الصائمون والغاضبون: الملحدون يتحملون جوع رمضان لتجنب السجن

أجرى موقع Vocativ الإخباري الإلكتروني، والذي يختص بالقضايا العالمية الرائجة كما ينتج الأفلام الوثائيقة المختلفة، مقابلةً مع عددٍ من المُلحدين واللادينييّن العرب حول موضوع شهر رمضان، وأثره على غير المسلمين حيث أنهم مكرهون على الصّيام سواءً كان ذلك بشكل كليّ أو جزيءٍ في ساعات النهار الحارة، وتستعرض المقابلةُ تجارب بعض الأشخاص في هذه القضية، كما تتطرّق المقابلة إلى انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الشّرق الأوسط، والتي تتصاعد بشكلٍ كبيرٍ تماشيًا مع أجواء شهر رمضان،

واليكم نص هذه المقابلة:

هل هناك ما هو أسوأ من عدم القدرة على تناول الطّعام أو الشّراب لمدةٍ تصل إلى عشرين ساعةً يوميًا، في درجات الحرارة الملتهبة لمدّة شهرٍ كاملٍ بسبب معتقداتك الدّينية؟ إن كنت تظنّ أن لا شيء أسوأ من ذلك، فماذا عن فِعل كل ما سبق ذكره، ليس بسبب معتقداتك الدّينية، ولكن لأنك مجبرٌ أن تحاكي معتقدات الآخرين الدّينية من حولك وأن تصطنع صيامك كي لا يُزجّ بك في السّجن؟ 

هذا هو ما يفعله الملحدون في البلدان الإسلاميّة التي يعيشون فيها لإخفاء معتقداتهم، أو إخفاء عدم وجود معتقداتٍ لديهم أصلًا، وذلك لضمان سلامتهم؛ إذ تُجبر التّهديدات بالاعتقال أو العقوبة المرتدين واللّادينين وغير المؤمنين أن يعطوا الانطباع بأنّ صيامهم يحمل نفس مشقّة جميع الصّائمين المحيطين بهم، أو في بعض الحالات، أن يؤدّوا الصيام كُليًا في رمضان خوفًا من تعرضهم للاضطهاد والملاحقة، لذلك فإنّ الوضع يكاد يكون من المستحيل أن يتحمّله أحدٌ، كما يقول عددٌ متزايدٌ من الملحدين في العالم الإسلامي.

فمع دخول شهر رمضان المقدّس في الإسلام، يَحرمُ الأكل والشّرب والجنس والمتع الأخرى من الفجر حتى المغرب لمدة ثلاثين يومًا، ويؤدي هذه الشّعائر جميع المسلمين في العالم والبالغ عددهم 1.6 مليار مسلم، كما يُفطر المسلمون مع غروب كلّ شمسٍ بولائمٍ جماعيةٍ ضخمةٍ خلال الشّهر المقدّس. 

ولكن في الشّرق الأوسط وأماكن أخرى في العالم الإسلامي، فإن معاكسة التيار ورفض وجود إله وإعلان الإلحاد بشكلٍ واضحٍ علنًا يمكن أن يجني عواقبَ خطيرةً جدًا، ولا يمكن أن يكون الأمر أكثر وضوحًا أبدًا مما بكون عليه خلال شهر رمضان.

ففي حين يمكن للشّخص أن يمتنع عن المشاركة في الصلاة أو الطقوس الأخرى دون أن يلفت الانتباه غير المرغوب به، فإن الإعلان عن الإلحاد ورفض الإيمان بشكلٍ كاملٍ خلال شهر رمضان لهو بمثابة اللعب بالنار؛ إذ يمكن أن يتسبب هذا الفعل بقطع العلاقات العائلية والصداقات في أحسن الأحوال، وجذب عقوباتٍ قاسيةٍ قد تصل إلى الإعدام من سلطات الدولة في أسوأ الحالات. 

لقد حددت Vocativ عددًا من الأعضاء المؤثرين من مجتمع الملحدين النشطين على الإنترنت في الشرق الأوسط، ففي مقابلةٍ حصريةٍ مع ملحدٍ نشطٍ مجهول الهوية يسكن في مدينة جدة في المملكة العربية السّعودية (والذي يُغرّد تحت حساب @mol7d_Arabi)، تحدّث الضّيف لـ Vocativ عن مخاوفه من أن تمسك به السلطات لرفضه صيام شهر رمضان، حيث قال:

«إنّ التّهديد المستمر من أن يُقبض عليك وأنت لا تصوم يُفضي إلى عقابٍ شديدٍ من الجلد، وقد تصل العقوبة إلى عامٍ من السجن، وهذا ما يجعل المرء يقظًا وقلقًا دومًا، ويمكننا تشبيه رمضان بعيد الميلاد، غير أنّك مجبرٌ على الذهاب إلى القُدّاس وتلاوة صلواتك بقوة القانون».

