العدمية : موقف فلسفي يقول بأن العالم كله بما في ذلك وجود الإنسان، عديم القيمة وخال من اي مضمون أو معنى حقيقي. من أشد اعداء هذا الموقف الفلسفي، هو المؤمن، حيث يستدل على موقفه بمجموعة من الاسئلة البديهية: أيعقل أن هذا الكون عبثي بلا معنى، ليس له غاية، و ليس فيه عدل، و كل شيء ينتهي فيه بالموت؟
حسنا، هذه طريقة غير مباشرة للقول “هل يعقل أن هذا الكون لا يخضع لرغباتي أنا، و لا يحقق طموحاتي أنا، و لا يوفر لي الراحة و الحياة الأبدية التي أرغب فيها بشدة انا؟”. والجواب ببساطة: نعم يعقل تماما، وحتى ان لم يعجبك الامر. أما الذي لا يعقل ولا داعي لتصديقه فهو أن يكون الكون – بالصدفة البحتة – متوافقا مع احتياجاتك أنت النفسية و البيولوجية مئة بالمئة. ما لا يعقل – على الاقل بنسبة لنا كملحدين – هو أن يحتوى الكون على المعنى لأنك أنت تريده أن يحتوي على المعنى، و يحقق لك العدل لأنك أنت تريده أن يحقق العدل، و يمنحك الخلود لأنك تكره فكرة الفناء بشدة. ما لا يعقل هو أن يكون ذلك الكون من خلق كائن، صفاته – بالصدفة – هي كل ما ترغب فيه أنت وتختلف صفاته حسب صفاتك و اهتماماته هي اهتماتك – بالصدفة – تدور حولك أنت، فقط انت!
فهو رحيم لأنك أنت تحب الرحمة لك ولمن تحب، قاسي حين تريده أن يكون قاسيا مع خصومك أنت و من تراهم يستحقون العقاب، عادل لأنه يطبق ما تراه أنت عدلا، قادر لكي يحقق لك أنت كل هذا الذي تريده. كائن، و إن تدعي أنه الخالق، فهو في الحقيقة مخلوق من أجلك أنت، و إن تدعي أنه هو المصمم، فهو في الحقيقة مصمَم من أجلك أنت.
إن ما يعقل حقيقة، هو أن يكون الكون كما هو، يسير ببرودة و لايهتم ولن يهتم لنا او بمن نحب؛ فلا يعقل ابدا أن يكون الكون مُفصّلا بأكمله على رغباتنا كبشر لا يمكننا استيعاب مفهوم كل شئ، ونظن ان كل شئ موجود لأجلنا، هذا الكون لن يتغير من اجلنا هكذا وبهذه البساطة، بل نحن من علينا ان نتغير بما يتناسب مع طبيعة الكون، فنحن نعيش فيه وليس هو من يعيش فينا، هو موجود بنا او بدوننا.
ما يعقل حقيقة هو أنه بالفعل لا وجود للمعنى أو للعدل أو للرحمة وجميع رغباتنا البشرية خارج إطار الفكر الإنساني الفردي و الإجتماعي المحدود.
منشورات ذات شعبية