غياب الدليل، الدليل الكوزمولوجي – الجزء الأول

لسوء حظ، الملحد أنه دائما مطالب بعمل الكثير، فهو دائما مطالب بالإثبات وتفسير كل شيء، وإجابة كل الأسئلة، لدرجة أن المؤمن يدعي بوجود إله، وبدلا من أن يأتي بدليل قاطع على ما يقول، يطلب من الملحد أن يبرهن على عدم وجوده!

قد ينزعج الملحد من وضعه هذا، وقد يشعر بالتعب من كثر الأسئلة الملقاة على عاتقه، وقد يخرج عن طوره ويهاجم (أو ينتقد) موقف الطرف الآخر بدون أن يستدعي الحوار ذلك. طبعا أنا أرى أن موقف المؤمن طبيعي جدا، وتدفق تلك الأسئلة على الملحد ضرورة منطقية، بمعنى أن كل الأسئلة التي تطرح مشروعة وضرورية بالنسبة للموقف الإلحادي، باستثناء المطالبة بإثبات عدم وجود إله.

بالنظر إلى الدور الذي تلعبه فكرة الإله، سيتضح أن فرضية وجود إله تجيب تلقائيا على كل الأسئلة تقريبا التي قد تخطر على بال الإنسان، قد يقبل المؤمن بعض أو كل الإجابات التي تقدمها النظريات العلمية، لكن العلم يترك ورائه أسئلة، كما أن هناك أسئلة ميتافيزيائية لا يجيب عنها العلم، إلا أن تلك الأسئلة لا تقلق المؤمن (في الغالب على الأقل)، لأن فكرة الإله ستكون إجابة نهائية على كل تلك الأسئلة. بعبارة أخرى، افتراض وجود إله يغلق باب السؤال (يمكن للمؤمن أن يفتح باب السؤال بالقدر المناسب في بعض الأحيان).

مجلة الملحدين العرب: العدد الرابع / شهر مارس / 2013