انزعوا مكبرات الصوت من المآذن

أصبح يوم الجمعة من أكثر أيام الأسبوع معاناةً بالنسبة لنا في الوقت الذي يُفترض أن يكون أكثر أيّام الأسبوع هدوءً واسترخاء بحُكم أنّه يوم العطلة بمعظم البلدان ذات الغالبية المسلمة كبلادنا، فمؤخرا بدأت تطفو للسطح ظاهرة مزعجة للغاية نُعاني منها كلّ يوم جمعة، وأعني ظاهرة تشغيل القرآن عبر مكبرات الصوت بالمساجد من بعد صلاة الفجر مباشرةً وحتى صلاة الجمعة دون توقفٍ أو تخفيضٍ لصوت المكبر، أي منذ الساعة الخامسة والنصف فجراً تقريباً وحتى الساعة الواحدة ظهراً. ونحن طبعاً لا نرى من ضيرٍ أو تثريب في أن يُمارس المتدينون عباداتهم وشعائرهم بالطريقة والكيفية التي يرونها ملائمةً لهم وبالتوقيت الذي يحلو لهم، ولكن شريطة أن لاّ يتسبب ذلك في إزعاج الآخرين أو أن يتسبّب بأضرار تلحق بهم.

والحقيقة فإنّني لاّ أرى إزعاجاً أكثر من أن تُجبِر الناس على الاستماع لشيء أو لمادة سماعية ـ كالقرآن المسجل بشرائط الكاسيت ـ بإمكانهم القدرة على سماعها عبر أجهزة المذياع أنّى شاء لهم ذلك، فالقرآن له قنوات إذاعية وتلفزيونية خاصة مهمتها أن تتلوه على مدار الساعة دون توقف، بالإضافة طبعاً إلى أشرطة الكاسيت والسيدي التي لا يخلوا منها بيت.

فلو أراد المسلم أو غير المسلم ـ الذي يعمل طيلة الأسبوع وينتظر بفارغ الصبر يوم الجمعة (العطلة الأسبوعية بمعظم البلدان الإسلامية) لكي ينعَم به ببعض الراحة والاسترخاء وتعويض بعضاً من ساعات النوم المهدرة بالعمل ـ أقول لو أراد هذا المسلم أو غير المسلم أن يستمع للقرآن فما عليه إلاّ أن يضغط ثلاثة أزرار: الأول زِر تشغيل التلفزيون، والثاني زر الريموت كنترول ليختار القناة القرآنية التي تحلو له من بين مئات القنوات القرآنية، والثالث هو زر رفع الصوت. فإذن ما الحاجة لتشغيل القرآن عبر مكبرات الصوت بالمساجد وإزعاج المسلمين وغير المسلمين الذين يريدون النوم أو الهدوء سيّما إذا علِمنا أنّ الجميع اليوم بإمكانهم أن يستمعوا للقرآن بمنزلهم لو أرادوا ذلك كما أوضحنا ؟!.

هذا مع الوضع بالاعتبار أنّه لا يُوجد نص قرآني أو نبوي يفرض على المسلمين (تشغيل) القرآن بالمساجد، سواءً عبر مكبرات الصوت أو بدونها، وسواءٌ يوم الجمعة أو غيره من الأيّام !! فإذا اتبعنا المدرسة الأُرثوذكسية / الوهابية الأكثر التزاما (بحرفية) النصوص الدينية سنجد أنّ الصلاة أو التلاوة القرآنية باستخدام مكبرات الصوت هي (بدعة)، وكلّ بدعةٍ ضلالة، وكلّ ضلالةٍ في النار، تماما كالسُبحة أو السِبحة ـ كما ينطقها السودانيون بكسر السين على نحوٍ خاطئ والتي يعتبرها السلفيون شركاً بالله !!

مجلة الملحدين العرب: العدد الخامس / شهر أبريل / 2013