيرون، بل أيضاً تستشري بقوّةٍ بين معتنقي المذهب السُّنّي في مصرَ، فلا يكاد يمرّ شهران أو أكثر حتى يظهر شخصٌ مخبولٌ يزعم أنه المهدي المنتظر، ويدّعى أن له كراماتٍ، وفي الحقيقة قد يكون مخبولاً أو نصّاباً، لكن في الحالتين يكون مصيره مستشفى الإمراض العقلية التي تمتلئ بما لا يقلّ عن 25 شخصاً ما بين مدعٍ للنبوة أو زاعمٍ أنه المهدي المنتظر، ورغم أن أهل السُّنّة عموماً لا يعتقدون في خرافة المهدي المنتظر، إلا أنه على ما يبدو أن مصرَ التي احتضنت المذهب الشيعي إبان حكم الفاطميين لمصرَ مازالت متأثّرةً بحكايات وخرافات ما يسمّى المهدي المنتظر، رغم اندثار التشيّع لمصلحة ما يسمّى بمذهب أهل السٌّنّة والجماعة الذي يسيطر على مجريات الأمور في مصرَ الآن.

crazy

بروز وتفشّي الجهل في أعدادٍ كبيرةٍ من الناس غير مبرّرٍ بالمطلق، في وقت تطرق كائناتٌ من بني ˝جنسنا˝ أبواب عصر الغزو المَجرّي والفضائي، في وقتٍ سيتمّ فيه محو مصطلح يدّعى ˝الخيال العلمي˝، حيث لن تصبح سلسلةً مثل ˝ستار وورز˝ حبيسةً عمل سينمائيٍ فقط، لكن ستصبح حقيقةًو إضافة خرائطَ جغرافيةٍ أخرى إلى خريطة النقطة الزرقاء الباهتة، أمّنا الأرض. هنا يأتي دورنا ودور النخب المثقّفة للحاق بالركب الحضاري الإنساني.

star wars wallpaper 5

مجلة الملحدين العرب: العدد الخامس / شهر أبريل / 2013