أخلاق بدون اله ولادين!

هذا المقال منقول عن مدونة بن باز «نبضات بن باز: عقلانية انسانية متحررة»

الاخلاق لا تتطلب الله او الدين:
هناك ادعاء ديني وهو انه لايمكن من دون الدين بني اساس للاخلاق وان الله مهم لنستمد منه الاخلاق. وهم هنا يقصدون الههم او ربما اي اله اخر. في الحقيقة ان الدين والله غير ضروريان للاخلاق والقيم. فمن الممكن ان تتواجد الاخلاق في انسان لاديني في النطاق العلماني، ونحن نرى الكثير من الملحدين يعيشون حياة اخلاقية.
سنتكلم اليوم عن بعض الاخلاق والنظم الاخلاقية .. يشاركني اليوم فيها صديقتي نجاة فارس. وسيكون لي الشرف ان تكتب اول نقطتين وباقي النقاط تؤول لي.
1- الحق حق
 
عندما تظهر اخطاؤك تاكد ان الكثير من الفشل قد وقع من وقت طويل مضى
ان انكار الخطأ لن يجعله يذهب، بل ان انكاره هو خطأ مركب. والعيش بهذا الخطأ والانكار يعني حياة فاشلة.
ان نقص الفهم بعواقب القرارات والافعال هو من يدفع الناس الى التفكير ان الانكار سيساعدهم. الانكار سيجعل سقطتك اكبر.
عندما يدرك الانسان تماما ان الانكار سيجعله يدفع الثمن غاليا فسوف يكون هذا دافعا الى ان يغيروا طريقهم وحياتهم الى الافضل
اننا اليوم في عصر الفيس بوك والانترنت والرغبه الانسانية لشفافية اكبر وعدالة اكبر ولايجب ان تكون جهودنا مجرد كلام بل فعل وهذا الفعل ينبغي ان يكون على المستوى الفردي لكل انسان فينا
وان لم تكن انت بالاساس لديك القدره لتبني اخطائك وعيوبك فلا تطلب منهم ان يفعلوا المثل.
ليست الاخلاق بقول الحكم والمثل العليا وان تطلب من الناس التعامل معها بجدية بينما انت على المستوى الشخصي تعاني من الانغماس في الرداءة. لايمكن ان ياتي الخير من انسان يطلب العلاج من امراضه وهو منغمس فيها.
على سبيل المثال: تجد شابا على الانترنت يصف نفسه بالناشط الحقوقي والمدافع عن الحريات بينما هو منغمس بالكذب على الفتيات الصغيرات والتحرش الجنسي ان امكن بل والاسوا هو استغلالهم ماديا. ان انسانا بهذا الشكل لايعرف ما هي الحرية ولا حقوق الانسان فضلا عن يستطيع الدفاع عنها والسعي الى تحقيقها
ان التغير الذي نريده ونسعى لرؤيته يجب ان نراه في انفسنا اولا ومن ثم هذا التغيير سوف ينعكس على كل تصرفاتنا الخارجية.
كثير من الناس تطالب بالسعادة والحرية وكان الحرية والسعادة تاتي من الخارج، اذا كان الانسان مليئا بالامراض مثل الكذب والخداع والشكوى من اجل الاستجداء والتباؤس فلن يجد بداخله مكانا متبقيا للحرية والسعادة.
 
ان اوقات الازمات في حياتنا مؤلمة ولكنها فرص ذهبية للتغيير في حياتنا والتحسن. لذلك اغتنم الفرصه وقل نعم للتغير والتعلم. انظر الى الحقائق التي تراها وابتديء من هناك
2- النزاهة 
 
ان النزاهة هي الفخر بالذات، عندما تكون نزيها فهذا يعني انك صرت تتحمل مسئوليتك عن افعالك الحلوه والسيئة. ان افعالك هي عملك انت ولا يجب ان تقوم بلوم الاخرين على اعمالك القبيحة. ان عدم كمالنا هو جزء من طبيعتنا البشرية ولكن لا تنسى ايضا انه الدافع للتعلم. فلا توجد حياة بلا اخطاء ولكن لن تنضج بدون ان تستفيد من تلك الاخطاء.
لذلك اقول لكم يا من تقفون في موقف حرج، ان افضل شيء هو ان تتوقف على اختراع الاعذار والتبريرات والقصص الواهية. تبنى خطأك وموقفك واعترف انك قصرت وقتا طويلا وبالتالي تستطيع التصحيح والتحرك
وعليك ان تعتذر لاولئك الذين جرحتهم او هاجمتهم لانهم فقط قالوا لك انه خطؤك وليس الامر ذنبهم.
الان وبعد ان تملكت الامر كله جاء دورك لتصلح .. هذا هو رأيي المتواضع والخيار لكم نجاة



3- الحب وحسن النية:
ان حسن النية تجاة الاخرين ضروري جدا للنظام الاخلاقي. فالتصرف الاخلاقي الحقيقي يجب ان يتضمن رغبه في ان ينجح الاخرين، يعني مثلا ليس من الاخلاق ان تساعد شخصا وان تتمنى من داخلك موته. وليس من الاخلاق ان تساعد شخصا من اجل طمع في جوائز او خوفا من تهديد.
ان حسن النية ايضا يشجع السلوك الاخلاقي بدون الحاجة الى ان يدفعك احد فهو يعمل كقوة دفع داخلية


4- السبب العقلي:
لابد ان نكون قادرين على التفكير بوضوح وبشكل متماسك عن قراراتنا الاخلاقية. اي انه يجب علينا ان نعلل اختياراتنا من بين خيارات اخرى متنوعه والعواقب المترتبة عليها حتى نصل الى استنتاج محترم. بدون التعليل لن يكون لدينا نظام اخلاقي


5- الشفقة والعطف:
ان الكثير من الناس تدرك ان التعاطف يلعب دورا مهما في الاخلاق. ولكن اهميته ستكون اكبر لو فهمناه بشكل افضل. ان معاملة الاخرين باحترام لا تتطلب اوامر من الله بل تتطلب مننا ان نكون قادرين على تصور كيف تؤثر افعالنا على الاخرين. وبالتالي القدرة على التعاطف مع الاخرين — والتعاطف هو ان تتخيل نفسك مكانهم ولو بشكل مختصر!
 