ويضيف ضيفنا:

أنّه في حين قد يكون رمضان -باعتباره حدثًا ثقافيًا- لطيفًا إلى حدّ ما، بسبب وجود شعورٍ جميلٍ خلال الاحتفالات في التجمعات العائليّة والكثير من الطّعام؛ وذلك بعد غروب الشمس بطبيعة الحال، فإنّ الجانب السلبيّ الواقع على الملحدين هو إنفاذ الصيام إكراهًا عليهم، وشعورهم بكراهية الذات بسبب الاضطرار إلى أداء الطقوس الدّينية التي لا يؤمنون بها إطلاقًا».

ويقول أيضًا:

«أشعر بأنّني مُكمّمٌ، لأن الدّين هو السّبيل الوحيد للحياة هنا؛ إذ أنّه يسيطر على كلِّ جانبٍ من جوانبِ المجتمع، بدأً من القوانين مرورًا بلسلوك الناس، وإنتهاءً بالطريقة التي يرى ويقيّم فيها الناس الأخلاق والثقافة والعلاقات». 

كما يضيف ناشطٌ ملحدٌ آخر يسكن في دولةٍ من دول الخليج العربي وهو من يدير «قناة الملحدين بالعربي» على الإنترنت، وينتج فيديوهاتٍ ناقدةً للدّين على اليوتوب:

«على المرء أن يكون حذرًا من كل كلمةٍ يقولها وكلّ تصرف يفعله مع أي شخصٍ كان».

ويردف ملحدٌ ناشطٌ آخر طلب منّا أن نسميه باسمه المستعار «جون سيلفر»، قائلًا أنّه متمردٌ سرًا على الصّيام:

«أنا أبقى في العمل من دون طعام، ولكن بين الحين والآخر، أذهب إلى الحمّام لشرب الماء، وعندما أذهب إلى العمل في الصباح أتجه إلى مكانٍ خفيٍّ في السّيارة وأتخذ لنفسي شطيرةً صغيرة». 

ولكن إذا ما افتضح أمره، فإن العواقب ستكون قاسيةً على الأرجح. إذ يضيف سيلفر:

«سوف أفقد وظيفتي، وربما سأُعتقل أو يُزجّ بي في السجن، أو سأطردُ خارج البلاد، كوني أصلًا من سوريا».

وينضم لهؤلاء النشطاء العديد من الآخرين الغاضبين والمحبطين ممن يتحدّون الأعراف والتّشريعات من خلال اتّخاذ موقفٍ أكثر علانيةً على الإنترنت، وهو اتجاهٌ بدأ في الظهور في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، ومما أثرى ذلك الاتجاه الربيع العربيُّ الذي بدأ في عام 2011. 

فمن خلال منظماتٍ مثل «قناة الملحدين بالعربي» ومجموعاتٍ من قنوات اليوتيوب، يجتمع الملحدون العرب على الإنترنت لترجمة الكتب ذات الصلة بنقد الأديان -مثل كتاب ريتشارد دوكينز «وهم الإله»- والوثائقياث الناقدة والتثقيفيّة إلى اللغة العربية، ويدفعهم لذلك مشاعرٌ قد تمتد إلى ما هو أبعد من العداء تجاه الجوع القسريّ في شهر رمضان. 

وهو ما يؤكده الناشط الملحد الذي يسكن مدينة جدة، حيث يقول: «أشعر أنه من واجبي الإنساني التوعية والتثقيف وهدم الأساطير والخرافات الدّينية والأضرار التي تسببها لمجتمعاتنا».

وفي نفس السياق، يمكن للسلطات توجيه الاتهام للملحد في سبع دولٍ على الأقل، وتضم تلك الدول أفغانستان وإيران وباكستان والسودان وجزر المالديف وموريتانيا والمملكة العربية السعودية، وقد تصل العقوبة الواقعة على الملحد إلى الإعدام لعدم مثوله للمعتقدات، وهو ما أشار إليه الاتحاد الدولي للدراسات الإنسانية والأخلاقية (IHEU) في دراسةٍ أجراها في عام 2012، ولحسن الحظ فلم تُوثق مثل هذه الحالات القضائيّة في الآونة الأخيرة. 

ومن الجدير بالذكر أنّ المملكة العربية السعودية أصدرت في وقتٍ آنفٍ من هذا العام سلسلةً جديدةً من القوانين التي أعلنت اعتبار الملحد إرهابيًا. 

كما أشارت الدراسة السابقة الذكر إلى أنّ بلدانًا أخرى، من بينها مصر والأردن وإندونيسيا وبنغلاديش والكويت، تقيّد أو تحظر تمامًا أي إعلانٍ أ أو ترويجٍ للآراء الإلحادية بموجب القوانين التي تُعرّف تلك الآرآء على أنّها «تجديف».

The Fast & The Furious: Atheists Fake Ramadan Hunger to Avoid Jail

Posted: 07/08/14 07:27 EDT

Deep Web Reporting By: Noam Binshtok