أعض لساني أنا وأكتب عنوان هذه المقالة, ولكن حين تكون في روما عليك أن تتحدث بالرومانية, وحين تحدث المسلمين عليك أن تجيد طريقتهم في الإستيعاب. ولكن في الحقيقة, بالمنظور العلمي, لا يوجد شيء أسمه إعجاز علمي, حتى وإن بحثت في كل الكتب العلمية. وإن ذكرت هذه الكلمة أمام مجتمع علمي رصين, لفقدت إحترامك ببساطة ولا سبيل لإعادته.
دارون قبل الوحي
حين دخل تشارلز دارون (ت 1882) جامعة كامبرج عام 1827 ليدرس اللاهوت لأجل الكهنوت, خصصت له نفس الغرفة في كلية المسيح Christ College التي سكنها ويليام بايلي قبل سبعين عام (ويليام بايلي: أحد أهم الفلاسفة اللاهوتين ممن وضعوا الأسس في إيجاد حجج تثبت وجود الإله وكان رئيس الشمامسة الأنجيليكاني في وقته). لقد تضمن منهج دارون الدراسي دراسة أعمال بايلي التي أعجب بها دارون بعمق. لقد نوه دارون على إمكانيته لكتابة مقالة بايلي: “نظرة في أدلة المسيحية”. ووصف كتاب بايلي “اللاهوت الطبيعي” بأنه مبهج وقرن بايلي بإقليدس (إقليدس عالم رياضياتي مشهور يلقب بأبي الهندسة كتب كتاب “العناصر” وهو من أكثر أعماله تأثيراً وكان يدرس منذ القرن الثاني وحتى أوائل القرن العشرين).
رغم أن فكرة التطور كانت متداولة لفترة, حتى أن تشارلز إراسموس دارون, كان نصيراً مهماً لها, ولكن لم يتعرف أحد على الألية التي تضمنتها. لقد طرح داروين هذه الألية عام 1859 في كتابه أصل الأنواع والذي أجل نشره لمدة تقارب العشرين سنة. ولكن كان هنالك عملاً مستقلاً للعالم الطبيعي ألفريد والاس والذي كتب لدارون عن أفكاره وشجعه على نشر كتابه ودفعه للظهور الى العلن. كان عمل دارون هو الأكثر تفصيلاً وأستحق الإعتبار الأكبر الذي تلقاه.
الإعجاز العلمي
- · لقد توقع دارون تحديداً أن أسلاف بشر يمكن تمييزهم سيتم العثور عليهم في أفريقيا, وقد عثر على العديد منهم.
- · توقع نظرية التطور أن إستخدام العوامل ضد-البكتيرية ستنتج في ظهور سلالات مقاومة. وهذا المبدأ يعد عماداً للطب المعاصر.
- · توقع علماء الإحاثة أن الأنواع التي تظهر التطور من أسماك الى برمائيات سوف تظهر في الطبقة الديفونية. وهذا المثال, بين عدة أمثلة أخرى, يفند الزعم الخلقي المتكرر أن “الأشكال التقليدية” (المفروض أنها تعني الأنواع الإنتقالية) غير موجودة.
- · لقد توقع علماء الإحاثة أن يجدوا إنتقالات من ثدييات اليابسة الى الحيتان لسنوات. وفي العقد الماضي, كانت المجلات العلمية, وكذلك وسائل الإعلام, مليئة بهذه اللقى. وإن بحثَ أنترنت بسيط سيأتي بمئات الأمثلة على الأنواع الإنتقالية.
- · توقعت نظرية التطور لدارون, أن عدد الأنواع المنقرضة أكبر جداً من الأنواع الحالية, وهذا بالضبط ما يؤكده أي عالم بيولوجي حالياً.
التحدي الأكبر ينقلب لإعجاز أكبر
بعد نشرها في القرن التاسع عشر, تم تحدي نظرية التطور على يد الفيزيائي الشهير ويليام ثومسون اللورد كيلفن, الذي أعطت حساباته في الثيرموديناميك عمراً للأرض أقصر بكثير مما يحتاجه الإنتخاب الطبيعي ليعمل. وقد عد دارون هذا هو التحدي الأكبر لنظريته. ولكن في ذلك الوقت, كانت الطاقة النووية مجهولة. وحين أكتشف هذا الشكل الجديد من الطاقة في أوائل القرن العشرين, تحقق كيلفن وسائر الفيزيائيين من أن الطاقة التي تنتجها التفاعلات النويية في مركز الشمس ستكون كفئة جداً, مما يسمح للشمس والنجوم الأخرى بالإستمرار لبلايين السنين كمصدر طاقة مستقر. في الواقع, يمكن القول أن نظرية التطور توقعت مصدر طاقة كهذا. وحين عرف كيلفن عن الطاقة النووية, سحب بكرامة إعتراضه على التطور.
الإخطاء
نظرية التطور, حالها كحال أي نظرية علمية أخرى, كان (وما يزال) من الممكن أن يتم تخطئتها, فأن فشل أي من التوقعات التي أبدتها نظرية التطور كان ليخطئها, ولكنه على العكس, أثبتها. وكتمرين عقلي (بلا قيمة في الحقيقة) أن تفكر في طرق أخرى لتخطئة التطور. كمثال, سيتم تخطئة التطور لو كنا سنجد بقايا أصيلة لكائنات خارج محلها في سجل الأحافير. تصور لو عثر على ثدييات (أحصنة, بشر, أفراس نهر, بقر) في الطبقة الباليوزوية المترابطة مع ثلاثية الفصوص trilobites والزئبقيات Crinoids والمرجان المنقرض. كان هذا ليثبت أنه نظرية التطور خاطئة ولم يكن هناك أي عملية تطورية. ولكننا لا نجد تضاربات كهذه.
ولكن فرضية (وأشدد هنا على كلمة “فرضية”) أن الله خلق البشر كشكل حياة مختلف, تم تخطئتها مراراً وتكراراً. فإكتشاف أسلاف البشر والـ DNA والترابطات التشريحية بين البشر والحيوانات الأخرى (بل حتى النباتات) وإستخدام الحيوانات في البحث الطبي كلها أثقلت كفة الميزان من ناحية التطور لترتفع الكفة الأخرى. ناهيك عن كل ما يحتويه سجل الأحافير ووجود الأنواع الأنتقالية والمشاهد الفعلية لنظرية التطور في المختبر Experimental Evolution والتي تخطئ وبشكل واضح فرضية أن الله خلق “أصنافاً” منفصلة من الأنواع أو أشكال الحياة في لحظة من من التاريخ وتركها بلا تغيير منذ ذلك الحين.
منشورات ذات شعبية