6- الحكم الذاتي الشخصي:
بدون الحكم الذاتي لن تكون هناك اخلاق. فلو صرنا روبوتات نتلقى الاوامر فان افعالنا هنا سو نسميها طاعه او معصية وان انبل طاعة لا يمكن ان تكون من الاخلاق. فلابد ان تكون لدينا القدره على الاختيار فيما نفعله وان نختار افعالنا الاخلاقية. ان الحكم الذاتي مهم لانه لن يكون اخلاقيا لو منعنا الاخرين من ان يكون لهم نفس مستوى الحكم الذاتي الذي نطالب به.


7- الاستمتاع:
في الاديان نجد ان الاستمتاع غالبا هو الطرف النقيض للاخلاق. ولكن هذا النقيض ليس كذلك بالضرورة في الاخلاق العلمانية، لان الاخلاق العلمانية تسعى الى زيادة قدرة الناس على الاستمتاع فهذا شيء مهم. ببساطه لانه لايوجد اعتقاد في حياة بعد الموت وبالتالي فان هذه الحياة هي كل شيء لدينا وعلينا ان نستفيد منها باكبر شكل. اذا لم نكن قادرين على الاستمتاع بالحياة فلما نعيش؟
 
8- العدالة والرحمة:
العدالة تعني التاكد من ان الناس تلقى ما تستحقه — يعني المجرم يلقى جزاؤه المناسب. الرحمة هي مبدأ تعويضي يشجع على ان تكون اقل قسوه مما ينبغي ان تكون. ان الموازنه بين الاثنين هو مفتاح التعامل مع الناس باخلاقية. فنقض العدالة خطأ وايضا نقص الرحمة خطأ. وهنا لا نحتاج الى اله يرشدنا. بل اننا نرى ان قصص الاله في الكتب المقدسة توضح انهم أخطؤوا كثيرا في الموازنه بين الامرين.
 
9- الامانة:
الامانة مهمه لان الحقيقة مهمة، والحقيقة مهمه لان اي صورة غير مكتملة للواقع لا يمكنها ان تساعدنا على البقاء والفهم. نحن نحتاج الى معلومات دقيقة عن ما يحدث ونحتاج الى طريقه نعتمد عليها لتقييم المعلومات ومعرفه ان كنا سنصل من ورائها الى شيء. المعلومات الخاطئة تعوقنا وقد تدمرنا. بالتالي فلا توجد اخلاق بدون امانه ولكن من الممكن ان تكون هناك امانه بدون اله. اذا لم يكن هناك اله فان الالحاد به امانه.
 
10- الايثار:
البعض ينكر وجود الايثار ولكن مهما اسميناها. فان هناك شيء موجود في كل الثقافات اسمه التضحية بشيء من اجل مصلحة الاخرين. انت لست بحاجه الى اي اله ليخبرك ان تقيم الاخرين لدرجه انهم ياخذون الاولوية عن احتياجاتك. ان اي مجتمع بدون تضحية سوف يكون بدون حب او عداله او رحمه او عطف.
 
اخلاق بدون اله:
 
اسمع بعض المتدينين يسالون ما هو الاساس لكي تكون اخلاقيا؟؟ ولماذا اهتم بالاخلاق اصلا؟ طبعا هم يعتقدون هكذا انهم اذكياء وانك الان تتصبب عرقا ولن تجاوب. انهم يذكرونني بالمراهق الذي يريد دحض كل حجة عن طريق الشك المتطرف فيها !
المشكله في هذه الاسئلة انها تفترض ان الاخلاق شيء يمكن فصله عن المجتمع الانساني والادراك وانها يمكن تبريرها وتوضيحها بشكل مسقتل. تمام مثل نزع كبد انسان من جسده ثم تسال كيف نشأ هذا الكبد ؟؟ وتتجاهل جسده الذي تركته ينزف على الارض.
النظام الاخلاقي هو غير قابل للفصل عن المجتمع الانساني بالظبط مثل الاعضاء في جسم الانسان ، صحيح ان وظائف الاعضاء يمكن مناقشتها بشكل منفصل، ولكن التفسير لكل واحد منها يتم في السياق العام للجسد كله. ان طارح هذا السؤال لا يمكنه تخيل ان الكبد ينموا نموا طبيعيا يعتمد على باقي الاعضاء
ان الاخلاق الدينية المبنية على اوامر الله لاتجيب على اسئلة طارحها لان الاجابة التي تقول علينا طاعة الله والا سنذهب الى النار بالتاكيد ليست اجابه
في مواضيع قادمة قد نجيب على هذه الاسئلة بشكل مفصل ولكن التفسير الابسط للاخلاق في المجتمع الانساني هي ان المجموعات الانسانية بحاجه الى قوانين معروفة لننفذها. ليس بامكاننا البقاء بدون اخلاق كما بالظبط لا يمكننا الحياة بدون اكبادنا